الإثنين 2018/09/17

آخر تحديث: 10:55 (بيروت)

لماذا توقفت مباحثات التهدئة في غزة؟

الإثنين 2018/09/17
لماذا توقفت مباحثات التهدئة في غزة؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease
زار نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط جيمي ماكغولدريك، السبت الماضي قطاع غزة، قادماً عبر حاجز بيت حانون، ليغادر بعدها بأقل من ساعة، من دون الإشارة إلى هدف الزيارة أو اللقاءات التي أجراها هناك.

مصدر دولي مطلع قال لـ"المدن"، إن ماكغولدريك ناقش مسائل فنية تتعلق بملف الكهرباء والوقود القادم من إسرائيل. وأضاف أن المبعوث الدولي إلى الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، أصبح لا يأتي كثيراً إلى غزة ورام الله وبات يرسل نائبه لمعالجة أمور فنية طارئة، خاصة وأن مبادرته السياسية لتحقيق التهدئة وانعاش غزة لم تحقق أي اختراق وقد وصلت الى طريق مسدود، كما هو حال المبادرات الإقليمية الأخرى التي توقفت بحسب المعلومات المتوفرة.

وكشف المصدر أن مهمة ميلادينوف تشارف على الإنتهاء، ولن يُجدد له في هذا الموقع، حيث بات يسعى للحصول على تجديد في مكان آخر من هذا العالم؛ ولهذا يبعث نائبه إلى الاراضي الفلسطينية وتل أبيب ليعالج قضايا يومية وحياتية خاصة بسكان غزة، لاسيما الوقود والكهرباء.

في غضون ذلك، تتواصل القراءات والتقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن تصعيد ميداني مرتقب مع قطاع غزة، وذلك بعد توقف محادثات التهدئة، وكان هذا الموضوع العنوان الأبرز في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية. وتحدثت القناة "العاشرة" عن أن 12 ألف متظاهر شاركوا في مسيرات العودة على حدود قطاع غزة نهاية الأسبوع الماضي، في إشارة لعودة عنفوان هذه المسيرات.

موقع "واللّا" الإخباري اعتبر أن "تمسك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بمواقفه وتجميد مباحثات التهدئة، عوامل تدفع بإسرائيل تجاه الحرب في غزة"، في حين نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي قوله: "إننا الآن أقرب للتصعيد من التهدئة".

ولعل معارضة اليمين الإسرائيلي لأي تقدم على صعيد الملف قبل اعادة الإسرائيليين الذين بحوزة كتائب "القسّام" وخضوع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للضغوط، بالتوازي مع مأزق الإنقسام الفلسطيني، كانت بمثابة عوامل مجتمعة منعت نضوج أي اتفاق للتهدئة.

وفي خضم التحذيرات من انفجار الوضع الميداني في غزة، في ظل تلويح حركة "حماس" بتصعيد الأمور رداً على توقف التهدئة وعدم حصول اي شيء يغير الواقع المرير في القطاع، طلبت الحركة مهلة لتدارس الوضع قبل تلبيتها لدعوة مصرية لزيارة القاهرة والتباحث بشأن ردها على ورقة منظمة التحرير الفلسطينية حول المصالحة.

القيادي في "حماس" عاطف عدوان قال لـ"المدن"، إن حركته غير متحمسة لأي لقاءات لا تفضي إلى نتائج، خاصة وأن "ورقة فتح" أغلقت باب المصالحة، ما دفع "حماس" للتعاطي الحذر مع أي لقاءات غير مجدية في القاهرة، من شأنها أن تؤثر على معنويات سكان غزة. واعتبر أن "المفاوضات التي حصلت كانت للضغط او باتجاه مزيد من الضغط على قطاع غزة".

وأضاف عدوان أن الإتجاه العام لدى الحركة الآن هو الضغط على الاحتلال بتصعيد "مسيرات العودة" والوضع الميداني برمته باعتبار أن إسرائيل هي مصدر الأزمة، مشيراً إلى أن خيار غزة هو "خرق جدران الاحتلال أفضل من المواجهة مع أي أطراف أخرى".

في المقابل، قال مصدر من السلطة الفلسطينية، لـ"المدن"، إن مباحثات التهدئة توقفت بعد أن عادت مصر واقتنعت مؤخراً، بوجهة نظر رئيس السلطة محمود عباس، بجعل المصالحة أولوية قبل التهدئة، بالرغم من اختلاف وجهة نظر الطرفين في الفترة الماضية لدرجة جعلت العلاقة بينهما متوترة وعلى المحك.

وعن سبب اقتناع المصريين بوجهة نظر السلطة الفلسطينية، يرى المصدر أن أحد الأسباب يكمن في غضب مصر من حركة "حماس" بعد أن اكتشفت أن الحركة  كانت تعمل مع أطراف اقليمية أخرى  تعمل على صياغة صفقة أخرى برعاية  ميلادينوف. وادعى المصدر أنه كان هناك محاولة للخديعة ولتبهيت الدور المصري الذي كان يركز على حل برزمة واحدة.

بيد أن عدوان رد على ذلك بالنفي جملة وتفصيلاً، مُبيناً أن الوساطة القطرية موجودة منذ أشهر عديدة ومعروفة، وليس من المنطق والواقع القول إن "مصر تشاكلت مع حماس بسبب الدور القطري".

ويوضح عدوان "بالعكس.. اساساً كان الدور القطري يتكامل مع الجهد المصري، ذلك ان القاهرة لا تستطيع أن تقدم الاموال لغزة، فيما تعهدت الدوحة بذلك لو تمت الأمور بشكل مناسب".

ويؤكد على أن الدور القطري لم يكن سبباً لأي موقف جديد بوقف التهدئة وعودة مصر للإقتناع بوجهة نظر السلطة حول تبديل الأولويات، وتقديم المصالحة المتعثرة أصلاً على ملف ملح هو التهدئة وانعاش غزة.

وشدد القيادي في "حماس" على أن المشكلة في تعثر التهدئة تكمن في أن السلطة الفلسطينية استخدمت امكانياتها وأوراقها للضغط على مصر، وهددت الوساطات الإقليمية والدولية بأنها ستوقف كل الاموال التي تذهب إلى غزة شهرياً.

ويعني تهديد السلطة أن الوسطاء، لاسيما مصر وقطر، سيتحملون المسؤولية المالية الكاملة عن غزة، وستُحرم من حقوقها المالية القادمة من رام الله، وهو الأمر الذي ليس باستطاعة أي طرف اقليمي تحمله، ما أدى إلى توقف جميع الوساطات والمبادرات على هذا الصعيد.

كما تطرق عدوان إلى سبب آخر دفع القاهرة للإقتناع بوجهة نظر السلطة، وهو أنها تريد أن يكون في غزة جهة رسمية ومعترف بها دولياً، وهذا يعني أن تُهيمن على القطاع أمنياً وسياسياً، بالرغم من أن "حماس جزء من النظام السياسي ولها اغلبية في المجلس التشريعي"، ولهذا، فإن سيطرة السلطة الكاملة على غزة تحتاج إلى مصالحة، والأخيرة بحاجة إلى توافقات فلسطينية، فيما "الشيطان يكمن في التفاصيل، بل وفي كل صغيرة وكبيرة من الحياة السياسية" وفقاً لعدوان.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها