الأربعاء 2018/09/05

آخر تحديث: 11:19 (بيروت)

إدلب:روسيا تُرهب المدنيين.. للضغط على تركيا

الأربعاء 2018/09/05
إدلب:روسيا تُرهب المدنيين.. للضغط على تركيا
(Getty)
increase حجم الخط decrease
لم يتسبب القصف الجوي الروسي، الثلاثاء، في وقوع خسائر بشرية في صفوف فصائل المعارضة المسلحة ولا "هيئة تحرير الشام" المنتشرة في منطقة جسر الشغور وسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي. الغارات الجوية الروسية لم تستهدف اطلاقاً مواقع المعارضة ومقارها، ولا مستودعاتها، ولا تحصيناتها المنتشرة على كامل خطوط التماس، وإنما تركزت الغارات على أهداف مدنيّة؛ منازل ومزارع مأهولة بالسكان وسيارات وحافلات تنقل أهالي المنطقة النازحين الهاربين من القصف.

وكانت المعارضة قد رصدت انطلاق سرب من المقاتلات الحربية الروسية من مطار حميميم في اللاذقية، تولى شنّ 54 غارة جوية، مستهدفاً مدينة جسر الشغور غربي ادلب، وقرى وبلدات تتبع لها وتحيط بها من الجهات الأربعة. القصف استهدف أيضاً قرى وبلدات سهل الغاب شمال غربي حماة. وتوقف القصف عند الساعة السابعة من مساء الثلاثاء. ولم يتم تسجيل أي غارة جوية منذاك الحين.

الغارات الجوية الروسية قتلت 15 مدنياً على الأقل، وجرحت العشرات، بينهم أطفال. واستهدفت الغارات مركز مدينة جسر الشغور، وقرى وبلدات، حج محمود وجفتلك وغانية وانب وجدرايا وصراريف والصحن والبدرية وزيزون وقرقور وفريكة وبشلمون ومحمبل وعين السودة والجانودية وكفريدين، وغيرها.

حملة القصف المفاجئة على منطقة جسر الشغور تسببت بتشريد أكثر من 20 ألف مدني، قسم كبير منهم فضل الاحتماء في الأحراش والأراضي الزراعية حول التجمعات السكنية خوفاً من تجدد الغارات ليلاً، في حين فضّل قسم آخر من النازحين التوجه إلى شمالي إدلب وريف حلب الغربي.

الناطق الرسمي باسم "الجبهة الوطنية للتحرير" النقيب ناجي مصطفى، أكد لـ"المدن"، أن حملة القصف الجوي التي تعرضت لها منطقة جسر الشغور، ومناطق في سهل الغاب بريف حماة الغربي، الثلاثاء، تهدف إلى إرهاب الأهالي في المنطقة، وترويعهم من خلال إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا في صفوفهم. إذ تركزت الحملة بشكل خاص على أهداف مدنية، منازل، ومزارع مأهولة، ولم تستهدف مقار عسكرية أو مواقع يتمركز فيها مقاتلو المعارضة.

وأوضح ناجي أن حملة القصف الروسي تأتي للضغط على المعارضة في ادلب، بالتزامن مع استمرار المفاوضات بين روسيا وتركيا بشأن ادلب، و"يمكننا القول إن الحملة هي بمثابة عقاب جماعي لأهالي منطقة جسر الشغور الذين أظهروا تمسكهم بالمنطقة في الوقت الذي يتم فيه  التحدث عن إمكانية اجتياح منطقتهم من قبل مليشيات النظام للسيطرة عليها في إطار عملية محدودة تشمل ريفي اللاذقية وادلب الغربي وهذا ما يتم الترويج له".

عملياً، شهدت منطقة جسر الشغور وسهل الغاب الشمالي، ومنطقة جبل التركمان خلال الأسابيع القليلة الماضية، تحركات مكثفة للوجهاء، والفعاليات الشعبية التي تمثل الأهالي في المنطقة، والتقت الفعاليات أكثر من مرة بمسؤولين عسكريين أتراك في نقطتي المراقبة التركية، مطالبين بوضع المنطقة تحت الحماية التركية، ومنع أي عملية عسكرية للمليشيات، أو تقدمها نحو أي منطقة. ونظمت الفعاليات مظاهرات ووقفات احتجاجية، وأصدرت بيانات كذّبت فيها الدعاية الروسية بخصوص الأسلحة الكيماوية، وكذلك الاتهامات حول انطلاق الطائرات المسيرة من المنطقة، معتبرة أنها خديعة من أجل تهيئة الظروف والتمهيد لشن معركة ضد المنطقة.

اعتقال مروجي "المصالحات"، وعملاء النظام في المنطقة أزعج النظام وروسيا، وكانت "الجبهة الوطنية" قد شنت حملة مركزة ضد هذه الشبكات التي كانت على اتصال مباشر مع النظام وقاعدة حميميم، وكذلك وسطاء من أجل "التسوية"، في ادلب مناطق التماس المباشر مع مناطق سيطرة النظام. وتعتبر تلك المناطق حساسة، وقد جرت العادة أن يستغل النظام اتصالاته في مناطق التماس في مناطق المعارضة مع وجهاء وشخصيات محلية لتسهيل دخوله إلى المناطق المستهدفة بعمليته البرية. جسر الشغور وسهل الغاب كانتا من أكثر المناطق التي نشطت فيها الحملة الأمنية لـ"الجبهة الوطنية" في الآونة الأخيرة.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"أن المفاوضات الروسية–التركية بدت متعثرة، وتأتي حملة القصف كأسلوب ضغط بهدف تحقيق مكاسب في المفاوضات. وبحسب التطمينات التي تحدث عنها المسؤولون العسكريين الأتراك في نقاط المراقبة في جسر الشغور وسهل الغاب وجبل التركمان أثناء لقائهم بالفعاليات والوجهاء في المنطقة، فليس لديهم رغبة بالانسحاب من أي منطقة، ولا تغيير خريطة انتشار نقاط المراقبة التابعة لهم. أي أن الجانب التركي لن يسمح  لمليشيات النظام بقضم مناطق معينة، وهي رغبة روسية تضغط لتحقيقها في المفاوضات، وبالقصف.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها