الإثنين 2019/09/30

آخر تحديث: 14:55 (بيروت)

الذكرى الرابعة للتدخل الروسي: النصر على المدنيين

الإثنين 2019/09/30
الذكرى الرابعة للتدخل الروسي: النصر على المدنيين
Getty ©
increase حجم الخط decrease
في مثل هذا اليوم قبل 4 سنوات، بدأ التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، بعدما باشرت القوات الجوية الفضائية الروسية عملياتها القتالية، في خطوة غيّرت بشكل جذري مسار الحرب السورية لصالح نظام الأسد.

وجاء قرار التدخل بعدما أصبح وضع قوات النظام، بحلول خريف 2015، في أضعف حالته، وخسارتها السيطرة على أكثر من 60% من الأراضي السورية.

وفي 30 أيلول/سبتمبر 2015، أعلن رئيس الديوان الرئاسي الروسي سيرغي إيفانوف، أن بشار الأسد توجه إلى روسيا بطلب لتقديم مساعدة عسكرية لحكومته، ليطرح الرئيس فلاديمير بوتين على "مجلس الاتحاد" الروسي مشروع قرار يجيز له إرسال القوات المسلحة لتقديم الدعم الجوي لقوات النظام. المشرّعون الروس وافقوا خلال دقائق على القرار الجاهز، وبدأ الطيران الروسي في اليوم ذاته الإغارة على مواقع المعارضة السورية، مستثنياً تنظيم "الدولة الإسلامية".

وتم نشر مجموعة طيران حربي روسية تضم 50 طائرة ومروحية في مطار حميميم شمال غربي سوريا. وأطلقت روسيا والعراق وإيران وسوريا مركزاً للمعلومات في بغداد، مهمته جمع ومعالجة وتلخيص وتحليل البيانات حول الوضع في المنطقة، وتوزيع المعلومات ونقلها بسرعة إلى المقر العام للدول الأربع.

وتولت مجموعة من سفن البحرية الروسية المتمركزة في البحر المتوسط مهام حماية قاعدة حميميم وإمدادها.

وفي 7 تشرين أول/اكتوبر 2015، انضمت سفن تابعة للبحرية الروسية إلى العملية في سوريا، وأطلقت سفن متمركزة في بحر قزوين 21 صاروخاً مجنحاً، بمناسبة عيد ميلاد فلاديمير بوتين، وقد سقط عدد منها في الأراضي العراقية والإيرانية عن طريق الخطأ.

وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر، 2015، بدأ الطيران الروسي "الاستراتيجي" هجماته بالصواريخ والقنابل الغبية وشاركت قاذفات "تو-160" و"تو-95 إم إس"، في تدمير مواقع المعارضة والمدنيين في أرياف حماة وإدلب، وفي مدينة حلب.

في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، أسقطت مقاتلات تركية طائرة "سو-24" روسية كانت قد اخترقت المجال الجوي التركي وهي تقصف مخيمات للمدنيين السوريين الهاربين من المعارك إلى الشريط الحدودي مع تركيا. وبعد ذلك، توترت العلاقة بين البلدين إلى حدود القطيعة، وسط تراجع حلف الناتو عن دعم تركيا، وجهّزت روسيا قاعدة حميميم بمنظومة الدفاع الجوي "أس-400"، التي عجزت عن حماية القاعدة من الهجمات المتكررة بالطائرات المسيّرة.

في 8 كانون الأول/ديسمبر، جرّبت روسيا إطلاق صواريخ "كاليبر" المجنحة طويلة المدى من تحت الماء في مياه المتوسط.

وفي 22 شباط/فبراير 2016، أعلنت روسيا والولايات المتحدة عن التوصل إلى "اتفاق هدنة" لم يصمد لساعات على الأرض، وأعلنت روسيا تأسيس "مركز التنسيق للمصالحة في سوريا" التابع لقاعدة حميميم.

في 14 آذار/مارس، أعلن بوتين بدء سحب قواته من سوريا، إلا أن ذلك لم يترافق مع أي تغيير في حجمها على الأرض، وبقي الطيران الروسي يدعم قوات النظام في معاركها.

في 30 كانون الأول/ديسمبر 2016، أعلن عن اقامة "مناطق خفض التصعيد"، بضمانات من روسيا، وتركيا وإيران.

