الجمعة 2017/02/17

آخر تحديث: 18:31 (بيروت)

روسيا لم تضمن إلا نفسها في "أستانة-2"

الجمعة 2017/02/17
روسيا لم تضمن إلا نفسها في "أستانة-2"
"وفد الفصائل العسكرية الثورية" لم يستلم، ولم يوقع على البروتكول الروسي (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
في اجتماع "أستانة-2"، وبعد ساعتين من الاجتماع ومناقشة مقترح "تثبيت وقف إطلاق النار"، الذي سبق وقدمته المعارضة في اجتماع "أستانة-1" في 23 و24 كانون الثاني/يناير، حاجج الروس بأن مقترح المعارضة لا يتماشى مع "القانون الدولي الإنساني"، فأصر وفد المعارضة على مناقشة بنود مقترحهم كل على حدة، وتثبيتهم بحسب الترتيب بعد النقاش.

عندها قال رئيس الوفد الروسي ألكسندر لافرنتيف، لرئيس وفد "فصائل الثورة السورية": "أننا نملك مقترحاً جديداً لتثبيت وقف إطلاق النار، وطرحناه على الجانب التركي، لكن أنقرة لم تعطينا ملاحظاتها عليه، ما أخر عرضه عليكم". الوفد السوري المعارض، رفض الردّ على مقترحه، بمقترح آخر، واعتبره "مضيعة للوقت".

واقترح الوفد الروسي إرسال موفد عسكري روسي إلى الغوطة الشرقية، بهدف نقاش الوضع الإنساني والخدمي، وسبل تحسينهما. الأمر الذي رفضه وفد الفصائل، وحصر نقاش أي مسألة عسكرية به.

وقال الناطق الرسمي باسم "وفد فصائل الثورة العسكرية" أسامة أبو زيد، لـ"المدن": إن "الضامن الروسي لإتفاق وقف إطلاق النار، يريد وقف قصفه الجوي، بينما سيضغط على النظام وايران لمحاولة وقف قصفهما الوحشي، وهذا اخلال بشرط وقف اطلاق النار".

لكن عدم الجدية الروسية، منذ بيان "أستانة-1" جعل تركيا تتعامل بقلة ثقة كبيرة مع الدور الروسي، خصوصاً بعد الذي جري في وادي بردى في ريف دمشق، والذي أفضى إلى تهجير مليشيات النظام القسري للمعارضة، في خرق كبير لاتفاق "وقف اطلاق النار". وجاء التمثيل التركي المنخفض، والمتمثل بمستشار في الخارجية التركية، وموظفين عاديين، وغياب كامل لجهاز الإستخبارات ووزارة الدفاع، ليدلل على خيبة أمل كبيرة لدى أنقرة، وشكوك كبيرة لديها في نية موسكو بإلزام قوات النظام والمليشيات الإيرانية التي تقاتل معه.

وأكد عضو في الوفد المعارض، لـ"المدن"، غياب الحماس التركي، وفاعلية أنقرة في "أستانة-2"، بخلاف دورها في المؤتمر الأول. وتجلى ذلك بعدم إيصال الدعوة الرسمية لوفد المعارضة لحضور المؤتمر، وتأخير انعقاده يوماً واحداً بسبب ذلك.

ونفى أبو زيد، تلقي المعارضة نسخة من المقترح الروسي حول "آلية تسجيل انتهاكات نظام وقف إطلاق النار المعلن في سوريا في 30 كانون الأول 2016". وحصر "البرتوكول" الذي حصلت "المدن" على نسخة منه، "خرق وقف اطلاق النار" بخمس نقاط هي: الأولى؛ الأعمال العدائية وأي استخدام للقوة (من قبل الأطراف الموقعة) ضد بعضها، والمجموعات التي تدعمها، والأجسام المشكلة من قبل الضامنين، والمنظمات الإنسانية الدولية العاملة في سوريا، وكذلك الهجوم والاستهداف بأي سلاح بما في ذلك الصواريخ والهاون ومضادات الدبابات الموجهة على القوات المسلحة للأطراف وللمجموعات التي تدعمها. والثانية؛ السيطرة على أراض تشغلها أطراف أخرى للاتفاق. والثالثة؛ مخالفة أحكام قرار "مجلس الأمن" 2254 بتاريخ 18 كانون الأول 2015. والرابعة؛ رفض السماح للوكالات الإنسانية بالوصول المستمر والآمن والسريع من دون معوقات إلى مناطق عملياتها "operating control"، وكذلك إعاقة وصول المساعدة الإنسانية إلى المحتاجين إليها. والخامسة؛ الاستخدام غير المتناسب للقوة الدفاعية "retaliatory force" بغرض الدفاع عن النفس.

"وفد الفصائل العسكرية الثورية" لم يتسلم، ولم يوقع على البروتكول الروسي.

وسلم "وفد الفصائل العسكرية الثورية"، مذكرة إلى الضامنين التركي والروسي، أشارت إلى "الإخفاق الملحوظ على صعيد الملف الإنساني، لاسيما لجهة عدم تنفيذ الوعود المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة واطلاق سراح المعتقلين وتسهيل حركة المدنيين والبضائع، وغيرها من قضايا إنسانية عالقة".

وطالبت المذكرة التي حصلت "المدن" على نسخة منها "الضامن الروسي على وجه التحديد أن يقوم بالخطوات الضرورية والعاجلة لتعزيز إجراءات بناء الثقة"، متمثلة في "التدخل والضغط على قوات النظام والمليشيات التابعة لإيران، من أجل وقف الهُدن القسرية التي يقومون بها أو يزمعون تنفيذها في المناطق المحاصرة الأخرى، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق المحاصرة، وضمان حرية تحرك المدنيين بلا قيود أو تهديدات على حياتهم".

ولفتت المذكرة إلى "تقرير منظمة العفو الدولية (آمنستي) في 7 شباط/فبراير، حول جرائم النظام بحق المعتقلين في سجن صيدنايا (المسلخ البشري) والذي أكد عبر وثائق وشهادات وأدلة ثابتة، قيام النظام بارتكاب عمليات شنق وإبادة جماعية طالت حوالي 13 ألف سجين ما بين العامين 2011 و2015".

وطالبت المذكرة "الضامن الروسي بالضغط على النظام للسماح بفتح سجونه ومراكز توقيفه المُعلنة وغير المُعلنة أمام لجان التحقيق والتفتيش الدولية، لوقف تلك الجرائم المروعة بصورة فورية، وإجبار النظام على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني في التعامل مع عشرات ألوف المعتقلين والمعتقلات المهددة حياتهم بالموت في كل لحظة".

ولم يتم نقاش المحاور الثلاثة المحددة في الاجتماع، الذي اقتصر على تشكيل مجموعة مراقبة "اتفاق وقف اطلاق النار"، فيما غاب بندا "آلية الكشف عن الخروق" ونقاش "إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة".

ولا يؤشر ذلك على فشل المؤتمر ونقاشاته، ولكنه يلغي عملياً اتفاق "وقف اطلاق النار"، بل وربما سيكون بداية تحول جديد في العلاقة الروسية التركية. ما ينذر بشكوك حول نهاية شهر العسل بين البلدين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها