السبت 2018/07/21

آخر تحديث: 09:27 (بيروت)

"الاتحاد الديموقراطي" والنظام: الحاجة أُمّ المفاوضات

السبت 2018/07/21
"الاتحاد الديموقراطي" والنظام: الحاجة أُمّ المفاوضات
حضر مسؤولون أميركيون أعمال الملتقى (انترنت)
increase حجم الخط decrease
انتهت أعمال "ملتقى الحوار السوري-السوري" الذي دعا إليه "مجلس سوريا الديموقراطية" وحضره نشطاء مجتمع مدني وممثلو "معارضة الداخل"، في بلدة عين عيسى التابعة لمدينة تل أبيض شمالي الرقة. وناقش المؤتمرون خلال ثلاث جلسات حوارية عُقدت في 18 و19 تموز، "الجذر التاريخي للأزمة السورية" و"بنية النظام السياسية" و"وضع رؤى وتصورات للحل الأنسب في سوريا المستقبل".

وحضر الملتقى ممثلون عن "هيئة التنسيق الوطنية" و"مجموعة الضغط الوطني" و"حركة التغيير الديموقراطي" و"التحالف النسوي السوري لتفعيل القرار 1325" و"حزب النهضة والتغيير السوري". ودعا الملتقى في بيانه الختامي إلى التمسك بوحدة التراب السوري، وحل الأزمة السورية بالاسترشاد بالقرارات الدولية ذات الصلة، وحل موضوع المعتقلين والمغيبين قسرياً، والبدء بحوار وطني تلبية لتطلعات شعب سوريا في ظل نظام ديموقراطي علماني تعددي لامركزي تُضمن فيه حقوق الأفراد والجماعات وفق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان ومبادئ حقوق المواطنة المتساوية. وتقرر فيه تشكيل لجنة متابعة مهمتها التواصل والتنسيق مع القوى الوطنية والسياسية والمجتمعية لهدف إقامة حوارات أخرى.

وحضر مسؤولون أميركيون أعمال الملتقى، في الكواليس. فالملتقى الحواري كان على هامش جدول أعمال "المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديموقراطية" الذي أقيم في مدينة الطبقة، خلال 16 و17 تموز، تحت شعار "نحو حل سياسي وبناء سوريا لامركزية ديموقراطية" بمشاركة طيف واسع من "معارضة الداخل". ومن أبرز ما جاء في بيانه الختامي؛ إعادة هيكلة "مجلس سوريا الديموقراطية"، واقرار المؤتمر مرجعاً سياسيا لجميع الادارات الذاتية والمجالس المدنية و"قوات سوريا الديموقراطية"، وتخويله إجراء أي عملية تفاوضية. كما تضمن البيان وعوداً مبطنة من قبل "الاتحاد الديموقراطي"، قوة الأمر الواقع في الشمال الشرقي من سوريا، لشركائه بالقول: "بنية مجلس سوريا الديمقراطية التي تقوم على التحالف تفترض وجود التنوع في الرؤى، تتطلب مسؤولية الضرورة في الانفتاح، ووجود رؤية تنظيمة ديموقراطية واضحة لا تسيطر عليها ايديولوجيا محددة،  ولا رؤية حزبية واحدة".

ويبدو أن علاقة ما بين الحوارات التي تجري بين "معارضة الداخل" و"مجلس سوريا الديموقراطي"، وبين موضوع التفاوض بين "المجلس" والنظام. وكانت الناطقة باسم "الجبهة الديموقراطية" ميس كريدي، قد زارت مدينة القامشلي، في حزيران/يونيو، والتقت مسؤولين من أحزاب كردية متعددة. وتحدثت مصادر متقاطعة حينها أن كريدي، أوفدت من النظام، لحث الاحزاب الكردية على التفاوض. كريدي صرحت لوسائل الاعلام أن "مجلس سوريا الديموقراطية" أبلغها بقبوله التفاوض مع النظام، من دون شروط مسبقة.

ويواجه حزب "الاتحاد الديموقراطي"، منذ مطلع حزيران، ضغوطاً سياسية واعلامية من وسائل إعلام مقربة من النظام، لجهة نشرها تسريبات عن لقاءات تدور بين الطرفين كان اخرها ما تم تسريبه عن لقاء جمع بين الرئيس المشترك للحزب صالح مسلم، ومستشارة بشار الأسد بثينة شعبان، في مدينة الطبقة، على هامش "مؤتمر سوريا الديموقراطية". مسلم عاد وغرّد في "تويتر" لنفي لقائه بمستشارة الأسد، متهماً جريدة "الوطن" بالوقوف وراء نشر الشائعة. وكانت "الوطن" التي يملكها رامي مخلوف، قد نشرت سابقاً ما قالت إنه اتفاق بين "الإدارة الذاتية" والحكومة السورية، قبل أن تتهم مسلم لاحقاً بتخريب العلاقة بينهما، مشيرة الى ان مسلم يسعى الى تكرار مأساة عفرين، خدمة للاستخبارات التركية.

الرئيس المشترك لـ"مجلس سوريا الديموقراطية" رياض درار، أكد لـ"المدن"، "نحن مخولون للتفاوض باسم المناطق المحررة، كما كنا مخولين بالدفاع عنها. فنحن مظلة سياسية للقوات التي دافعت عن تلك المناطق، مظلة حقيقية للشكل الحوكمي باسم الإداراة الذاتية والمجالس المحلية والمجالس المدنية المشكلة في تلك المناطق". وأشار درار بأنهم قبل الدخول في التفاوض سيسعون لتشكيل "المجلس التنسيقي للمجالس المحلية".

وأوضح ضرار أنهم استُبعدوا من مسار التفاوض في جنيف من قبل المعارضة السورية ولهم الحق في بناء مسار سياسي والمشاركة في اللجان الدستورية حيث تتمحور الورقة التفاوضية حول الدستور السوري. درار نفى ما تروّجه وسائل الإعلام عن اتفاقات مع النظام انتهت الى انسحاب "قسد" من بعض المناطق، مؤكداً أنها شائعات يستهدف بها النظام المتخبطين، ولاشغال الحاضنة الشعبية لـ"قسد" بمسائل جانبية وهامشية، ودفع الخائفين إلى التسرع وارتكاب آثام التفاوض السريع، من دون أن يكون لها نتائج حقيقية.

وأشار درار إلى أنهم تفاوضوا مع النظام، حول سد الفرات، فقط، بهدف عودة الخبراء والمهندسين. وأضاف أنهم لا زالوا في مرحلة "جس النبض" وأنهم سيشكلون قاعدة تفاوضية صلبة من لجان ومستشارين يقدمون الرؤى للمفاوضين، بهدف الوصول إلى المسار الصحيح الخالي من التعصب والتطرف ومصالح اطراف معينة.

مسؤولو "الاتحاد الديموقراطي" كانوا قد نفوا، في أكثر من مناسبة، الأنباء عن اجتماعات واتفاقات مع النظام، رغم تأكيدهم على الاستعداد للتفاوض من دون شروط. ويأتي ذلك قي وقت قامت فيه "الادارة الذاتية" بإزالة قسم كبير من شعارات وصور حزب "العمال الكردستاني" في مداخل المدن، ما فُسّر بأنه ضمن سياق التفاوض. الأمر الذي نفاه القيادي في "الاتحاد الديموقراطي" آلدار خليل، معتبراً أن الهدف من إزالة الشعارات هو "إبراز الوجه الحضاري للمدن".

الخطاب المرن لـ"الاتحاد الديموقراطي" تجاه النظام في مسألة التفاوض قد يكون بسبب الحاجة، فالحزب يعاني منذ أكثر من سنة من مسؤولية إدارة مناطق واسعة تشمل الرقة وديرالزور، وسط فوضى أمنية وخدمية. وعدا عن غياب وتعطل "المؤسسات الخدمية الحكومية"، فإن تلك المناطق باتت تشهد مظاهرات تطالب بانسحاب "قسد"، والتوقف عن تجنيد أبنائهم قسرياً في صفوفها. المظاهرة التي حدثت في حي المشلب من مدينة الرقة، أواخر أيار، انتهت بمحاصرة قوات الأمن الكردية "الأسايش" للحي.

تسريب الأنباء عن التفاوض بين "الاتحاد الديموقراطي" مع النظام، لم تقف خلفه قنوات النظام فحسب، وإنما قوى داخل "الاتحاد الديموقراطي". وسائل إعلام كردية نقلت عن مصادر  مسؤولة في "الاتحاد الديموقراطي" وجود محادثات مع النظام لعودة المؤسسات المدنية مثل السجل المدني والعقاري والمصارف الزراعية، في حين لم يعترف مسؤولو "الاتحاد الديموقراطي" إلا بالمفاوضات حول عودة خبراء ومهندسي سد الفرات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها