"أوركسترا النفايات": تلاميذ يصنعون آلاتهم في البيوت

نيكول طعمة
الأربعاء   2018/01/24
المشروع أطلق حملة توعية على الصعيد المدرسي
في مبادرة بيئية تربوية غير مألوفة، تمكّن تلاميذ مدارس رسميّة من العزف على آلات موسيقية مصنوعة من النفايات. فكيف تمكّنوا من تطويع البيئة وتحويل نفايات صلبة إلى أدوات فنيّة إبداعية؟


"إعادة التدوير لزرع الأمل" أو "Up-Cycling For Hope"، اسم المشروع الذي يُنفذّ في لبنان للمرة الأولى، كما تقول مؤسِسَة جمعيّة Red Oak ورئيستها الدكتورة نادين أبو زكي لـ"المدن". توضح أن المشروع يهدف إلى "نشر الوعي بين الأولاد بشأن إدارة النفايات من خلال مبادرة فنيّة استهدفت سبع مدارس رسمية في بيروت واستقطبت أكثر من 1200 تلميذ لبناني ولاجئ سوري تراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة".

نفذّت Red Oak المشروع بالتعاون الوثيق مع وزارة التربية والتعليم العالي وموّلته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR. وتضمّن جلسات تشاركية تفاعلية وورشات عمل لمعلمي الفنون والتلاميذ، "ثلثها جلسات بيئية وحملات توعوية، ونشاطان هما اللوحة الجدارية وأوركسترا النفايات، فضلاً عن ألعاب تفاعلية وألعاب فيديو، ساهمت في تعزيز مهارات التواصل بين التلاميذ اللبنانيين والسوريين"، على حد قول أبو زكي، التي تضيف أن هؤلاء التلاميذ "شاركوا بشكل فعال في تلك الجلسات، ما جعلهم يبادرون إلى تنظيف صفوفهم وملاعب مدارسهم".

حضنت المشروع سبع مدارس رسمية في بيروت، هي: مدرسة الأورغواي- جسر الواطي، مدرسة سلمى الصايغ- الأشرفية، مدرسة صبحي الصالح- الجناح، مدرسة عمر فاخوري- الجناح، مدرسة العمروسية الثالثة- الشويفات، مدرسة الغبيري الثانية- الشياح ومدرسة فرن الشباك الثالثة- عين الرمانة. وفي رأي أبو زكي، "ساهم المشروع في تشجيع التلاميذ على التفكير في القضايا البيئية بطريقة خلاقة من خلال فن الشارع والدمج القائم بين الفن وإعادة التدوير، بحيث اكتشف هؤلاء حلولاً مبتكرة وجديدة للمشاكل البيئية، وقاموا بفرز النفايات في حاويات خاصة لاستخدامها في ما بعد لبناء لوحات جداريات واسعة النطاق وتعليقها في ملاعب مدارسهم بهدف إضفاء أجواء من الفرح والبهجة على المكان". إلى ذلك، "ساعد هذا النشاط التلاميذ في صقل الأفكار الفنيّة من طريق العمل الجماعي الذي عزز التفاعل والمشاركة المباشرة في العملية الإبداعية. ما أدى إلى انجاح المشروع". بالتالي، فإن "مشروع إعادة التدوير لزرع الأمل لا يعتبر عملاً فردياً، إنما هو تضافر جهود المجتمع ككل".

وتشير أبو زكي إلى أن تلاميذ المدارس السبع أنجزوا نشاط "أوركسترا النفايات" ضمن أوركسترا تعزف على آلات مصنوعة من نفايات أتوا بها من منازلهم "بغية تشجيعهم على احترام البيئة، وتالياً تقدير الموسيقى التي تعتبر جزءاً أساسياً من الثقافة". وقد سمح هذا النشاط أيضاً بخلق مهارات جديدة لدى الأولاد أدت إلى تطوير قدراتهم الإبداعية وتعزيزها، "بحيث تحوّلت المهملات إلى آلات موسيقية، والموسيقى إلى أمل بغد أفضل". وأوضحت أن المشروع أطلق حملة توعية على الصعيد المدرسي خلقت ثقافة تربوية شاملة قاربت الممارسات البيئية المستدامة.


ما المواد التي صنعت منها اللوحات الجدارية والآلات الموسيقية؟

تجيب أبو زكي: "بعدما جمع التلاميذ نفايات صلبة وفرزوها، اختارت كل مدرسة أفكاراً مغايرة عن زميلاتها مستخدمة أنواعاً مختلفة من المواد، مثل ورق الكارتون المتنوّع بأشكاله وأحجامه، خيطان ومواد مصنوعة من البلاستيك كالزجاجات وأغطيتها، علب شوكولا، ألعاب وأزرار لتنفيذ لوحات جدارية وتصنيع آلات موسيقية. كذلك، استعانوا بخبرة أساتذة في الموسيقى عملوا معهم في كيفية تحويل تلك المواد إلى آلات موسيقية". ومن الآلات الموسيقية التي أنجزوها؟ "آلات وترية، منها الغيتار، وإيقاعية كالطبلة".

تؤكد أبو زكي أن الجمعية تسعى جاهدة إلى تعميم المشروع على كل المدارس، "لأننا كلما اشركنا أعداداً أكبر من الأولاد نكون أسهمنا في نشر رسالتنا التربوية، الثقافية والفنيّة، وستكمل المدارس السبع المشروع عبر السير به مع تلاميذ جدد". وتشير إلى أن Red Oak استطاعت ربط المدارس بشركة إعادة تدوير خاصة بدأت تنقل النفايات التي تفرزها المدارس إلى أمكنة مخصصة لإعادة التدوير.