الثلاثاء 2017/02/14

آخر تحديث: 12:37 (بيروت)

الوقائع الغريبة لسيطرة النظام على قرية أبو طلطل

الثلاثاء 2017/02/14
الوقائع الغريبة لسيطرة النظام على قرية أبو طلطل
إعلام النظام، عبر برنامج "هنا حلب"، قال إنّ محمد محمود حزوري، كان من المتعاونين معه (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
سيطرت قوات النظام، قبل أيام، على قرية أبو طلطل وبلدة تادف جنوبيّ مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، لتصبح على بعد كيلومترين من مدينة الباب من الجهة الجنوبية، الأمر الذي عقّد خريطة السيطرة الميدانية الآخذة في الارتسام في المنطقة. وفي الوقت ذاته فالتنظيم حاول أيضاً إشغال قوات النظام والجيش الحر بالاقتتال بينهما، لا سيما بعد أن أصبحت جبهاتهما متلاصقة، ما منحه وقتاً إضافياً للمكوث في النقاط التي تبقت تحت سيطرته في مدينة الباب والبلدات والقرى المجاورة لها، خصوصاً في ظل تشديد الخناق عليه.


(المصدر: LM)

سيطرة قوات النظام على قرية أبو طلطل، بدأت بعد قدوم مجموعة من تنظيم "الدولة" لاعتقال محمد محمود حزوري، أحد قاطني القرية، الإثنين، من منزله الواقع في منطقة الشماوية التابعة للقرية، متهمين إياه بالعمالة لـ"درع الفرات"، وطالبين منه إخلاء منزله. وبعد رفضه الاتهام ومغادرة المنزل، جرت مشادّة كلامية واشتباك بالأيدي بين المجموعة التي حاولت دخول المنزل وبين ثلاثة رجال كانوا متواجدين فيه، فقام أحد عناصر التنظيم بإطلاق النار على عبد الكريم حزوري، شقيق محمد، وشخص آخر من العائلة، ما أدّى لإصابتهما إصابات خطيرة، بحسب ما روته شاهدة عيان لـ"المدن".

وعلى إثر ذلك، أخرج محمد من منزله سلاحاً رشاشاً، وقام بقتل المجموعة المؤلفة من سبعة أشخاص، ثم استقل سيارته مع عائلته، هرباً من عناصر تنظيم "الدولة"، ولإسعاف قريبيه، متجهاً إلى قرية دير قاق التي كانت مكشوفة على النظام والجيش الحر، آنذاك. لكن ازدياد حدة القصف عليهم من عناصر "التنظيم" خلفهم، دفعتهم للخروج من السيارة. وبعد أمتار قليلة من مغادرتها، استهدفتهم قوات النظام بصاروخ حراري، ما أسفر عن مقتل محمد والجريحين اللذين معه، بشظايا السيارة التي انفجرت، إضافة إلى إصابة امرأته وثلاثة من أطفاله.

وكانت قرية دير قاق حتى ذلك الحين، خط تماس واشتباك بين قوات النظام و"درع الفرات" وتنظيم "الدولة"، قبل أن يتمكن النظام من السيطرة عليها.

الأم ظلت مع أطفالها يومين كاملين، وسط الجثث الثلاث، قبل أن تقرر وضع الطفلين على مخلفات غطاء قماشي للسيارة، وتقوم بسحبهما، زاحفةً تجاه مناطق سيطرة الجيش الحر، حيث تمّ أسعافها على الفور في مشفى مدينة "كيليس" الحدودية مع سوريا في تركيا. فيما وردت أنباء أن الجثث أصبحت بحوزة قوات النظام بعد سيطرته على قرية دير قاق.

إعلام النظام، عبر برنامج "هنا حلب"، قال إنّ محمد محمود حزوري، كان من المتعاونين معه، وإنه زوّدهم بإحداثيات مواقع التنظيم بشكل دائم. ولدى تواصل "المدن" مع جهات مقربة من حزوري، وجدت أنّ المعلومات صحيحة، فهو كان متعاملاً مع "فرع أمن الدولة" في حلب، ومعروفاً بعلاقاته القوية والمتينة مع جهات أمنية وعسكرية في قوات النظام. واتهام مجموعة التنظيم التي حاولت اقتحام منزله، له بـ"تعامله مع درع الفرات"، كان ملفقاً، يهدف لانتزاع منزله والتمترس فيه، بهدف مواجهة قوات النظام أو الجيش الحر في حال تقدم أي منهما، لاسيّما وأنّ موقع المنزل يتمتع بأهمية في المعركة، لإشرافه على جهات متعددة.

شكلت هذه العملية حالة من العداء لدى تنظيم "الدولة" ضد عائلة الحزوري، المنحدرة من قرية أبو طلطل، فقام عناصر التنظيم، الثلاثاء، باقتياد ثلاثة أفراد، غير معنيين بالحادثة، من بلدة تادف، وهم أحمد عبد القادر حزوري وابناه، بعد تعريتهم وربطهم إلى سيارة، والتجوال بهم في شوارع البلدة، بهدف التشهير باسم العائلة، وبعد ذلك اقتيدوا إلى سجون التنظيم في البلدة، من دون معرفة مصيرهم حتى اللحظة.

بعد ذلك، ظهر أن التنظيم فقد رغبته في الدفاع عن أبو طلطل، ولم يبدِ أي مقاومة لدى توغل قوات النظام فيها. وعدا أن ذلك ساعد قوات النظام في الاستيلاء على بلدة تادف، المجاورة والأكثر أهمية، إلا أن التنظيم انسحب من أبو طلطل تاركاً أهلها لمصير مجهول، لا سيّما وأن العديد منهم كانوا ضمن صفوف الجيش الحر قبل سيطرة التنظيم على مدينة الباب مطلع العام 2014، واعتزالهم القتال بعد ذلك، بموجب اتفاق مع التنظيم سمّي بـ"الاستتابة".

محمد، عميل للنظام، هرب من تنظيم "الدولة" الذي اتهمه بالعمالة لـ"درع الفرات"، فقتله صاروخ من قبل قوات النظام، وأسعفت المعارضة عائلته الجريحة. وأبو طلطل سبق وحررها الجيش الحر قبل أن يحتلها "داعش"، واليوم باتت بيد مليشيات النظام. الألوان على الخريطة قد تظهر مناطق سيطرة القوى المختلفة على الأرض، لكن الناس في تلك المناطق، مازالوا يعيشون على التخوم بينها.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها