الأربعاء 2018/03/14

آخر تحديث: 09:58 (بيروت)

هل يعود "داعش" للتمدد في البادية السورية؟

الأربعاء 2018/03/14
هل يعود "داعش" للتمدد في البادية السورية؟
"التحالف" دائماً ما يشاهد قافلات تتبع للتنظيم، تمر من مناطق تخضع للنفوذ الروسي (ستيب)
increase حجم الخط decrease
باتت البادية السورية الملجأ الأخير لتنظيم "الدولة الإسلامية"، عقب خسارته مناطق شاسعة شرقي سوريا. الطبيعة الجغرافية للمنطقة، ومجالات النفوذ الدولي والإقليمي فيها، جعلا لتنظيم "الدولة" موضع قدم في أربع مناطق في البادية: بادية البوكمال وأجزاء من الشريط الحدودي السوري–العراقي، وعمق بادية تدمر بالقرب من مدينة السخنة، وأطراف مدينة القريتين بالقرب من جبال القلمون، بالإضافة إلى بادية السويداء.

ويتواجد "داعش" في تلك المناطق، فعلياً، منذ أواخر العام 2013 حتى العام 2016، ونفذ سلسلة من الانسحابات الكبيرة منها نحو محافظة الرقة شمالاً، تلبية لنداء قادته لمواجهة حملة "التحالف الدولي" و"قوات سوريا الديموقراطية" التي انتهت بالسيطرة على الرقة نهاية العام 2017.

وعقب سيطرة "قسد" على المناطق شرقي نهر الفرات، وسيطرة مليشيات النظام على المنطقة غربي نهر الفرات، نفذ التنظيم سلسلة من الانسحابات، للمئات من مقاتليه، نحو عمق البادية السورية. وتعتبر البادية المنطقة الأولى التي لم تتمكن قوات النظام من فرض السيطرة أمنياً عليها، منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية في أذار/مارس 2011. ويعود ذلك نسبياً لمساحتها الشاسعة. ولطالما كانت البادية الملجأ الأول لتجار المخدرات، والمركز لعملياتهم "التجارية" نحو دول الجوار.

وتحوي البادية على جبال ومواقع إستراتيجية، ذات تحصين طبيعي كبير، ويصعب أن تتأثر بعمليات القصف الجوي، وتصعب السيطرة عليها برياً، في حال اتخذت كموقع عسكرية؛ كجبل مكحول في عمق الشامية، وجبل الصفا بالقرب من بادية السويداء، ومنطقة الأبيار في منطقة صريخي بالبادية الشامية، ومنطقة الثكنات بالقرب من "قاعدة الزكف" التي تتواجد فيها قوات أميركية، وأيضاً في الجبال المطلة على تدمر غربي مدينة السخنة.

مصادر "المدن" قالت إن مساحات كبيرة من البادية هي تحت سيطرة، غير كاملة، لقوات النظام، في حين سيطر التنظيم على البعض من المواقع المهمة، ومنها منطقة الثكنات قرب قاعدة الزكف، وتل الصفا الذي انسحبت منه مليشيا "حزب الله" اللبنانية مؤخراً عقب الضربات الجوية الإسرائيلية. كما يسيطر "داعش" أيضاً على وادي الوعر وتلال السخنة، ومنطقة الوديان في بادية البوكمال.

وتتركز سيطرة "داعش"، حالياً، في منطقة الوديان من بادية البوكمال، وهي منطقة صحراوية تحوي على بعض المنازل الصغيرة المتناثرة، وتقدر مساحتها بنحو 180 كيلومتراً مربعاً. وتمتد سيطرة التنظيم إلى مواقع جبلية بالقرب من مدينة السخنة، يتخذها التنظيم كمنطلق لعملياته العسكرية ضد قوات النظام في محطة "تي 2" النفطية.

وأشارت مصادر "المدن"، إلى أن التنظيم يتواجد في مساحات مشتتة تصل لأكثر من 120 كيلومتراً مربعاً، في مناطق قريبة من قاعدة الزكف ومنطقة وادي الوعر. واتخذ التنظيم من الثكنات العسكرية التي كانت تتبع لقوات "حرس الحدود" السورية مواقعاً له، وهي مفتوحة على الشريط الحدودي السوري-العراقي، ومفتوحة على منطقة السخنة، مركز العمليات الحالي للتنظيم.

وبالقرب من مدينة القريتين، في ريف حمص، المطلّة على جبال القلمون، يتواجد التنظيم بشكل محدود جداً، عبر أفراد لا يملكون سلاحاً ثقيلاً، وينتشرون في الجبال والمغارات المطلة على المنطقة.

وفي بادية السويداء، ينتشر التنظيم في جبل الصفا، على أطراف قرية طربا. ويتواجد عدد من مسلحي "داعش" بسلاح متوسط، وينفذون عمليات خطف وطلب للفدية ضد سكان القرى الدرزية غرباً، وهو ما يشكل عنصراً جديداً في نمو التنظيم الذي يعاني من مشاكل مالية.

"التحالف لا يستهدف تنظيم داعش الإرهابي في عمق البادية السورية"، بحسب ما قالته مصادر مطلعة من "قاعدة التنف" العسكرية الأميركية لـ"المدن". وأفادت المصادر بأن "التحالف" دائماً ما يشاهد قافلات تتبع للتنظيم، تمر من مناطق تخضع للنفوذ الروسي، أو على مقربة منها. ولا تقوم قوات "التحالف" بقصف تلك القوافل، وفقاً للاتفاقيات الأخيرة بين روسيا وأميركا، التي تنص على عدم النشاط في مناطق نفوذ الطرف الآخر. وفي حوادث متعددة، وعبر الخط الساخن بين الطرفين، أبلغت قوات من "قاعدة التنف" الجانب الروسي بوجود قوافل لـ"داعش" في مناطق نفوذها، ولكن الروس لم يقوموا باستهدافها.

وأضافت المصادر أن"قوات التحالف، وتحديداً القوات في قاعدة التنف، لن تقوم في الوقت الحالي، بأي مهام عسكرية، إلا في حال الخطر الشديد على قواتها من داعش أو من مليشيات النظام. وستقوم تلك القوات بدور دفاعي. ويتركز نشاط قوات التحالف، حالياً، على مساعدة السوريين ضمن منطقة 55 التي تخضع لاتفاقية مناطق خفض التصعيد، في مجال الإغاثة والمجال الإنساني".

مليشيا "حزب الله" التي تواجدت في مواقع متعددة من بادية الشام، انسحبت إلى مواقع لها في قاعدة السين العسكرية، ومزرعة الإماراتي، وبات تواجدها محدوداً في تلال البادية، باستثناء بعض التلال التي يتخذها "فيلق القدس" مقرات له بالقرب من بيار القصب وتل دكوة، وهي مناطق مطلة على ثكنات تابعة لـ"الفوج 16" الذي تسيطر عليه بشكل مباشر قوات إيرانية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها