الموسوي شخصيةٌ درامية في لحظاتٍ عابرة
عندما هبَّ السيد نواف الموسوي - النائب في البرلمان اللبناني عن حزب "الجيش السري في خدمة سيدين: إيران الخمينية الحرسية، وسوريا الأسد" (وضاح شرارة، دولة حزب الله)، وحزب "المسيرة الإلهية" و"النصر الإلهي"، و"سادة قافلة الوجود" (من صفاته الحسنى التي أغدقها الحزب إياه على نفسه) - لنجدة ابنته التي طاردها طليقها وروّعها مع شقيقتها وطفليها، انما هبَّ مدفوعاً بقوتين: قوة الأبوة الجياشة في صدره، وقوة "القلعة العقائدية المسلحة" (رشا الاطرش - "المدن") التي ينتمي إليها ويعيش فيها منذ بدايات مسيرتها الدعوية، عندما كان السيد محمد حسين فضل الله، عراب "الحالة الإسلامية"، رائدها وخطيبها في مسجد بئر العبد في ثمانينات القرن العشرين، وكان السيد الموسوي فتىً مبتدئاً بعدُ في مسيرة الهداية الطويلة.
الأبوة المسلحة
فدافع الأبوة لا يكفي وحده ليتجاسر الموسوي ويندفع على رأس مجموعة مسلحة في إغارته على مخفر قوى الأمن الداخلي في الدامور، لولا توافر القوة الثانية لديه. والمجموعة المسلحة التي انطلق على رأسها مدفوعا بأبوته الرؤوم كانت على الأرجح من مرافقيه وأقاربه المحازبين مثله. وهذا لا يقدم عليه غالباً سوى أهل القوة والشوكة والحماية والحظوة العائلية والعشائرية والحزبية في ديارنا اللبنانية، ديار أهل الكيد والضغائن والثارات المتفشية في اجتماعنا وعلاقاتنا اليومية، وتكاد تطغى على تصريف شؤوننا الخاصة والعامة، وتجتاح علاقات جماعاتنا السياسية المتنافرة والمنفلتة من كل قيدٍ ووازعٍ في ممارستها سياسة التكايد والضغينة والثارات القبلية المحدثة.
الدراما الأبوية
فالأبوة ونداؤها، شأن العلاقات الرحمية، لا تنفك من الأهواء والدراما والمأساة، منذ أسطورة قايين وهابيل. وهي ليست رحلة استجمام سياحي، ولا واجباً قدرياً مبرماً لا فكاك منه، ويستلزم إراقة الدماء لإثباته وإحقاقه.
ونواف الموسوي عندما دعاه نداء الأبوة إلى نجدة ابنته، عاش ذلك النداء واستجاب إليه بصفته ابناً للاهوت القلعة العقائدية المسلحة وناسوتها (أي حياتها الدنيوية). وهو وهبها حياته كلها منذ فتوته، فأنشأته إنشاء رسالياً جديداً، وانتدبته نائباً عنها ليمثلها في برلمان تعتبره، مثل السياسة والديمقراطية وشؤون العيش وهمومه الدنيوية، بدعة خالصة. وهي، أي القلعة إياها، استجابت للتمثيل والنيابة والسياسة استجابتها إلى قناع موقت مبتذل، في انتظار ظهور المهدي الذي ينشر العدل الإلهي المطَهِر من البدع الدنيوية كلها.
المكابدة في الخروج الفردي
نواف الموسوي أخرجته مكابدتُه مأساةَ ابنته الدنيوية، خروجاً فردياً، وفي لحظة تخلٍ عابرة، من ذلك الواقع المادي التجهيزي البديل، ليقوم بحملته الانتقامية الخاطفة على طليق ابنته في مخفر الدامور. لقد خرق بذلك ناموس القلعة التي أنشأته وأمدته بالقوة والسلطان. وهو بهذا المعني شخصية درامية للحظات عابرة، انتهت بعودته صاغراً تائباً إلى القلعة السرية المقدسة. أما النيابة - القناع، وهي شأن دنيوي تافه في لاهوت قلعته، فاستقال منها أو أُقيل لا فرق، لتكتب إحدى ابنتيه أنها ليست سوى "فتنة". وفي بيان استقالته أعلن ولاءه إلى القلعة الحصينة "حتى الموت، وإلى ما بعد بعد الموت". وهذا نسجاً على منوال سيد "قافلة الوجود" في القلعة، عرابها وخطيبها التلفزيوني، في قوله الشهير عن مدى صواريخه الإيرانية: "إلى حيفا وما بعد بعد حيفا".