في شباط/فبراير 2018، قتلت قوات "التحالف الدولي" العشرات من المرتزقة الروس العاملين في "شركة فاغنر" الأمنية الروسية الخاصة، بعد هجوم فاشل على حقول النفط في ديرالزور. ويقود "فاغنر"، رجل الأعمال الروسي بريغوزين، المعروف بلقب "طباخ بوتين"، وقد شارك التخطيط العملي مع المسؤولين السوريين، قبل بدء الهجوم.

في 17 أيلول/سبتمبر 2018، أسقطت المضادات الجوية التابعة للنظام طائرة استطلاع "إيل-20" روسية، في معرض التصدي لغارة جوية إسرائيلية قرب سواحل اللاذقية. وقررت موسكو تزويد دمشق بمنظومات الدفاع الجوي "إس-300"، رغم الأوامر الروسية بعدم تفعيلها في مواجهة الغارات الإسرائيلية المتكررة، على المواقع الإيرانية في سوريا.

فعلياً، أسفر التدخل العسكري الروسي في سوريا، عن مقتل 6 آلاف و686 مدني، بحسب احصائية الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بينهم 808 امرأة، و1928 طفلاً، وتشريد ملايين السوريين.

وعدا عن القوات الجوية الروسية فقد أقحمت روسيا آلاف الجنود من الشرطة العسكرية ومن القوات الخاصة، والجنود المرتزقة، وساهمت باستعادة سيطرة النظام على مركز مدينة حلب والمناطق الشرقية منها، بعد تدمير كامل لمناطق المعارضة. وعلى غرار حلب، سيطرت قوات النظام بفضل الدعم الروسي، على مواقع المعارضة في العاصمة دمشق ومحافظات حمص ودرعا والقنيطرة.

واستهدفت المقاتلات الروسية مناطق المدنيين ألفاً و83 مرة، دمرت خلالها 201 مدرسة، و190 مركزاً صحياً، و56 سوقاً شعبياً. وتسبب قصف النظام المدعوم روسيا، بتهجير 3.3 مليون شخص عن منازلهم. وارتكبت روسيا 335 مجزرة في سوريا خلال الأعوام الأربعة.

روسيا استولت بعقود طويلة الأمد، على قاعدة حميميم الجوية، وميناء طرطوس، وعلى كامل صناعة وانتاج الفوسفات السورية، وعلى الحق الحصري للتنقيب عن الغاز والنفط في البحر المتوسط أمام الشواطئ السورية، وسط أنباء عن مفاوضات لتتولى إستثمار مطاري حلب ودمشق الدوليين. ويأتي ذلك، كدفعات لتمويل مشاركتها العسكرية في سوريا، والتي يُعتقد بحسب التقديرات الأميركية بأنها تُكلّفُ بحدود 2-3 مليون دولار يومياً.

روسيا أعادت تشكيل مراكز القوى في هيئة أركان النظام وقواته العسكرية، وبنت شبكة من الموالين لها في جميع مراكز القرار ضمن الدولة السورية. واقتسمت مع الايرانيين النفوذ على الأجهزة الأمنية، بينما فضل الإيرانيون التغلغل في المفاصل غير الرسمية والتي تناسب تشكيلاتهم المليشياتية.

كلفة التدخل العسكري الروسي في سوريا، كانت بدعم بشار الأسد، حتى آخر جندي سوري في أرض المعركة، وتدمير حواضن المعارضة، وحواضر سوريا، وتحويل البلد إلى ركام بالمعنى الاقتصادي والبشري. ويبدو أن الروس الذين تمكنوا أخيراً من وضع أقدامهم في مياه المتوسط الدافئة، غير مكترثين بأي شكل من أشكال التسوية الحقيقية للأزمة السورية، بل يفضلون بقاء البلد مصدراً لتهديد الجوار، والعالم، أمنياً، ما يعطيهم فرصة للتفاوض مع كل الأطراف الإقليمية والدولية.

الروس لم يشتبكوا فعلياً مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، التي تذرعوا بالتدخل في سوريا لقتالها، إلا في بعض مواقع البادية السورية، على الخط الواصل بين تدمر وديرالزور، وهي المنطقة الوحيدة تقريباً التي ما زال التنظيم ينشط فيها، رغم الإعلان الروسي المتكرر عن انتهاء التنظيم فيها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها