كميل شمعون: "فخامة" الاسم وتواضع البرنامج

دنيز عطالله
الجمعة   2022/05/27
العونية حالة مرضية ضربت كل ما ناضل المسيحيون من أجله على امتداد عقود (علي علوش)
لا يشعر النائب المنتخب عن المقعد الماروني في بعبدا، كميل شمعون، بعبء الاسم الذي يحمِل. لو يفعل، لكان تهيّب الجلوس على مقعد شمعون الجدّ في رئاسة "حزب الوطنيين الاحرار" كما على المقعد النيابي. لكنه لا يفعل.

لا يشعر بأي حرج أن ينال 1876 صوتاً تفضيلياً في قضاء كان "يُهدي" جدّه ثلاثة نواب هم محمود عمّار(شيعي) بشير الأعور(درزي) ونديم نعيم (ماروني). انضم إلى لائحة "القوات اللبنانية" فحملته أصواتها إلى البرلمان وحمل هو "يافطة" الحزب إلى معراب، لينضم إلى تكتل "الجمهورية القوية".
لا تستفز شمعون هذه المقاربة. له قراءته التي تقول إن "خوض الانتخابات في هذه الدائرة له رمزية خاصة. خضنا مواجهة في وجه "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" الممسكَين بالمنطقة والسلطة. وكان عنوان معركتنا كبيراً: السياديون في مواجهة إيران وحلفائها".

"عودة الفخامة"
ليس هذا العنوان الكبير الوحيد في المعركة. فقد حمل البرنامج الانتخابي للحزب، المكون من ثماني مقاطع فقط، عنواناً "كبيراً" آخر، لا بل فضفاضاً حدّ الدهشة: "مع الاحرار.. عودة الفخامة إلى الجمهورية".

هنا أيضاً للنائب المنتخب وجهة نظره. يقول "نحن نطمح إلى إعادة الفخامة لرئاسة الجمهورية بعد أن صارت في أدنى المستويات، وما عادت تستحق الاحترام لا كمنصب ولا كرئيس".
وهل يمكن لحزب خسر مقعدين من ثلاثة ترشّح عليها أن يعيد أيّ فخامة لأي منصب؟
يجيب شمعون" لقد خضنا معارك نظيفة بكل المعايير في ثلاث اقضية، كلّفتنا نحو 65 ألف دولار فقط، في حين أن ملايين الدولارات صُرفت على مقعد واحد أحياناً. وكنا نعرف أن هنالك فرصاً أكبر للربح لو صرفنا الأموال واشترينا الأصوات. لكننا لا يمكن أن نستخدم الأسلوب الذي نحاربه. يبدأ الفساد من الرشوة الانتخابية من الراشي والمرتشي".
وكما يدافع عن مشروعية مقعده النيابي، كذلك يفعل عن رئاسته لـ"حزب الوطنيين الأحرار" حيث "تدرّجت فيه من منظمة الطلاب وصولاً إلى عضوية المجلس الأعلى". ويضيف "لقد قمت بنهضة في الحزب منذ سنة إلى الآن لم يشهدها منذ زمن الرئيس شمعون".

"متل عبد الناصر"
ماذا يتذكر الحفيد كميل عن زمن الرئيس شمعون الجدّ؟

بسرعة يجيب "رحلات الصيد". تتغير ملامح الرجل الذي يبلغ اليوم 65 عاماً. تصّغُرعيناه وتكبر ابتسامة ملتبسة على شفتيه. أهي ذكرى "شيطنات" عبرت أم طيف حنين؟ يسارع إلى القول "تعرفت من خلال هذه الرحلات على لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بكل تفاصيله". ويضيف"احتفظ من تلك المشاوير بأجمل الذكريات وبأغلى "جفتين"(بارودة صيد) على قلبي، أهداني إياهما جدّي ولا يُقدّرا عندي بثمن".
وهل من جملة كان يرددها على مسامعه وأثّرت فيه؟ يبتسم، وبعد تردد يجيب "كلما كنت أبكي وأنا صغير كان يقول بنبرة عالية: ما تضل تبكي متل عبد الناصر".

بين الكحل والعمى
يؤكد كميل دوري شمعون أنه "حليف القوات اللبنانية ، أشارك باجتماعات التكتل وننسق في مواقفنا". وأولى خطوات التنسيق "التصويت بورقة بيضاء للرئيس نبيه برّي".

في نبرة صوته ما يوحي ب"مضمر" ما.
بسؤاله "لو لم تكن على تنسيق مع القوات هل كنت لتنتخب برّي؟". يجيب "كان السيد موسى الصدر صديقاً لعائلتنا، وقد انبثقت حركة أمل من تطلعاته الوطنية وليس فقط الطائفية". ينتقل بعدها للتحدث عن المشاركة في تظاهرات 17 تشرين وعن "دور حرس مجلس النواب في قمع المتظاهرين"، يستذكر "إغلاق مجلس النواب لسنوات وكأنه ملكية شخصية". يسأل "عن الفساد المتراكم لسنوات مما خسّر الناس كل حقوقها بحياة كريمة".
هل يعني أنك كنت لتنتخب برّي؟ يجيب بالنفي قبل أن يضيف "لكن يبقى الكحل أحسن من العمى".
* ومَن العمى؟
- "حزب الله. العمى المطلق".
ماذا عن "التيار الوطني الحر"؟ يقول: "العونية حالة مرضية خطيرة ومزمنة، ضربت كل ما ناضل المسيحيون من أجله على امتداد عقود، من هوية البلد إلى سيادته واستقلاله".

اللامركزية والقضاء
يدخل كميل دوري شمعون إلى مجلس النواب بخطاب لا يحمل الكثير من الجدّة في طرح المواضيع ومقاربتها. لكنه يؤكد تمسكه بمشروعين أساسيين، اللامركزية الإدارية والمالية التي -حسب قوله- "لم يكن النواب المسيحيون ليوافقوا على اتفاق الطائف لو لم يتم تبنيها"، والمشروع الثاني "تأمين استقلالية القضاء ونزاهته وحصانة القضاة، لننطلق من هناك في استعادة كل حقوق الناس".

يراهن أن "لبنان لا يمكنه إلا أن يبدأ بالنهوض والتعافي. لقد وصلنا إلى جهنم وما من طريق إلا صعوداً"، قبل أن يستدرك "إلا إذا كان العهد يخبئ لنا طابقا سفليا (sous sol) سيواصل جرّنا إليه. لكنني متفائل أن القطار سيوضع على سكة النهوض، ولو كانت الرحلة طويلة".