نواب "التغيير": التكتل دونه السلاح والصندوق السيادي

وليد حسين
الأحد   2022/05/22
النواب الجدد محكومون برأي عام يراقب ويحاسب ويعلمون أنهم تحت مجهر المحاسبة (علي علّوش)
لم تفضِ المشاورات الجانبية التي عقدها النواب الجدد للقوى التغييرية إلى تصور مشترك لتشكيل كتلة نيابية واحدة تجمع 14 نائباً انتخبوا في لوائح تحت اسم التغيير. وما زالت المشاورات تقتصر على لقاءات ومحادثات جانبية من هنا وهناك، ولم يعقد اجتماع يضم كل المنتخبين بعد، والذي يفترض أن يحصل الأسبوع المقبل. لكن ما رشح عن المشاورات الجانبية يؤكد عدم التوافق على تشكيل كتلة نيابية واحدة، بل الذهاب إلى تشكيل كتلتين أو ربما تكتل نيابي بلا رئيس. فالمسألة متوقفة على المشاورات الموسعة التي تنطلق الأسبوع المقبل.

تحت المجهر
ما يميز المرحلة الحالية عن تلك التي سبقت الانتخابات وتشتت قوى المعارضة في لوائح عديدة، أن النواب الجدد محكومون برأي عام يراقب ويحاسب. والكل يعتبر نفسه تحت المجهر ويدرس خطواته قبل إطلاق موقفه الداعي أو الرافض لتشكيل كتلة نيابية موحدة تضم 14 نائباً تغييرياً. وهذه ميزة تسجّل في الانتخابات التي جرت الأسبوع الفائت. إذ للمرة الأولى في لبنان يوجد نواب يخافون حتى من مجرد عرض تبايناتهم في المواضيع التي ينتظرها منهم اللبنانيون، لدى الدخول إلى المجلس النيابي بكتلة واحدة تجمعهم. كتلة متفقة على المواضيع الأساسية التي يعاني منها البلد لوقف الانهيار الحالي. فيما اعتاد اللبنانيون في السابق على انتخاب نواب لا يسائلهم أحد.

تباينات بين النواب
لكن حتى الساعة ليس من رأي متفق عليه بهذا الشأن، بل هناك تباينات بين النواب على بعض التفاصيل التي تبدأ برئاسة الكتلة ولا تنتهي بانتهاج خطاب موحد في الأمور السيادية وسلاح حزب الله. هذا، فيما المطلوب منهم وضع التباينات جانباً والاتفاق على برنامج عمل مشترك للأمور الحيوية، على قاعدة أن الاختلاف في وجهات النظر معطى أساسي وحيوي في الحياة الديمقراطية.

ووفق مصادر متعددة، يدفع بعض النواب الجدد باتجاه تشكيل كتلة واحدة، رغم التباينات بينهم في بعض الأمور، بينما البعض الآخر يفضل تأسيس أكثر من كتلة ينضوي فيها المتفقون على رؤية مشتركة.

وما رشح من تباينات أن تشكيل الكتلة النيابية الموحدة تحتاج إلى رئيس ومقرر بداية، والاتفاق على كل الأمور السياسية والخطاب الموحد بما يتعلق بسيادة البلد وسلاح حزب الله ثانياً. هذا فضلاً عن تباينات حول المواضيع المالية والاقتصادية: الموقف من خطة التعافي ومن يدفع ثمن الانهيار الحالي. والأسئلة التي تطرح في هذا الشأن: هل يتم إنشاء صندوق سيادي ووضع أصول الدولة فيه، أم تدفع المصارف ومصرف لبنان ثمن الانهيار؟ وهل يعاد هيكلة المصارف ويتم الغاء السرية المصرفية؟ وغيرها من الأمور الأخرى مثل التباينات حول إقرار قانون مدني للأحوال الشخصية والزواج المدني الاختياري.

ضرورة الكتلة الموحدة
والقائلون بالرأي الأول ينطلقون من أن الكتلة النيابية الواحدة تقوم على الحفاظ على التباينات والتمايز السياسي لكل نائب ولا تلغيه. فالأساس هو أن تكون الكتلة متفقة حول الأمور الأساسية الداهمة في لبلد، والمتعلقة بالمواضيع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية والتربوية. أي الأمور الحيوية التي ينتظرها اللبنانيون اليوم: ملفات الكهرباء والطاقة والتعليم والصحة واستقلالية القضاء واسترداد الأموال المنهوبة. 

وتضيف المصادر أن الاتفاق على هذه الأمور أساسي أكثر من أي شأن آخر. فسلاح حزب الله لن يكون على طاولة مجلس النواب تحت بند قانون يتقدم به أحدهم لنزعه، بينما الخطة المالية وملف الكهرباء والصحة والتعليم وكيفية النهوض بالبلد مواضيع أساسية ستطرح كقوانين يفترض أن يشارك النواب في إقرارها أو رفضها على قاعدة عدم تدفيع الشعب اللبناني ثمن الانهيار.

تكتل سيادي
لكن البعض الآخر يولي الموضوع السيادي المتعلق بسلاح حزب الله أولوية في المرحلة المقبلة، ويدفع باتجاه عدم تشكيل كتلة نيابية موحدة لقوى التغيير، بل انشاء تكتل نيابي واسع يضم كل الأطراف السيادية المعارضة.

الأسبوع المقبل يفترض أن يحسم بعض الأمور العالقة، في حال نجحت المساعي لاجتماع الكل على طاولة واحدة لوضع الهواجس والتباينات والتوافق على برنامج عمل مشترك. وربما يصار إلى التوافق على تكتل نيابي لقوى التغيير عوضاً عن الكتلة النيابية. تكتل نيابي بلا رئيس، له برنامج عمل مشترك لا يلغي التباينات، بل يعزز العمل على النقاط المشتركة، وخصوصاً في المواضيع الاقتصادية والمالية والاجتماعية الداهمة. تكتل يكرس مبدأ مشاركة النواب في كل مفاصل المجلس النيابي الجديد، أي في اللجان النيابية وخصوصاً تلك المتعلقة بالمال والموازنة والإدارة والعدل والتربية والصحة والطاقة. ويكرس عدم المشاركة في الحكومة ومبدأ فصل النيابية عن الوزارة، أي الموالاة والمعارضة، ومحاسبة الحكومة في المجلس النيابي. 

أما في حال عدم نجاح إنشاء هذا التكتل بسبب عدم التوافق على الأمور الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فلا مناص من تشكيل كتل نيابية عديدة تتعاون في الملفات المشتركة وتختلف في الملفات الأخرى.