بدأت "قوات سوريا الديموقراطية" وقوات النظام، ليل الجمعة/السبت، تطبيق بنود "اتفاق العكيرشي" الموقع في 20 حزيران/يونيو 2017، القاضي بتسليم مناطق في ريفي الرقة الجنوبي والشرقي لقوات النظام.
ووقع الطرفان الاتفاق خلال اجتماع سري في بلدة العكيرشي شرقي مدينة الرقة، التي سيطرت عليها "قسد" مؤخراً. وحضر الاجتماع ما يقارب 10 أشخاص، ثلاثة منهم يمثلون قوات النظام، فيما يمثل البقية قيادات عربية وكردية منضوية في "قسد". ونص الاتفاق، على سماح قوات "قسد" لقوات "مقاتلي العشائر" التابعة للنظام بقيادة تركي البوحمد، بالدخول إلى بلدة العكيرشي ومنطقة الدلحة، قادمة من حقل العبيد النفطي جنوبي الرقة بعدما سيطرت عليه مؤخراً قوات النظام. الاتفاق تضمن عدم التعرض لـ"مقاتلي العشائر"، تمهيداً لتقدم قوات النظام شرقاً باتجاه مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف الرقة الشرقي.
وشمل الاتفاق أيضاً، السماح لـ"قوات مقاتلي العشائر" وقوات النظام من التقدم في ريف الرقة الشرقي، تحت غطاء جوي من الطيران الروسي، بهدف السيطرة على قرى الدلحة والمقلة وزور شمر والصبخة، وصولاً إلى قرية البوحمد شرقي الرقة. ثم ربطها بطريق بري مع قوات النظام التي تتقدم عبر البادية الجنوبية لمحافظة الرقة، باتجاه مدينتي السخنة وديرالزور، عبر الطريق الدولي الجديد "المدحول".
قيادي في "قسد"، قال لـ"المدن"، إن "الاتفاق جاء برعاية روسية، وقد يستكمل بعد انجاز مرحلته الأولى في ريفي الرقة الجنوبي والشرقي، ليشمل مناطق في ريف ديرالزور الغربي "الشامية"، التي من المحتمل أن تكون من نصيب قوات النظام أيضاً".
وأضاف المصدر، أن "قوات مقاتلي العشائر" مدعومة بعناصر من قوات النظام، تتمركز الآن داخل بلدة العكيرشي، بقيادة تركي البوحمد، والذي يعتبر القائد العام لتلك القوات في سوريا.
وبحسب الاتفاق، فإن 400 مقاتل من "قوات مقاتلي العشائر" وعناصر قوات النظام، سوف يستكمل ادخالهم إلى بلدة العكيرشي، خلال ثلاثة أيام، مزودين بكافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة، من دبابات وراجمات صواريخ وكاسحات ألغام ومضادات طيران من مختلف العيارات.
ردود الأفعال على اتفاق العكيرشي بدأت تظهر داخل قوات "قسد"، خاصة من بعض المكونات العربية المنضوية في صفوفها والرافضة لتواجد النظام معها في المعركة ذاتها. وهددت بعض المجموعات بترك جبهات القتال مع "داعش"، فيما يحاول البعض إيجاد طريق لنقل مقاتليه باتجاه مناطق سيطرة "قوات النخبة"، المتمركزة في قرى الجزرات في ريف ديرالزور الغربي، والتي انسحبت من معركة مدينة الرقة.
اتفاق العكيرشي سيسهل من مهمة قوات النظام، التي تهدف إلى التقدم باتجاه ديرالزور، عبر محورين؛ شمالي غربي قادم من ريف حلب الشرقي مروراً بريف الرقة الجنوبي، ومحور جنوبي شرقي، بهدف الوصول إلى مدينة السخنة للالتقاء مع قوات النظام، التي تتقدم من المحور الأوسط القادم من مدينة تدمر، والتوجه بعد ذلك نحو مدينة ديرالزور شمالاً والحدود السورية العراقية بالقرب من مدينة البوكمال شرقاً.
وتبدو مهمة قوات النظام ممكنة، خاصة لعدم قدرة تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يعاني من حالة انهيار مستمرة على المواجهة في تلك المساحات الجغرافية الواسعة، بسبب وجود غطاء جوي روسي، ووجود طرف آخر يقاتل في منطقة السرير الفراتي متمثل بقوات "قسد". ويعتبر اتفاق النظام مع "قسد" (وهي أكثر الجهات المدعومة من الولايات المتحدة) تنازلاً ضمنياً من أميركا عن الجهة الجنوبية لنهر الفرات لصالح النظام وشركائه.
الهدف الثاني للنظام من الاتفاق، هو إرضاء "قوات مقاتلي العشائر" وقائدها تركي البوحمد، والسماح لها بالتقدم باتجاه بلدة البوحمد مسقط رأس تركي، وعدد من عناصر المليشيا ممن يريدون العودة إلى ديارهم بعد خروجهم منها منذ سنوات.
وتعتبر "قوات مقاتلي العشائر"، من أهم القوات المحلية التابعة للنظام شرقي سوريا، وكانت قد تأسست قبل أكثر من أربع سنوات، على يد تركي البوحمد، وبعض أهالي قرية البوحمد في ريف الرقة الشرقي، و مجموعات متفرقة من أبناء العشائر في سوريا، وتتلقى الدعم والتدريب من مليشيا "حزب الله" والقوات الروسية. ويبلغ تعداد "مقاتلي العشائر"، بحسب قيادتها، ما يقارب 4000 مقاتل، موزعين على كل من حلب وحمص وديرالزور وريف حماة، وتحظى تلك القوات بدعم مباشر من زعيم مليشيا "النمر" سهيل الحسن، وتشترك معه الآن في معارك ريف الرقة الجنوبي.
ومن أهم العمليات التي خاضتها تلك القوات، معارك ديرالزور ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" خلال السنوات الماضية، كما كان لها دور مهم في سيطرة النظام على مدن القريتين وتدمر شرقي حمص، والسيطرة على ريف حلب الشرقي وريف الرقة الجنوبي.
قائد "مقاتلي العشائر" ومؤسسها تركي البوحمد، هو عضو المكتب السياسي لحزب "الاشتراكيين العرب"، وقد تلقى مؤخراً من قائد القوات الروسية في سوريا، وسام شرف، بسبب جهوده ومشاركته في معارك تدمر.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها