الأحد 2018/11/25

آخر تحديث: 12:16 (بيروت)

محافظ درعا يخطب ودّ العشائر.. لحماية منصبه!

الأحد 2018/11/25
محافظ درعا يخطب ودّ العشائر.. لحماية منصبه!
محافظ درعا خالد الهنوس (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أجرى محافظ درعا محمد خالد الهنوس، جولة من الاجتماعات واللقاءات مع وجهاء وعشائر مدينة درعا، في محاولة لحشد تأييدهم للبقاء في منصبه، في مواجهة اجتماع عقدته عشيرة المسالمة، الأكبر من نوعه منذ سنوات، ووضع إزالة المحافظ من منصبه على رأس مطالبها.

وتضم مدينة درعا عشائر متعددة، تعتبر المسالمة من أكبرها وأبرزها، إضافة لأبازيد والمحاميد والكراد والجوابرة. ورغم أن المدينة مركز المحافظة إدارياً وحكومياً، وتضم خليطاً من السكان ما يجعلها أقرب للحياة المدنية منها إلى العشائرية، إلا أن العشائر استطاعت الحفاظ على وجودها، وما زال وجهاؤها يملكون القرار والتأثير على آلاف العائلات.

تأثير العشائر في مدينة درعا ظهر جلياً في بداية الثورة السورية، التي انطلقت من درعا البلد تحديداً، منطقة نفوذ العشائر الأكبر في المدينة. وحافظت العشائر على هذا التأثير بعد تحول الثورة إلى النشاط العسكري، فبرزت فصائل كانت قائمة بشكل رئيسي على نفوذ العشائر وتأثيرها، كـ"حركة المثنى الإسلامية" و"لواء التوحيد"، ولاحقاً "غرفة عمليات البنيان المرصوص" التي قادها جميعها أبناء عشيرة المسالمة بشكل رئيسي.

بعد انضمام فصائل درعا البلد إلى "اتفاقية التسوية" واستعادة مليشيات النظام السيطرة على أحياء المدينة، بشكل غير مباشر حتى الآن، تصادمت اللجنة المدنية المشكلة للتفاوض في درعا البلد مع محافظ درعا أكثر من مرة. واتهم مصدر في اللجنة، في حديثه لـ"المدن"، المحافظ بتعمد حرمان أحياء درعا البلد من الخدمات الرئيسية وابطاء عمليات ترميم شبكات المياه والكهرباء وتخفيض كميات الطحين إلى نصف حاجة الأهالي. القيادي السابق في المعارضة وعضو اللجنة حالياً أدهم الكراد، اشتكى في صفحته في "فيسبوك" من فشل اللجنة في تأمين إزالة القمامة المتراكمة في أحياء درعا البلد بعد تذرع البلدية بنقص الأموال والمحروقات والأيدي العاملة.

محافظ درعا الذي اقتصرت سيطرته طوال السنوات الماضية على أحياء درعا المحطة، الأقرب للحياة المدنية منها للعشائرية، استغل مبكراً استعادة مليشيات النظام للسيطرة على درعا البلد وبدأ محاولات استمالة أبناء العشائر من خلال عقد جلسات وزيارة وجهاء وأسماء بارزة في منازلهم. وعقد برفقة أمين فرع "حزب البعث" في درعا حسين الرفاعي، اجتماعاً مع عدد من أبناء عشيرة المسالمة في منزل جمال العقيل المسالمة، أحد أبرز وجوه العشيرة المقيم في مناطق سيطرة النظام طوال السنوات الماضية. وحضر الاجتماع أكثر من 30 شخصاً من الأسماء البارزة في العشيرة بينهم مفتي محافظة درعا الشيخ بسام المسالمة، وتمحور الاجتماع حول الاستماع إلى مطالبهم وتقديم الوعود بتنفيذها.

ووجهت لهذا الاجتماع العديد من الاتهامات، طالت المحافظ وأمين الفرع بانتقاءهم موالين للنظام والمقيمين في مناطق سيطرته، للاجتماع معهم ومحاولة تأليب أبناء العشيرة على بعضهم ببعض.

بالطريقة ذاتها، اجتمع المحافظ وأمين الفرع مع عشيرة الكراد، في منزل عاطف شحادة الطلب، المحسوب أيضاً من الموالين للنظام والمقيمين في مناطق سيطرته. بالإضافة لاجتماعات فردية عقدت مع وجهاء من عشيرة المحاميد.

تحركات محافظ درعا واجتماعه مع أسماء محددة من المتهمين بأنهم من موالي النظام، دفعت بعشيرة المسالمة إلى عقد اجتماع هو الأول لها منذ استعادة مليشيات النظام للسيطرة على درعا البلد. وشارك في الاجتماع الذي عقد في منزل القيادي مصطفى الكسم، أكثر من 100 شخصية من وجهاء العشيرة، وتحت حماية مشددة من أكثر من 80 مسلحاً من الموالين للكسم انتشروا في منطقة الشياح وأغلقوا كافة مداخلها. وكان من المقرر أن تنتخب العشيرة ممثلين لها، لكن تهديد ممثلي لجنة التفاوض بحلّ نفسهم في حال انتخاب أي لجنة جديدة، دفع المجتمعين إلى تجديد الثقة باللجنة، وتحميلها مسؤولية إيصال مطالبهم إلى مسؤولي النظام في دمشق.

عشيرة المسالمة طالبت بإقالة محافظ درعا وأمين فرع الحزب، كما طالبت بتوفير الخدمات الأساسية في درعا البلد بشكل كامل والاستعجال برفع أنقاض الأبنية وفتح الطرقات، كما تمت المطالبة للمرة الأولى بتمديد شبكتي مياه وكهرباء إلى منطقة الشياح على أطراف درعا البلد، والتي تحولت من منطقة زراعية إلى تجمع سكاني خلال السنوات الماضية بعد نزوح الأهالي من الأحياء التي تعرضت للقصف. هذا بالإضافة لمطالبتهم باستلام كافة الحواجز على مداخل درعا البلد بعد استكمال افتتاح كافة الطرق مع درعا المحطة.

شخصيات بارزة في العشيرة أكدت لـ"المدن" أن عشيرة المسالمة حصلت على وعود سابقة من مسؤولي النظام بتنفيذ مطالبهم، وأن وجهاء من العائلة سبق واجتمعوا مع رئيس "شعبة الاستخبارات العسكرية" في دمشق اللواء محمد محلا. كما أن كنانة حويجة ممثلة النظام في "اتفاقيات التسوية" أكدت لهم في اجتماعات سابقة على تنفيذ مطالبهم شريطة التعاون لإعادة الهدوء إلى درعا البلد وتسهيل استعادة سيطرة مليشيات النظام عليها بعد انتهاء مهلة "اتفاقية التسوية".

ويبقى السؤال الأكبر عن كيفية تعامل النظام مع مطالب العشيرة، التي تعيد الذاكرة إلى الأشهر الأولى من انطلاق الثورة وظهور حالة اجماع للعشائر وتبني الخطاب التصادمي مع ممثلي النظام داخل المحافظة. التجاوب مع مطالب عشيرة المسالمة بإقالة المحافظ وأمين الفرع، سيمنح ممثليها موقف قوة، في حين أن رفضها قد يؤدي إلى حالة من التصادم التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها، بين العشيرة التي مازالت تملك النفوذ والقوة على المستوى العسكري والمدني وبين النظام الذي يترقب انقضاء فترة "التسوية" لتجريد الفصائل والعشائر مما تبقى لديها من أسلحة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها