تكريساً للفساد.. إدارات الدولة تمنع الوصول إلى المعلومات

وليد حسين
الثلاثاء   2019/09/03
حجج الإدارات في عدم الالتزام بتطبيق القانون سخيفة وواهية (المفكرة القانونية)
يستمر مسؤولو الدولة اللبنانية في عزف سمفونياتهم عن مكافحة الفساد ووقف الهدر وضبط الإنفاق، لتسمعها الدول المانحة، مختلطة بمعزوفاتهم عن تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وعن إصدار قوانين تؤدي إلى الشفافية وحماية كاشفي الفساد، من دون إقدامهم على أي خطوة إصلاحية عملية في هذا الشأن. ليس هذا فحسب، بل لم نشهد أية محاسبة لأي مسؤول في الإدارة، خصوصاً في ظل الكلام اليومي عن الهدر والفساد حتى في الجسم القضائي. فضلاً عن المحسوبيات والتوظيف العشوائي المعترف بها علناً. ويمعن المسؤولون في رفضهم تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات، الذي يعتبر الركن الأساس للشفافية ومراقبة إنفاق المال العام في المؤسسات والوزرات والإدارات.


ولعل هذه الخلاصة التي توصّل إليها المؤتمر الصحافي الذي عقدته "المفكرة القانونية" ومبادرة "كلنا إرادة" و"مؤسسة غربال"، يوم الثلاثاء 3 آب، تدلّ على مدى التكاذب الذي يمارسه المسؤولون العاكفين على عقد اللقاءات واستقدام الخبراء لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان.

رفض تطبيق القانون
رداً على رسالة الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي رفضت طلب جمعيّتي"المفكرة القانونية" و"كلنا إرادة"، للحصول على معلومات حول معمل دير عمار لإنتاج الطاقة الكهربائية، فنّدت الجمعيتان انتهاكات قانون حق الوصول إلى المعلومات الذي أُقر في العام 2017.

فالأمانة العامة لمجلس الوزراء عللت رفضها طلب الجمعيتين بأن قانون حق الوصول إلى المعلومات غير قابل للتطبيق، لعدم صدور مراسيمه التطبيقية، عدم تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. لكن المؤتمرين من الجمعيتين حاججوا مستندين إلى رأي هيئة التشريع والاستشارات التي أكدت عدم حاجة القانون لأي مرسوم تطبيقي ليصبح نافذاً وتلتزم به الإدارة.

حجج واهية
واعتبر المؤتمرون أن حجج الإدارات في عدم الالتزام بتطبيق القانون سخيفة وواهية. ولفتوا إلى أن مواجهة الأزمة الاقتصادية ومشكلة البلد، لايمكن حصولها في ظل تمنع الإدارات عن إباحة الحصول على المعلومات. وشددوا على أن الإدارات تتجاوز السلطة، مطالبين العمل بجدية في مكافحة الفساد وممارسة الشفافية التزاماً بالقانون وبالوعود التي قطعها المسؤولون للمناحين. وطالبوا الحكومة والمجلس النيابي بتطبيق القانون وعدم التساهل مع الإدارات التي تتمنع وترفض تطبيق القانون. وتوجهوا إلى المجلس النيابي لإبطال القرار الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفتح تحقيق في هذا الشأن والإسراع في إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

بدوره لفت النائب السابق غسان مخيبر، الذي شارك في وضع قانون حق الوصول إلى المعلومات، إلى أن القانون لا يقتصر على حق المواطن في الحصول على المعلومات من الإدارات المعنية، بل يمنحه الحق في تعديل المعلومات الخاطئة في حال وجودها، واستخدام المعلومات ونشرها. هذا فضلاً إلزام الإدارات بنشر المذكرات وموازناتها السنوية.
وأكّد مخيبر ما جاء على لسان المؤتمرين بعدم حاجة القانون للمراسيم التطبيقية، ولفت إلى أن الحكومة تستطيع إصادر هذه المراسيم في حال عدم وضوح ناحية معينة في القانون. وهذا ليس رأيه الخاص، بل ثمّة قرار صادر عن مجلس شورى الدولة أكد عدم حاجة القانون لمراسيم تطبيقية لتنفذه الإدارات والمؤسسات.

مغالطات
وأوضح مخيبر أن هناك مغالطة ارتكبتها الأمانة لمجلس الوزراء في تعليلها رفض طلب الجهات الحصول على المعلومات عن معمل دير عمار، كونها لا تملك الصفة وليست صاحبة مصلحة. على عكس ذلك أكّد مخيبر أن القانون لم يشترط الصفة والمصلحة في حق الوصول للمعلومات، ولا كيفية استخدامها ونشرها. ففكرة استخدام المعلومات ليست مرتبطة بالشكوى أو تقديم الدعاوى القانونية في حق الإدارة، وإنما وضعت لتحقيق مبدأ الشفافية وإطلاع الجمهور. لكن الأخطر من هذا الرفض، بحسب مخيبر، وجود إدارات لا تعتبر نفسها معنية بتطبيق القانون.
وأثنى مخيبر على متابعة المجتمع المدني قضية تمنّع الإدارات عن تطبيق القانون، ولجوئه إلى القضاء لمعالجة المخالفات الحاصلة. وتمنى على المؤتمرين مواكبة ما تقوم به وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، والانخراط في ورشة العمل التي تقوم بها لوضع مخطط تنفيذي لتطبيق القانون بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية.