الأحد 2018/11/11

آخر تحديث: 17:14 (بيروت)

السويداء.. ما هو ثمن عودة المختطفين؟

الأحد 2018/11/11
السويداء.. ما هو ثمن عودة المختطفين؟
Sputnik ©
increase حجم الخط decrease

طوي ملف معاناة 17 سيدة وطفلاً اختطفهم تنظيم "الدولة الإسلامية" من محافظة السويداء في يوليو/تموز الماضي، بعد استعادتهم بتدخل روسي ووساطة لبنانية، لكن الحديث عن المأساة التي خلفت عشرات القتلى والمصابين عقب هجوم النظيم الدموي على المدينة وأدت إلى اختطاف مدنيين أبرياء، لم يغلق بعد.

خلال الأشهر الماضية، عاشت السويداء تحت حالتين من الابتزاز، الأولى كانت مساومة مارستها روسيا على بعض الزعامات الدينية متمثلة بشيخي العقل يوسف جربوع وحمود الحناوي، بالإضافة الى زعامة حركة رجال الكرامة ممثلة بالشيخ يحيى الحجار، طالبة منهم رفع الغطاء والكف عن احتضان حالات الفرار والتخلف عن الخدمة العسكرية، مقابل ضمانات أن يتم احتواؤهم ضمن صفوف الفيلق الخامس الذي شكلته روسيا، ما يضمن لها تفكيك سلاح الجماعات المحلية في السويداء.

الحالة الثانية، جاءت من الجانب الإيراني عبر الجناح المدعوم من ايران وحزب الله، حيث عرض على الزعامات المحلية، عبر مجموعة من الضباط جابوا عدداً من القرى، أن يقضي المطلوبون للاحتياط خدمتهم في المنطقة الجنوبية.

بين العرض الروسي والعرض الإيراني، يبرز التنافس الخفي في استراتيجية الطرفين لتثبيت سلطة كل منهما وتحكمهما في مفاصل القرارات الأمنية في السويداء. فقبل دخول الروس على الساحة بهذه القوة، كانت الأجهزة الأمنية تعتبر مثالاً على التبعية الأمنية العاملة لمصلحة ايران، ممثلة برجلها رئيس الأمن العسكري العميد وفيق ناصر المتحكم بجميع مفاصل القرارات الأمنية.

بداية عام 2016، دخل الروس إلى محافظة السويداء باستراتيجية تقوم على مبدأ تعزيز الجيش والحد من سطوة الأجهزة الأمنية، وعمل الروس على إعادة هيكلة اللجنة الأمنية في السويداء باشراك ضباط من قوات النظام لإدارة الملفات الأمنية في المحافظة، وكانت تلك الخطوة بداية لتفكيك مفاصل القرار الإيراني في السويداء، توّجت بكف يد العميد ناصر ونقله إلى خارج المحافظة.

تعامل الروس مع محافظات درعا والقنيطرة والسويداء بمثابة سلة واحدة في تشكيل ما يعرف بمنطقة خفض التصعيد، وكانت روسيا تعتبر السويداء بمثابة النواة الصلبة لتلك المنطقة لكون المحافظة تعيش حالة أشبة بالسلم واقتصار حالات الخلل الأمني فيها على بعض عمليات الخطف والسرقات، ووجود بعض المجموعات المحلية المسلحة. وستكون مسألة ترتيب الوضع الأمني سهلة لو تم التفاوض مع الأهالي على ملفي عودة الشباب إلى الخدمة العسكرية، وتفكيك المجموعات المسلحة وتنظيم سلاحها ضمن هيكيلة جديدة. إلا أن هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" في 25 يوليو/تموز الماضي جاء ليزيد من صعوبة تحقيق آمال الروس، بعدما تسبب انسحاب قوات النظام بتوسيع حلقة العداء له في السويداء، وإقرار شريحة واسعة من الداعمين لتسليم سلاح مليشيات محلية إلى النظام بعدم صوابية هذا التوجه، بعدما كان ذلك السلاح هو الوحيد الذي رفع للتصدي لهجوم التنظيم الدموي.

في هذه اللحظة، يبدو أن الروس وجدوا في ملف المختطفين الفرصة لإعادة ترتيب الأوراق بعد الفوضى الذي سببها هجوم "داعش"، ووعدوا منذ الأيام الأولى بتولي مهام انهاء ذلك الملف، لكن الجناح الموالي لإيران كان يجهد لتخريب أي اتفاق تسعى إليه موسكو مع التنظيم، من خلال فتح مفاوضات موازية مع "داعش".

الخميس الماضي، عادت آخر مجموعة من المختطفين، وبدأت بالتوازي مباحثات ضمن أروقة الزعامات المحلية لبدء دعوة الشباب للخدمة العسكرية، ورفع الغطاء عنهم. ومن الواضح أن ثمة خلافات جرت بين قائد حركة رجال الكرامة ومشيخة العقل حول ذلك، بالتزامن مع أنباء عن مهلة طرحت خلال اجتماعات في هذا الخصوص مدتها أسبوعين.

خلال الأعوام الماضية كانت العديد من اخبار تدخل مجموعات لفك اسر بعض المعتقليين من المطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية تنسب بقصد أو بدون قصد لحركة رجال الكرامة بقيادة الشيخ وحيد البلعوس إلا أن أكثر تلك الحالات كانت تتم من قبل عائلات محددة تستجمع بعضها وتقوم بحصار الافرع الأمنية لاطلاق سراح أبنائها المعتقلين.

لا شك أن رفع الغطاء سيزيد من معاناة أولئك الشباب شبه المحاصرين داخل المحافظة، وقد تكون الفئة الأضعف والتي قد تدفع للعودة للخدمة العسكرية هي فئة الموظفين الذين تم فصلهم، إذ يمكن ابتزازهم بإعادتهم إلى وظائفهم مقابل خدمتهم العسكرية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها