السبت 2017/11/18

آخر تحديث: 11:27 (بيروت)

اتفاق كريدي-درويش يحصر الحقوق الكردية في.. الثقافية

السبت 2017/11/18
اتفاق كريدي-درويش يحصر الحقوق الكردية في.. الثقافية
الاتفاق نتيجة محادثات سرية جرت في دمشق، ما يذكّر بكردستان العراق وتحرك طرف كردي ضد آخر (Getty)
increase حجم الخط decrease
يبدو أن طموحات حزب "الاتحاد الديموقراطي" بتحقيق وحدة جغرافية كردية تصلح أن تكون أرضية لقيام كيان كردي يربط كوباني بعفرين، قد تبددت، بعد التفاهمات الروسية-التركية والتي نتج عنها التدخل العسكري التركي في إدلب، وقبلها في جرابلس. وبات الحديث عن خروج أكراد سوريا من "المولد السوري بلا حمُّص"، هاجساً يؤرق الشارع السياسي الكردي، بعد تسريب صور تجمع قيادة الحزب "الديموقراطي التقدمي"، مع رئيسة "الجبهة الديموقراطية" ميس كريدي، قبل أن تتطور الاجتماعات بين الطرفين إلى اتفاق سياسي، تم توقيعه قبل أيام.

والحزب "الديموقراطي التقدمي" هو أحد الأحزاب الكردية الرئيسية التي لعبت دوراً في تأسيس "المجلس الوطني" ومن ثم الانضمام إلى "الائتلاف" السوري المعارض. ويتزعم "التقدمي" منذ أكثر من نصف قرن، عبدالحميد درويش، وهو أحد مؤسسي الحركة الكردية والصديق المقرب لعائلة زعيم حزب "الاتحاد الوطني" الكردستاني جلال الطالباني.

اتفاق درويش-كريدي، الذي احتفت به جريدة "الوطن" الموالية للنظام، جاء بعد محادثات سرية جرت في أحد فنادق دمشق، ما جعل النشطاء يتحدثون عن تكرار سيناريو كردستان العراق، واتفاق طرف كردي ضد آخر.

وقالت كريدي: "جرى الاتفاق بيننا على عقلنة المطالب، والحفاظ على وحدة سوريا، وأن تكون نقاشاتنا على التوافقات لا على نقاط الخلاف للتوصل إلى الممكن تحقيقه". ويتضمن نص الاتفاق: "الحل السلمي في سوريا، التداول السلمي للسلطة، الإفراج عن المعتقلين السياسيين، حل عادل للقضية الكردية في سوريا، العمل على عقد مؤتمر وطني سوري شامل يضم الممثلين الحقيقيين للشعب السوري"، بحسب الصحيفة الموالية.

وليس مفهوماً أبداً، ما هي الطبيعة السياسية لـ"الجبهة الديموقراطية"، ولا أهدافها ولا برامجها، في ظل إشاعات كثيرة طاولت رئيستها، كريدي، التي كانت نائبة لرئيس "هيئة التنسيق الوطنية" قبل أن تعيش فترة مضطربة في تركيا، عادت من بعدها إلى دمشق، وأصبحت مدافعة بحماسة عن النظام وعرابة "العائدين إلى حضن الوطن".

ولطالما استخدم النظام، خلال مؤتمرات جنيف السابقة، رئيس حزب "المبادرة الوطنية الكردية السورية" عمر أوسي، الذي شارك ضمن وفد النظام على أنه ممثل للأكراد. لكن، لم تنجح جهود أوسي في تحقيق قاعدة جماهيرية لحزبه، في المناطق الكردية.

وتسعى روسيا والنظام لعقد مؤتمرات بديلة عن جنيف، تحت مسميات "وطنية"، وكان هذا بنداً في اتفاق كريدي-درويش. ويُتوقع أن تجد الأطر التي تضم قوى تمثل أطيافاً مختلفة لنفسها حضوراً سياسياً في المحافل السياسية "الوطنية" المستقبلية.

ويرى مراقبون أكراد أن الاتفاق من شأنه أن يحصر الحقوق الكردية في الحقوق الثقافية. وهو أمر من المرجح أن يرفضه "الاتحاد الديموقراطي"، ما يعني أن الخلاف مع النظام سيتسع. وفشل الطرفان، خلال الأسابيع الماضية، في التوصل إلى اتفاق بخصوص شكل الحقوق الكردية في سوريا. إذ يريد النظام حكماً ذاتياً ضمن قانون الإدارة المحلية، فيما يصرّ "الاتحاد الديموقراطي" على الفيدرالية.

المتحدث الرسمي باسم "قوات سوريا الديموقراطية"، المنشق عنها، طلال سلو، قال إن "قسد" ستنهار خلال الشهور القليلة المقبلة، وأوضح أن هناك تفاهمات دولية على عدم السماح للأكراد بإقامة حكم ذاتي في شمال شرقي سوريا.

ومع ذلك، يعوّل "الاتحاد الديموقراطي" على قوته العسكرية، والدعم الذي يتلقاه بشكل مباشر من الولايات المتحدة، لفرض مشروع الفيدرالية كأمر واقع. لكن ذلك يمكن أن يصطدم بمسائل عديدة، من أهمها نفوذ النظام على بعض القوى العربية المتحالفة مع "قسد" ودفعها للانشقاق، خصوصاً بعد نجاح تجربة منبج، والوقوف في وجه قوانين "الاتحاد الديموقراطي". غياب "الاتحاد الديموقراطي" عن المؤتمرات الدولية، التي ينفرد بها "المجلس الوطني" المنضوي في "الائتلاف"، سيسهم في ضعضعة موقفه. هذا بالاضافة إلى ضعف موقف "الاتحاد الديموقراطي" الداخلي ضد دمشق، والتي باتت تملك ورقة عبدالحميد درويش، الذي قَبِلَ بدوره عرضاً أرخص من النظام.

الخريطة السياسية الكردية السورية، باتت الآن على الشكل التالي: "مجلس وطني كردي" يضم قوى سياسية محسوبة على الثورة السورية، وموجود ضمن "الهيئة العليا للمفاوضات" و"الائتلاف" المعارض، ويحظر عليه العمل السياسي في المناطق الكردية الواقعة تحت سيطرة "الاتحاد الديموقراطي". و"حركة المجتمع الديموقراطي" التي تضم "الاتحاد الديموقراطي" وأحزاباً صغيرة من مختلف المكونات. و"التحالف الوطني الكردي"، ويضم خمسة أحزاب، أهمها "الديموقراطي التقدمي" الذي قد يسعى لتشكيل تحالف عربي-كردي في المرحلة المقبلة.

السعي لتشكيل إطار كردي-عربي جديد، هو محاولة للتكيف السياسي مع الشروط الروسية، وهي خطوة يجد البعض أنها ستضع العصي في عجلات المشروع السياسي لـ"الاتحاد الديموقراطي". فيما يعتبرها آخرون قراءة سياسية واقعية للمستقبل، لتحقيق حضور سياسي عبر النظام، على غرار ما فعله بعض المعارضين بالعودة إلى "حضن الوطن".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها