الراعي يلتقي جعجع: لا تسليم لحكومة تصريف أعمال

المدن - لبنان
الأحد   2022/08/07
الراعي: لا يعقل أن يكون الاتفاق مع اسرائيل أسهل من اتفاق على تشكيل حكومة (الوكالة الوطنية)
مواقف عديدة أطلقها البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، في قداس الأحد، تناول فيها ضرورة تشكيل حكومة جديدة، ومشدداً على ضرورة التوافق بين اللبنانيين، "لأنه لا يعقل أن يكون الاتفاق مع اسرائيل أسهل من اتفاق على تشكيل حكومة". وسأل الراعي من الديمان: أليس انقسام السلطة السياسيّة في لبنان، وانشطار الأحزاب عموديًّا وأفقيًّا، هما في أساس الانحلال السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي؟".

حملات إعلاميّة قبيحة 
وتابع: "إنّ جرحاً بليغاً يصيبنا في الصميم، وكل الشعب اللبناني، فيما نشهد بألم وغضب اندلاع حملات إعلاميّة قبيحة بين مرجِعيّات وقوى سياسيّة مختلفة، في مرحلة تحتاج فيها البلاد إلى الهدوء والتعاون. فإنَّ من شأن هذه الحملات أن تخلق أجواء متوتّرة تؤثّر سلبًا على نفسية المواطنين الصامدين رغم الصعوبات، وعلى الاستقرار والاقتصاد والمال والإصلاحات، وعلى الاستحقاقين الدستوريَين: تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستوريّة"، مؤكداً أنّه "لو كانت النيّات سليمة وصادقة لكان بالإمكان معالجة أيّ خلاف سياسي بالحوار الأخلاقي وبالحكمة وبروح بنّاءة، بعيدًا عن التجريح والإساءات الشخصيّة. لكن ما نلمسه هو أن الهدف من هذه الحملات هو طيّ مشروع تشكيل حكومة والالتفاف على إجراء الانتخابات الرئاسية بفذلكات دستوريّة وقانونيّة لا تُحمد عقباها. لكن اللبنانيين ذوي الإرادة الحسنة، والمجتمعين العربيّ والدوليّ مصمّمون على مواجهة هذه المحاولات الهدّامة وتأمين حصول انتخاب رئيس جديد بمستوى التحديات ومشروع الإنقاذ".

وقال الراعي: "مع إدراكنا كل الصعوبات المحيطة بعمليّة تشكيل حكومة جديدة، فهذه الصعوبات يجب أن تكون حافزًا يدفع بالرئيس الـمكلف إلى تجديد مساعيه لتأليف حكومة ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنيّةِ، شرط أن تكون التشكيلة الجديدة وطنيّة وجامعة ومتوازنة. لا يجوز التذرّع بالصعوبات لكي توضع ورقة التكليف في خزانة المحفوظات، وتُطفئ محرّكات التشكيل وتُترك البلاد أمام المجهول".

لا تسليم لحكومة تصريف أعمال
وأضاف أنّه "عرفنا ماضيًا في لبنان أزمات حكوميّة نتجت عن طول مرحلة التشكيل، لكننا لم نعرف أزمة حكوميّة نتجت عن وجود إرادة بعدم تشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية عهد رئاسيّ. هذا أمر خطير ومرفوض عشيّة الاستحقاق الرئاسيّ. إن وجود حكومة كاملة الصلاحيات لا يفرضه منطوق التوازن بين المؤسّسات الدستوريّة فقط، بل منطق التوازن أيضًا بين أدوار المكوّنات الميثاقيّة في لبنان. من المعيب أن تبذل السلطة جهودًا للاتّفاق مع إسرائيل على الحدود البحريّة وتَنكفئ بالمقابل عن تشكيل حكومة؟ فهل صار أسهل عليها الاتفاق مع إسرائيل من الاتفاق على حكومة بين اللبنانيّين؟ إنّ كرامة الشعب ترفض كل ذلك".

وقال: "فليعلم المسؤولون أنّ الشعب يرفض تسليم مصيره إلى حكومة تصريف أعمال، كما يرفض عرقلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولن يسكت عمّا يقومون به. ولن يقبل على الإطلاق بسقوط الدولة التي دافع عنها بالصمودِ وتقدمة ألوف وألوف من الشهداء والشهيدات. إن سلوك المسؤولين هذا يهدّد كيان لبنان بكل مقوماته الوجودية. ونخشى أن يؤدي عدم تشكيل حكومة واحدة للبنان الواحد إلى تناسل سلطات أمر واقع هنا وهناك، وهذا ما تصدينا له منذ سنوات"، مؤكداً أنّ "فقدان المسؤولية الوطنية لدى العديد من أهل السلطة والجماعة السياسية تعطي الحجج الأساسيّة والإضافيّة لعجز حصول إنقاذ من دون مساعدة أمميّة، وتعزز مطالبتنا بمؤتمر دوليّ يُنقذ لبنان ويُعيده إلى الحالة الطبيعية".

قضية المطران الحاج
وأكد أنّ "الشعب ونحن لا نثق بحكم حكومة تصريف أعمال، ولا نرضى بتطبيق بدعة "الضرورات تجيز المحظورات" على استمرار حكومة تصريف الأعمال فقط، فيسعى آخرون إلى تطبيقها بشكل عشوائيّ. لا أحد يستطيع ضمان حدود هذه الفذلكة. فألّفوا، أيّها المسؤولون، حكومة وانتخبوا رئيسًا للجمهوريّة ضمن المهل الدستوريّة، وأريِحوا الشعب ولبنان"، لافتاً إلى أنّ "عدم تجاوب المسؤولين مع نداءاتنا المتكرّرة بشأن سيادة أخينا المطران موسى الحاج منذ عشرين يومًا، يكشف الخلفيّات المعيبةَ وراءَ الإعتداء المخالف للمذكّرة الصادرة عن مديريّة الأمن العام بتاريخ 29/4/2006 تحت رقم 28/أ ع/ ص/ م د. والمؤسفُ جِدًّا أنَّ هذه الجهاتِ التي يُفترضُ فيها أن تكونَ الحريصةَ الأولى على كرامةِ الأسقف، وعلى ما ومَن يُـمثِّل، تَصرّفت ولا تزال من زاويةِ التشفّي والمصالحِ الأنانيّة وكأنَّ لديها ثأرًا على البطريركيّةِ المارونيّةِ لأنّ هذا الصَرحَ يقولُ كلمةَ الحقّ، ويَدحَضُ الخطأَ، ولا يَتدجَّنُ مع الباطل، ولا يساوِمُ على الحقيقة والمقدَّساتِ والبديهيّاتِ مهما طال الوقت. والوقتُ كان دائمًا حليفَ الحقِّ وأصحابِ الحقِّ وحليفَ الكنيسةِ الجامعةِ منذ ألفَي سنةٍ ونَيّف، والكنيسةِ البطريركيّة المارونيّةِ منذ ألفٍ وستمائةِ سنة. فليقرأوا التاريخ الحديث والقديم عَلَّهم يعتبرون ويرتدعون".

وختم الراعي قائلاً: "إنّا نعوّل على ذوي النيات والإرادات الحسنة، لكي يقوموا بمبادرات جمع وتفاهم، من شأنها أن تضع حدًّا لهذه الإنقسامات التي هي أساس خراب لبنان، كما جاء في الكلام الإلهيّ في إنجيل اليوم. جميعنا مدعوّون إلى التوبة بروح التواضع والإقرار بالخطأ الشخصيّ. فنستحقّ أن نقف أمام الله ونرفع صلاة المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد".

اللقاء مع جعجع
وكان البطريرك قد استقبل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والنائبة ستريدا جعجع، في الديمان وبحث معهما الأوضاع العامة وقضية المطران موسى الحاج، وكان توافق في الرأي على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري.

وعقب اللقاء، قال جعجع: "تشرفنا بزيارة سيدنا الكردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان وتباحثنا معه في كثير من الشؤون المطروحة، والنقطة الأهم التي كنت أريد التأكد منها خلال لقائي غبطة البطريرك تتعلّق بقضية المطران موسى الحاج. فتبعاً للقانون والعرف والتقليد في لبنان توقيف أي رجل دين، إن كان شيخاً أو راهباً أو كاهناً أو مطراناً، يستوجب قبل الإقدام على التوقيف التداول مع مرجعيته الدينية، لكن للأسف هذه القاعدة ضربت كلياً عندما تم توقيف المطران موسى الحاج. واليوم خلال اللقاء سألت غبطته اذا ما كان احد ما طرح عليه الموضوع قبل حصول التوقيف، فأكد لي أنّ ما من أحد تكلّم بالموضوع معه وما من مرجعية أمنية أو قضائية راجعت غبطته بهذا الخصوص أو أشارت له إلى أن تنقل المطران وحمله المساعدات للناس يضرّ بهذا الأمر أو ذاك كي يتم الاخذ والرد بالموضوع، لذلك وبعد أن تلمست هذا الواقع تأكدت أن توقيف المطران الحاج كان عن سابق تصور وتصميم وللأسباب المعروفة وهي توجيه رسالة سياسية لبكركي والديمان".

وكرّر جعجع المطالبة بتنحية مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي فادي عقيقي، قائلاً: "أعود وأطالب من هذا الصرح بالذات بتنحية القاضي فادي عقيقي، لأن مخالفته ليست الأولى بل هناك مخالفات عديدة وخصوصاً هذه المرة لأنّ المحكمة العسكرية كان لديها قرار في أيار الحالي بأنّها ليست صاحبة الصلاحية للبت بامر المطران الحاج".

من جهة ثانية، لفت جعجع إلى أنّنا "تداولنا بموضوع انتخابات رئاسة الجمهورية، وكنّا على اتفاق في الرأي في أنّ باب الخلاص الوحيد للبنان في الوقت الحاضر حيث هو بانتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن وضمن المواعيد الدستورية باعتبار أنّه لم يعد هناك من أمل بالسلطة الحاكمة، وقد جلنا وصلنا في هذا الموضوع وكنا على توافق في الرأي واترك الذي دار بيننا بهذا الخصوص للأيام المقبلة".