الجمعة 2016/09/09

آخر تحديث: 14:26 (بيروت)

مقتل أبو هاجر الحمصي..أكثر من غارة جوية

الجمعة 2016/09/09
مقتل أبو هاجر الحمصي..أكثر من غارة جوية
أبو هاجر الحمصي وأبو مسلم الشامي (المدن + انترنت)
increase حجم الخط decrease
استهدفت غارة جوية، الخميس، اجتماعاً لقيادات الصف الأول من "جبهة فتح الشام" في كفرناها في ريف حلب الغربي، كما ذكر المكتب الاعلامي للجبهة. وأدت الغارة إلى مقتل أسامة نمورة المعروف بأسماء حركية مختلفة؛ "أبو هاجر الحمصي" و"أبو عمر سراقب" و"أبو خالد لبنان". و"أبو هاجر" هو عراب "جيش الفتح" وأميره العسكري العام، ويعتبر مهندس عملية فك حصار حلب.

ونجا من الغارة الجوية "أمير القوة المركزية" المعروف بـ"أمير كتائب النصرة" في "جبهة فتح الشام" أبو مسلم الشامي، بعدما أشيع خبر مقتله مع أبو هاجر، وظهرت صور له يتلقى فيها العلاج من جروح ليست بالخطيرة.

ويُعتبر نمورة من مؤسسي "جبهة النصرة" وله دور بارز في انتشارها في القلمون، وكان قد تولى "إمارة ادلب" ثم انتقل بعدها إلى "إمارة حلب". ونمورة من مواليد مدينة ادلب، وكان قد "هاجر" إلى العراق بعد دخول القوات الأميركية بعام واحد، واعتقل هناك في ظروف غامضة، ويُعتقد أنه التقى أثناء اعتقاله مع أبو بكر البغدادي. ونقل نمورة بعد ذلك، ونتيجة اتفاق بين الحكومتين السورية والعراقية، إلى سوريا، حيث سجن في "فرع فلسطين" التابع لـ"الأمن العسكري" لمدة ثلاث سنوات. وأخرج أبو هاجر من السجن، في ظل "العفو" الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، عن الإسلاميين، بُعيد انطلاق الثورة السورية. ومع الظهور العلني لـ"جبهة النصرة" بدأ نجم "أبو هاجر" باللمعان.

والغارة الجوية التي تسببت في مقتل نمورة وإصابة أبو مسلم، لا تشبه مثيلاتها من عمليات اغتيال أبرز رجالات "القاعدة" في سوريا، منذ بدأ طيران "التحالف الدولي" استهدافهم أواخر العام 2014.

وقال مصدر مقرب من "مكتب فتح الشام الإعلامي" لـ"المدن"، إن جميع القتلى من قيادات "فتح الشام" ("النصرة" سابقاً) في غارات "التحالف"، لم تبدو جثثهم شبه سليمة، كما جثة نمورة. كما أشار المصدر إلى أنه من النادر خروج ناجين من تلك الغارات، لشدة تركيزها وضخامة انفجاراتها، على عكس غارة الخميس.

وتابع المصدر بالقول إن مسيرة "أبو هاجر الحمصي" في التنظيم، وتباين توليه وعزله من مراكز قيادية، قد يكون دافعاً رئيسياً لتساؤلات حول طريقة اغتياله، طُرحت ويتم تجاذبها في أوساط قيادات وعناصر "فتح الشام"؛ فأبو هاجر أُبعِدَ من "إمارة ادلب" إلى "إمارة حلب" اضطرارياً، تخوفاً من مناصريه. كما عُزلَ وسُجِنَ في حزيران/يونيو 2016 بتهمة "سوء استخدام السلطة" بعد شهر من عملية جوية استهدفت اجتماعاً لقيادات "النصرة" في مطار أبو الضهور في ريف إدلب الشرقي، كان قد تغيّبَ عنه نمورة بشكل غير مبرر، ما أثار بعض الشكوك حول تسريبه المقصود أو غير المقصود لمكان الاجتماع وشخصياته، والذي كان "أمير النصرة" الفاتح الجولاني حاضراً فيه وخرج منه قبل تنفيذ الغارة بدقائق.

مصدر آخر مقرب من "فتح الشام" أكد لـ"المدن" عملية اعتقال نمورة في حزيران 2016، لكنه نفى أي شكوك أو اتهامات تتعلق باجتماع أبو الضهور، مشيراً إلى أن سبب تجميد "أبو هاجر" في الفترة الأخيرة هو رفضه القاطع لعملية فك الارتباط مع تنظيم "القاعدة"، وتحفظاته الدائمة على أي طرح يقدمه التيار المعتدل في "فتح الشام" والذي يمثله عدد من الشخصيات مثل أبو ماريا القحطاني ويوسف العرجاني وأبو حسن الكويتي ومظهر الويس.

وأُبعِدَ نمورة في الفترة الأخيرة عن مركز الثقة والقرار في "فتح الشام"، كما ذكر المصدر أن علاقة "أبو هاجر" مع الجولاني شهدت في الآونة الأخيرة تراجعاً شديداً، بالمقارنة مع طبيعة علاقتهما سابقاً؛ فـ"أبو هاجر" كان ممثلاً ذو صلاحيات واسعة للجولاني في جلسات تشكيل "جيش الفتح"، ما خوله تولي موقع "المسؤول العسكري العام" في "جيش الفتح". ويتابع المصدر بالقول إن جميع عمليات تصفية قادة "فتح الشام" استهدفت المخضرمين والمتشددين في "القاعدة".

وأضاف المصدر أنه من خلال متابعة سلسلة استهداف قيادات "النصرة" فلا يمكن لتلك العمليات أن تكون دقيقة من دون وجود فجوة أمنية وخرق في جسم التنظيم. فمعظم الغارات الجوية كانت تستهدف القيادات رغم إجراءاتها الأمنية وحذرها الشديد؛ ومنهم من تم اغتياله في سيارته مع مرافقيه، كما حدث مع رضوان نموس "أبو فراس السوري" في قرية كفر جالس في ريف إدلب في نيسان/إبريل 2016، وكذلك استهداف زعيم "جماعة خراسان" محسن الفضلي، الذي اغتالته غارة أميركية في ريف ادلب الشمالي في أيلول/سبتمبر 2014.

ويعتبر "أبو هاجر" مهندس اقتحام "النصرة" لمقرات "الفرقة 13" التابعة للجيش الحر في مدينة معرة النعمان، و"الأمير العسكري" للعملية التي قتل فيها 6 عناصر من "الفرقة 13" قبل مصادرة أسلحتها وذخيرتها بتهمة "الردة والعمالة لأميركا والغرب".

وتزامنت عملية اغتيال "أبو هاجر" مع الذكرى الثانية لمقتل عدد من أبرز قيادات "حركة أحرار الشام" في عملية غامضة، أودت بحياة 40 من قياداتها ومنهم قائدها ومؤسسها حسان عبود "أبو عبدالله الحموي"، في قرية تل صندل بالقرب من بلدة رام حمدان في ريف إدلب.

ويشير البعض إلى أن أغلب مقرات "فتح الشام" تعتبر أهدافاً سهلة حتى بالنسبة لطيران النظام، ولكن تنفيذ ونجاح مثل هذه الضربات من خلال استهداف مراكز الاجتماعات السرية ورصد تحرك سيارات المستهدفين بُعيد انطلاقها على الطرق لا يمكن أن تنجح من دون تسريب معلومات استخباراتية من داخل التنظيم.

ويُشير البعض إلى أن هدف تسريب المعلومات، إن كان صحيحاً، فهو للتخلص من منافسين ضمن التنظيم. وهو طرح لم يسبق أن أشير إليه سابقاً في أروقة "فتح الشام"؛ إلا أن متشدديها بدأوا يثيرون هذه التساؤلات، مستشهدين بجميع قتلى "النصرة" المحسوبين على الأكثر تشدداً.

القيادي السابق في "النصرة" صالح الحموي، كان قد نشر تغريدة في حسابه في "تويتر" المعروف باسم "أس الصراع في الشام"، قُبيل اغتيال "أبو هاجر" تحدث فيها عن وجود "قمرين صناعيين أميركيين، يجوبان أجواء سوريا منذ أحد عشر يوماً، ولا تمر سيارة إلا ويرونها، وهذا يعني بدء مرحلة المسح والتنصت. على القادة أخذ الحذر". والحموي، الذي لايزال يعتبر شخصية مطلعة على خفايا "فتح الشام" رغم انفصاله عنها، عاد ونشر بعد مقتل "أبو هاجر الحمصي" تغريدة أخرى في "تويتر" جاء فيها: "أبو هاجر الحمصي في آخر أيامه أجرى مراجعات شاملة وصحح كثيراً من الأخطاء التي وقع فيها، ويُقر بذلك خصومه قبل أتباعه. وأبدى مرونة مع الفصائل لم يعتد عليها". الأمر الذي يؤكد تشدد أبو هاجر، وعلاقته المتوترة مع بقية الفصائل، خاصة بعدما كَثُرَ الحديث عن محاولات فاشلة لاندماج الفصائل الإسلامية في الشمال السوري.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها