السبت 2017/12/02

آخر تحديث: 16:34 (بيروت)

انتخابات الفيدرالية:النظام يدين..وأقليم كردستان يغيّر تحالفاته

السبت 2017/12/02
انتخابات الفيدرالية:النظام يدين..وأقليم كردستان يغيّر تحالفاته
دور ضعيف للمنظمات الدولية والمحلية في مراقبتها (Getty)
increase حجم الخط decrease
انتهت في وقت متأخر من مساء الجمعة عملية الاقتراع في انتخابات مجالس الإدارة المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية" في الشمال السوري. ومددت "مفوضية انتخابات فيدرالية شمال سوريا" التصويت لساعتين، ليل الجمعة، بسبب ما قالت إنه "إقبال كثيف على التصويت في بعض المراكز".

الرئيس المشترك لـ"مفوضية الانتخابات" روكن إبراهيم، قالت لـ"المدن": "الأجواء كانت ديموقراطية والاستجابة كانت جيدة بمشاركة جميع الأطياف والمكونات". وأضافت: "لم ننته بعد من عملية فرز الأصوات، كما لم نحدد بعد موعد صدور النتائج".

وخاض الانتخابات 5940 مرشحاً تنافسوا في قوائم للحزبيين والمستقلين، في ما تسميه "الإدارة الذاتية" المنبثقة عن حزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي، بـ"أقاليم الفيدرالية". وبلغ عدد صناديق الاقتراع في "إقليم الجزيرة"، الذي يضم مقاطعتي الحسكة والقامشلي، 899 صندوقاً، وتم تخصيص 5178 معلماً ومعلمة للإشراف عليها. وبلغ العدد الكلي للمرشحين في إقليم الجزيرة 3268 مرشحاً، موزعين على قائمتين؛ "قائمة التحالف الوطني"، و"قائمة الأمة الديموقراطية" التي تمثل أحزاب "حركة المجتمع الديموقراطي" وأبرزها "الاتحاد الديموقراطي".

وفي "أقليم الفرات" الذي يضم تل أبيض وكوباني، تم تخصيص مقاطعة كوباني بـ153 صندوقاً أشرف عليها 900 معلم ومعلمة، في حين كانت حصة مقاطعة تل أبيض 107 صناديق أشرف عليها 500 معلم ومعلمة. وبلغ عدد المرشحين الكلي في "إقليم  افرات" 1170 مرشحاً، بينهم 95 مستقلاً.

وفي "أقليم عفرين" الذي يضم مقاطعتي عفرين والشهباء، وزعت "المفوضية العليا" 32 صندوقاً على مقاطعة الشهباء أشرف عليها 215 معلماً ومعلمة، في حين خصصت مقاطعة عفرين بـ483 صندوقاً أشرف عليها 1553 معلماً ومعلمة. وبلغ العدد الكلي للمرشحين في إقليم عفرين 1502، توزعوا على "قائمة الأمة الديموقراطية" و"قائمة الحزب الديموقراطي الكردي/يكيتي" و"قائمة التحالف الوطني الديموقراطي السوري" و"قائمة الشهباء".

وتعتبر انتخابات مجالس الإدارة المحلية المرحلة الثانية من انتخابات الفيدرالية التي قسمت على 3 مراحل؛ الأولى كانت انتخابات لرؤساء الكومينات، والثالثة هي انتخابات الأقاليم و"مؤتمر الشعوب الديموقراطية" والتي ستنتهي بتشكيل "حكومة اتحادية".

وتجري هذه الانتخابات في ظل انتقادات لاذعة حول افتقادها لأهم الأسس الديموقراطية، كالاجماع الوطني والتعددية السياسية. فالقوى المشاركة في الانتخابات هي ذاتها من وضعت قوانينها، هذا عدا عن الدور الضعيف للمنظمات الدولية والمحلية في مراقبتها، ما يمكن أن يثير الشكوك حول نزاهتها.

ويشير بعض المراقبين إلى أن سوريا لا تزال دولة ذات سيادة معترف بها دولياً وعضو في الأمم المتحدة، وبالتالي فالحكومة السورية هي صاحبة الحق بالقيام بالاجراءات الدستورية والسياسية كالانتخابات، وأي جهة أخرى تقوم بذلك هيس خارج إطار الاعتراف الدولي.

وكانت "الإدارة الذاتية" قد تأسست بسبب الفراغ الأمني في المناطق الكردية بعد الانسحاب الأمني والعسكري للنظام، إثر اندلاع الثورة السورية.

الصحافي الكردي فرهاد أحمي، تساءل في معرض حديثه لـ"المدن"، عن الأسس القانونية أو السياسية التي انطلقت منها "الإدارة الذاتية" للقيام بهذه الانتخابات، مشيراً إلى أن "الإدارة" هي من تقر بأنها سلطة أمر واقع. وسلطة الأمر الواقع لها الشرعية الدولية في تأمين الأمور الخدمية فقط، وهي تتشكل من قبل الجهة الأكثر قوة، وهنا لا مجال للعملية الديموقراطية والسياسية.

ويضيف أحمي: "حين يقوم هذا الفصيل المسلح والمكلف بتأمين الامان والخدمات، باجراء انتخابات، فإنه بذلك يسعى لشرعنة سيطرته بقوة السلاح عن طريق تشريعات وقوانين تفرض بالقوة، وهنا تفقد هذه السلطة مشروعيتها". وتابع: "حركة المجتمع الديموقراطي تحاول شرعنة سلطتها باجراء هذه الانتخابات، ونتائجها لن تغير في تحكم الحركة بجميع مفاصل الحياة".

وتحدثت مصادر كردية عن زيارة ضباط روس لمراكز الانتخابات في القامشلي، متحاشين الظهور في وسائل الإعلام. وقال نشطاء لـ"المدن"، إنهم شاهدوا في مراكز القامشلي الانتخابية أجانب، مستبعدين أن يكونوا شخصيات سياسية مهمة، ورجّح البعض أن يكونوا من العاملين في قوات "التحالف الدولي".

وفي الوقت الذي لم تحظَ الانتخابات فيه باعتراف من القوى الوطنية والإقليمية، اهتم مسؤولو "الاتحاد الديموقراطي" بمشاركة وفد برلمان إقليم كردستان لمراقبة الانتخابات. واعتبرت القيادية في "الاتحاد الديموقراطي" هدية يوسف، أن مشاركة الوفد بمثابة اعتراف بالفيدرالية. ويحتاج "الاتحاد الديموقراطي" إلى تأييد اقليم كردستان للحصول على شرعية جماهيرية، إذ أن قسماً كبيراً من الأكراد السوريين يؤيد "المجلس الوطني الكردي"، المعارض لـ"الاتحاد الديموقراطي"، انطلاقاً من تأييده لإقليم كردستان العراق.

وقالت القيادية في "الاتحاد الديموقراطي" الهام أحمد، إن مقاطعة "المجلس الوطني الكردي" للانتخابات، أنهت دوره السياسي. ويرى البعض أن مشاركة "الديموقراطي الكردستاني" ضمن وفد من برلمان إقليم كردستان، تأتي في سياق سعي رئيس حكومة الإقليم لترتيب البيت الداخلي والرضوخ لمطالب "حركة التغيير" و"الاتحاد الوطني" بالانفتاح على "الاتحاد الديموقراطي". إلا أنها قد تكون مؤشراً على تغيير "الديموقراطي الكردستاني" لسياساته تجاه "الاتحاد الديموقراطي" على حساب علاقته مع "المجلس الوطني الكردي".

القيادي في "المجلس الوطني الكردي" هشيار ميراني، قال إن تعيين حواس عكيد، عوضاً عن عبد الحكيم بشار وفؤاد عليكو، في "الهيئة العليا للمفاوضات" جاء بسبب ضغوط إقليمية، خاصة تركيّة، لاضعاف ارتباط "المجلس" بإقليم كردستان.

من جهة أخرى، القيادية في "الاتحاد الديموقراطي" هدية يوسف، قالت لوكالة "رويترز" إن محادثات السلام في جنيف لن تصل الى حلول، ما دامت لا تشمل من يدير 30 في المائة من الأراضي السورية،  ولذلك فهم (الاتحاد) "يحاولون تطوير الحلول على الأرض" في إشارة لانتخابات المجالس المحلية.

رئيس وفد النظام إلى مفاوضات جنيف ابراهيم الجعفري، قال: "نرفض أي عمل أحادي الجانب دون التنسيق مع دمشق، لا يوجد شيء اسمه مناطق كردية وإنما مناطق سورية يتواجد فيها سوريون أكراد". وأضاف: "يوجد لدينا مجالس محلية بالدستور منذ 1973، نحنا لسنا بالصومال، هناك مرجعية سياسية في العاصمة، سوريا ليست دكاكين، سوريا دولة".

وعلى الرغم من أن "الإدارة الذاتية" لا تزال تتسم بالطابع الأمني والعسكري، إلا أن كثيراً من الأكراد يعوّلون على أن تكون هذه الانتخابات بداية لتأسيس حالة مدنية تقود تحولاً ديموقراطياً، يمكن أن يؤثر في عموم البلاد. الكاتب الكردي حسين عمر، قال لـ"المدن": "ستكون الانتخابات إحدى أهم ركائز بنيان مؤسسة خدمية منبثقة من إرادة الجماهير التي تؤمن بالتغيير، بعكس أمثال الجعفري ممثل النظام في محادثات جنيف، فهو وأركان نظامه وكذلك المعارضة الاسلاموية والمتحالفين معها، ينظرون لأي اجراء مماثل على أنه خارج اطار ما يعتبرونه الدولة. الانتخابات جرت ضمن هيكلية النظام المستقبلي الممكن لسوريا". وأضاف عمر: "اعتقد أن وجود وفد روسي، رفيع المستوى، لزيارة مراكز الانتخابات، هو رد كاف على استعراضات الجعفري في تصريحاته".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها