الخميس 2018/04/12

آخر تحديث: 14:12 (بيروت)

"جيش الإسلام" في "درع الفرات": معضلة الوجود

الخميس 2018/04/12
"جيش الإسلام" في "درع الفرات": معضلة الوجود
الفصائل أجبرت القوافل على الانتظار لساعات طويلة (Getty)
increase حجم الخط decrease
تعرض مقاتلو "جيش الإسلام" الذين وصلوا إلى ريف حلب الشمالي الشرقي، في قوافل "التهجير القسري"، لضغوط كبيرة من قبل فصائل المعارضة المسلحة في منطقة "درع الفرات". قوافل المُهجّرين من دوما، التي وصلت إلى المنطقة تباعاً، منذ أوائل نيسان/أبريل، والتي أقلت مسلحين ومدنيين، كانت قد جوبهت، برفض فصائل "درع الفرات" لدخولها مباشرة إلى المنطقة بعد وصولها إلى معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب.

الفصائل أجبرت القوافل على الانتظار لساعات طويلة، في الطرف المقابل من المعبر، التابع لمليشيات النظام التي استغلت الفرصة لتوجه المزيد من الإهانات والشتائم للمقاتلين وعائلاتهم. مسلسل الإهانة والاذلال الذي تعرضت له قوافل المهجرين على طول طريق التهجير من الغوطة وصولاً إلى ريف حلب والانتظار الطويل، دفعها للقبول بشروط فصائل المعارضة في المنطقة للسماح لها بالدخول.

وأشاعت فصائل المعارضة المسلحة في "درع الفرات" بأن سبب تأخرها في الاستجابة لقوافل المهجرين القادمة من دوما في الغوطة الشرقية، عند معبر أبو الزندين العسكري، يعود إلى دواعٍ أمنية، بالإضافة لعدم جاهزيتها لاستقبال أعداد كبيرة من المهجرين، وانعدام التنسيق المسبق معها. الذرائع التي تحدثت عنها الفصائل، لم تقنع الأهالي والناشطين في منطقة "درع الفرات"، فخرجوا في مظاهرات غاضبة طالبت بالسماح للقوافل بالدخول، وتأمينها بالشكل المعتاد، في إشارة إلى مستوى الاستجابة المتدني بالمقارنة مع الاستجابة الإنسانية التي حصلت أثناء حملات تهجير سابقة.

المتظاهرون أحرقوا الإطارات في الباب، ورفعوا لافتات كتب عليها "يا جار نحن أهل الدار، لا نحن المهاجرين ولا أنتم الأنصار" و"أهل الغوطة أهلنا لا يمكن لأحد منعهم من الدخول" و"الدول الضامنة مهمتها مراقبة جبهات القتال لا إقامة حواجز لمنع دخول المهجرين"، و"يا نصير لا تعمل حالك أمير". العبارات في لافتات المتظاهرين، لمّحت إلى الدور السلبي الذي اتخذه الجانب التركي، وحملته مسؤولية عرقلة وتأخير دخول قوافل مهجري دوما، من "جيش الإسلام". وبسبب الضغط الشعبي، اعترفت فصائل المعارضة، بأن أوامر منع الدخول جاءت من الجانب التركي.

وبلغ عدد الواصلين إلى منطقة "درع الفرات" من عناصر "جيش الإسلام" وعائلاتهم ومدنيين آخرين 10408 شخصاً بينهم أكثر من 1000 مقاتل، اشتُرِطَ عليهم تسليم كل قطع الأسلحة التي يحملونها، وهي أسلحة خفيفة بطبيعة الحال. عمليات تسليم الأسلحة والتفتيش على أبواب مخيمات الإقامة المؤقتة ومخيم البل كانت تستمر في كل مرة ليوم كامل وسط استهجان مقاتلي الجيش وعائلاتهم. ومن المفترض أن تتم إعادة الأسلحة لأصحابها في حال قرروا مغادرة المخيمات بحسب الاتفاق مع فصائل المعارضة. لكن مقاتلي "جيش الإسلام" يعرفون أنهم لن يتمكنوا من استعادتها مرة أخرى. بعضهم طلب الاحتفاظ بسلاحه الفردي بغرض بيعه وصرف ثمنه على تدبير حاجات عائلته، ولم ينجح.

في دفعات المُهجّرين الأولى من دوما، طرحت الفصائل على مقاتلي "جيش الإسلام" العالقين في معبر أبو الزندين، القبول بدخول عائلاتهم والمدنيين إلى منطقة "درع الفرات"، وتحويل وجهة مقاتلي "الجيش" إلى معبر قلعة المضيق للدخول إلى ادلب. الطرح المقدم من الفصائل قوبل بالرفض القاطع من المقاتلين وعائلاتهم، بسبب العداء الكبير بينهم وبين "هيئة تحرير الشام"، التي كانت وما تزال تتوعدهم بالقتال في إدلب في حال دخلوها. مقاتلون من "الجيش" أكدوا تفضيلهم العودة إلى دوما مجدداً، على التوجه إلى ادلب قسراً.

مقاتلو "جيش الإسلام" كانوا يتوقعون ما سينتظرهم في الشمال السوري من ضغط واذلال، بدا وكأنه مخطط له مسبقاً، لذلك أصروا على التفاوض مع الجانب الروسي للبقاء في دوما، بأي شكل بعيداً عن خيار التهجير. وبعدما أصبح التهجير واقعاً بات "جيش الإسلام" أمام تحديات كبيرة يتوجب التعامل معها. مقاتلو "الجيش" عقدوا، الأربعاء، اجتماعاً موسعاً ضم عدداً من قيادات الصف الثاني التي وصلت مع القوافل، لبحث مستقبل "الجيش" والعروض والخيارات المتاحة أمامهم.

الخيارات المتاحة بالنسبة لمقاتلي "جيش الإسلام" في "درع الفرات" محدودة، أهمها التخلي عن مرجعيتهم السابقة، أي مشروع "جيش الإسلام"، وقطع الاتصال مع المملكة العربية السعودية التي كانت تدعمه، والانخراط في صفوف "الجيش الوطني السوري" الذي تدعمه تركيا في المنطقة. مقاتلو "الجيش" مطالبين بالكثير من الخطوات التي من شأنها أن تبدد مخاوف الجانب التركي، الذي يرى فيهم إشكالية قد تُهدد أمن المنطقة الأكثر استقراراً إلى حد ما، والتي تعتبر منطلقاً لعمليات توسع المعارضة المدعومة من الجيش التركي في الشمال السوري.

المزيد من قوافل المهجرين القادمين من دوما، ستصل الى الشمال، ومن الممكن أن تصل أعداد مقاتلي "الجيش" إلى 2000 وربما أكثر. عدد كبير لا يمكن الاستهانة به، خاصة مع اعتبار "جيش الإسلام" كأحد أكثر فصائل المعارضة تنظيماً، ولدى عناصره روابط عقدية وفكرية ومناطقية تجعله متماسكاً ورقماً صعباً في "درع الفرات"، في حال نجح بالبقاء كتشكيل مسلح يحمل الاسم ذاته تحت مظلة "الجيش الوطني". فهل ستقبل تركيا ببقاء التشكيل وضمه إلى صفوف "الجيش الوطني" ليصبح أحد تشكيلاته المهمة، كـ"فيلق خامس"، أم أنها ستصر على تفكيكه وتوزيع مقاتليه على الفيالق الموجودة؟

ويفترض أن تجتمع قيادات "جيش الإسلام" مع المعارضة المسلحة والجانب التركي خلال الأيام القليلة المقبلة، وستناقش مستقبل "الجيش" في "درع الفرات". وتركيا ليست وحدها قلقة من وجود "الجيش" في المنطقة، فبعض فصائل المعارضة لديها إرث من الخلافات معه، من بينها "أحرار الشام" و"الجبهة الشامية"، اللتان اشتركتا مع "جيش الإسلام" في مشروع "الجبهة الإسلامية" في العام 2014. وتنظر هذه الفصائل بعين الريبة إلى مستقبل "الجيش" في "درع الفرات". فهل ينجح "الجيش" في إرضاء جيرانه الجدد، ويحفاظ على بقائه؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها