الأربعاء 2016/07/20

آخر تحديث: 16:50 (بيروت)

منبج: أعمال انتقامية لـ"سوريا الديموقراطية" أم لـ"التحالف"؟

الأربعاء 2016/07/20
منبج: أعمال انتقامية لـ"سوريا الديموقراطية" أم لـ"التحالف"؟
ولقي ما لا يقل عن 160 مدنياً مصرعهم، ومعظمهم من الأطفال والنساء (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
سقط عشرات القتلى المدنيين، الثلاثاء، في قصف جوي من قبل "التحالف الدولي" على قريتين شمالي منبج وجنوبها، في ريف حلب الشرقي. الحادثة هي الأبرز منذ إطلاق "التحالف" حملة للسيطرة على منبج، عبر الدعم الجوي والبري لـ"قوات سوريا الديموقراطية" المعروفة بـ"قسد" والتي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية غالبيتها العظمى.

ولقي ما لا يقل عن 160 مدنياً مصرعهم، ومعظمهم من الأطفال والنساء، بعدما شنّ طيران "التحالف الدولي" 15 غارة جوية على قرية التوخار الخاضعة لسيطرة "الدولة الإسلامية" شمالي مدينة منبج. وتشهد المنطقة اشتباكات وعمليات كر وفر، بين "قسد" و"داعش".

وقال شاهد العيان ضياء أبو محمد، لـ"المدن"، إن طيران "التحالف الدولي" استهدف القرية، التي تبلغ مساحتها كيلومترين مربعين، بأكثر من 15 غارة جوية، بصواريخ حارقة شديدة الانفجار، وذلك أثناء تجمع المدنيين في بعض منازل القرية، خوفاً من الاشتباكات، ما أدى إلى مقتل 117 شخصاً على الفور، فيما فارق آخرون الحياة خلال عملية انتشالهم من تحت الأنقاض، نتيجة لغياب سيارات الإسعاف وفرق الدفاع المدني، بعدما اقتصرت عمليات انقاذهم على جهود المدنيين من القرى المحيطة.

وأوضح المصدر أن قرية التوخار بدت خالية من طرفي القتال، قبل استهدافها بيوم واحد، بعدما انسحب الطرفان إلى القرى المحيطة بها. الأمر الذي فسّرهُ كثيرون بأنه تعمد واضح لاستهداف المدنيين، لتحقيق أهداف لاتزال غير مفهومة. كما قتل عشرة مدنيين في قرية حيمر لابدة، جنوبي منبج، بقصف جوي لـ"التحالف الدولي".

وليست هذه هي المرة الأولى التي يرتكب طيران "التحالف" مجازر في منبج وريفها، فقد سبق وقصف طيرانه قرية بير محلي شرقي صرين، قبل عام تقريباً، وراح ضحيتها أكثر من 60 مدنياً.

ويُرجح البعض أن هناك أسباباً تجعل "التحالف الدولي" يستهدف المدنيين بشكل مباشر، رغم امتلاكه لوسائل الكترونية متطورة تُمكّنه من تحديد ماهية الأهداف. وأهم سبب لاستهداف المدنيين، هو إحداثيات الأهداف التي ترسلها "قوات سوريا الديموقراطية" لطيران "التحالف". وعادة، يقوم المسؤول عن رصد مواقع "داعش" بتحرّي المنطقة عبر منظار، وأي موقع تخرج منه أعيرة نارية يُعتبر هدفاً، من دون التأكد من وجود مدنيين حوله. وسبق أن أجبر "داعش" المدنيين، أحياناً، على البقاء في مواقع ومنازل بعيدة عن خطوط الجبهات، يتم تحديدها من قبل "قسد" كأهداف يجب على الطيران التعامل معها، لأنها بحسب تقديره مخازن أسلحة لـ"داعش"، من دون التحقق الفعلي والتمييز بين المدنيين وبين عناصر "داعش".

ومن الأسباب الأخرى، أن عجز "قسد" عن إحراز أي تقدم على طول جبهاتها مع "داعش"، وخسائرها البشرية الكبيرة، دفعتها إلى اعطاء مواقع واحداثيات بشكل عشوائي، خاصة بعدما تجاوز عدد قتلى "قسد" في حملة منبج أكثر من 500 قتيل، وهو رقم كبير للغاية، ما يعكس حالة من التخبط في صفوف "قسد" وطريقة إدارتها للمعركة، التي لا تبدو نهايتها قريبة. كما يرى أخرون، أن هناك دوافع انتقامية من المدنيين، من قبل "قسد"، على أسس عرقية.

ويُرجح أن الطيران الفرنسي المشارك في "التحالف الدولي" هو من نفذ عمليات القصف خلال اليومين الماضيين، والتي تسببت بمقتل ما لا يقل عن 200 مدني، كردّ على عملية الدهس في مدينة نيس الفرنسية، الخميس الماضي، وهذا الاتهام صدر عن وزارة الخارجية السورية في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

من جهته، أكد مصدر عسكري لـ"المدن" أن "غرفة عمليات التحالف" أشبه بحلبة مصارعة، يحاول كل طرف فيها الكشف عن عضلاته من خلال عمليات منفردة. وغالباً ما تتلقى "غرفة العمليات" التابعة لـ"التحالف" معلومات معينة، ليقوم كل فريق استخباراتي للدول المشاركة، بعملية بحث منفردة، من خلال عملائه في سوريا. ذلك الأسلوب، تسبب في تنفيذ دول "التحالف" عمليات منفردة، أدت في معظم الأحيان إلى مقتل مدنيين نتيجة عدم التأكد من صحة المعلومات. وسبق أن إتُهِمَ الطيران الفرنسي بالمسؤولية عن عملية سابقة في البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، ذهب ضحيتها مدنيون.

وكان "داعش" قد أحرز تقدماً في محيط مدينة منبج، الإثنين، وسيطر على قرى خربة الروس والنعيمية وأم القرع ومحترق صغير، جنوباً. وتزامن ذلك مع هجوم آخر لـ"داعش" من المحور الشمالي، سيطر على إثره على قرية الهوشرية، وتمكن من قتل وأسر عدد من عناصر "قسد".

ووردت أنباء غير مؤكدة، عن مقتل جنديين أميركيين جنوبي منبج، نتيجة للهجوم الذي شنه التنظيم، فيما تحدثت مصادر أخرى عن وقوع الأميركيين أسرى لدى التنظيم، الذي لم يعلق رسمياً. وهو ما يفسر بحسب تلك المصادر، القصف المكثف للمدينة وريفها.

وتحاصر "قوات سوريا الديموقراطية" مدينة منبج لليوم الـ44 على التوالي، في ظل أوضاع إنسانية صعبة يعيشها أكثر من 200 ألف مدني داخل أحياء المدينة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها