السبت 2018/07/14

آخر تحديث: 08:07 (بيروت)

درعا: المعارضة تتنازل للنظام عن التلال الحاكمة

السبت 2018/07/14
درعا: المعارضة تتنازل للنظام عن التلال الحاكمة
تستعجل روسيا استعادة تل الحارة (Getty)
increase حجم الخط decrease
تواصل قوات النظام بدعم حليفها الروسي، "حلّ" عُقد محافظة درعا، والسيطرة على مواقع فصائل المعارضة تدريجياً باستخدام سياسة "المصالحات". وبدأت قوات النظام مرحلة السيطرة على التلال الاستراتيجية الحاكمة في ريف درعا الشمالي الغربي.

وعلى عكس ريف درعا الشرقي، الذي يمتاز بالطبيعة الجغرافية المنبسطة، يمتاز الريف الغربي بانتشار تلال حاكمة، تتيح لمن يسيطر عليها فرض السيطرة النارية على مناطق واسعة في محيطها، ويُعفيه من معارك السيطرة على المدن الملاصقة لها. ويُفسر ذلك، اندفاع قوات النظام للسيطرة على هذه التلال أولاً، ربما خوفاً من أن تشهد مفاوضات الريف الغربي انتكاسة غير متوقعة.

تل العلاقيات وتل عنتر، على أطراف بلدة كفر شمس، كانا أول ما سلمه "لواء بركان حوران" "التابع" لـ"الجيش الحر" إلى قوات النظام. وإلى الجنوب من مدينة إنخل، سلّمت فصائل معارضة تلي المطوق الكبير والصغير، واستقدمت قوات النظام رتلاً عسكرياً وصل إلى التلين، من دون دخول المدينة التي بدأت فصائلها على مدار اليومين الماضيين عملية تسليم أسلحتها الثقيلة. وكان اتفاق قد أُبرم في أنخل، قبل أيام، بين الجانب الروسي وفصائل المعارضة وهيئاتها المدنية. وحاولت "هيئة تحرير الشام" إفشال الاتفاق بمحاولتها السيطرة على التلين، وإبلاغها أهالي المدينة بنيتها إطلاق عمل عسكري ضد قوات النظام في "اللواء 15" قرب المدينة. لكن ذلك واجهته مظاهرات طالبت بإخلاء "الهيئة" لجميع مقارها في المدينة، وهو ما تم عصر الجمعة، بعد اتفاق سمح لـ"الهيئة" بإخلاء مقاتليها إلى محافظة القنيطرة.

ويبدو أن مصير تل الحارة الاستراتيجي، أهم تلال ريف درعا، مشابهاً. فالمفاوضات بين فصائل المعارضة في مدينة الحارة والجانب الروسي تقترب من التوصل لاتفاق. وتتخوف فصائل المعارضة، وأهالي مدينة الحارة، من أن تتخذ قوات النظام من التل قاعدة لقصف مدن وبلدات ريف القنيطرة التي من المحتمل أن تشهد معارك ضد المعارضة فيها. وتنتشر في ريف القنيطرة "هيئة تحرير الشام" ومجموعات معارضة ترفض "التسوية" مع قوات النظام.

استخدام تل الحارة كقاعدة للقصف، سيدفع الطرف الآخر للرد على مصادر النيران، الأمر الذي يثير مخاوف المعارضة أن تكون محاولاتها لتجنيب مدينة الحارة قصف النظام قد أوقعها في قصف الفصائل. وتبدو روسيا مستعجلة استعادة تل الحارة الذي خسرته قوات النظام آواخر 2015، لتفعيل منظومة الرادار والاتصال الروسية المتمركزة على قمته.

ولا معلومات عن مصير التلال المحيطة بمدينة نوى، مع غياب المدينة وفصائلها عن المفاوضات مع الجانب الروسي. وتسيطر "هيئة تحرير الشام" على تل الجابية الذي يُعتبر أبرز معاقلها في جنوب سوريا، بينما تسيطر فصائل مدينة نوى المحلية على تلي الهش وأم حوران على أطراف المدينة.

"جيش خالد بن الوليد" الذي أعلن بيعته الرسمية لتنظيم "الدولة الإسلامية" وانتقل لمسمى "ولاية حوران"، يسيطر على تل الجموع، والذي يُعتبر مدخلاً رئيسياً لمنطقة حوض اليرموك الخاضعة لسيطرته بالكامل، والتي يقطنها ما يقارب 50 ألف نسمة. وبدأت قوات النظام خلال الأيام القليلة الماضية بقصف حوض اليرموك، بشكل متواصل، بالبراميل المتفجرة، لإنهاك المدنيين ومقاتلي التنظيم قبل المعركة المتوقعة. وتواصل مليشيات النظام الدفع بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى منطقة مساكن جلين التي سيطرت عليها بالاتفاق مع فصائل المعارضة قبل أيام.

ورغم أجواء الثقة التي ظهرت بين فصائل المعارضة وقوات النظام في إجراءات تنفيذ الاتفاقيات، وجعلتها تصل بعد أقل من شهر على انطلاق معركة الجنوب، إلى مرحلة التنازل عن التلال الحاكمة لصالح قوات النظام، إلا أن خيار تهجير مقاتلي حوران الرافضين لـ"التسوية" ما زال يؤجل. وقد تكون التطورات التي شهدتها درعا البلد خلال اليومين الماضيين محاولة لإيجاد حل لهذا الملف العالق. وقد بادرت قوات النظام لإزالة السواتر الترابية الفاصلة بين مناطق سيطرتها في ضاحية درعا وحي سجنة، وبين مناطق سيطرة فصائل المعارضة بحي المنشية والجمرك القديم. وسهلت الفصائل دخول قوات النظام والجانب الروسي لرفع علم النظام وسط درعا البلد.

إحكام قوات النظام لسيطرتها على تلال ريف درعا الشمالي الغربي، يعني أن معركة الجنوب قد شارفت على نهايتها، مع انحسار سيطرة ما تبقى من فصائل المعارضة في محافظة القنيطرة، وتطويق تنظيم "الدولة الإسلامية" ضمن حوض اليرموك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها