البخاري يزور مرشحَين متنافسين بزحلة: "سعدٌ" ينغصه الغموض السعودي

لوسي بارسخيان
الثلاثاء   2022/05/10
رفع "سعادة السفير" نسبة الأدرينالين في دم المرشحين (المدن)
لا يحتاج سفير المملكة العربية سعودية لدى لبنان وليد البخاري إلى الكثير من الكلام، حين يزور مرشحًا للانتخابات النيابية في الأسبوع الأخير الذي يسبق فتح صناديق الاقتراع. مجرد صورة المرشح معه، قد تكون أكبر من تصريح. وخصوصًا تجاه ناخبي الشارع السنّي الذين يملك كلًا منهم صوتًا، ولكنهم محتارون أين يضعونه منذ قرر تيار المستقبل تعليق العمل السياسي خلال الانتخابات الجارية.

زيارة لميشال ضاهر
ولكن عندما تشمل زيارة البخاري إلى دائرة زحلة الانتخابية، لقاءين مع مرشحَين على لائحتين متنافستين، يصبح التوضيح مطلوباً. أقله لمعرفة الرسالة التي أراد البخاري إيصالها في زيارته. لكن السفير السعودي رفض الإدلاء بأي تصريح. مخلفًا الحيرة لدى المرشحين قبل الناخبين، ومفوتًا على ملتقطي الصور معه فرصة استثمارها في صناديق الاقتراع.

وجهت الدعوة إلى الصحافيين قبيل منتصف ليل الإثنين 9 أيار الحالي، كي يتوجهوا إلى دارة النائب ميشال ضاهر، لتغطية "حدث" سياسي، بلا تفاصيل إضافية. احتمال زيارة السفير السعودي كانت واردة. خصوصًا أن النائب ضاهر كان قد وجه دعوات قبل أيام قليلة إلى مأدبة إفطار على شرف البخاري. ولكن المأدبة ألغيت بعدما اعتذر الأخير عن تلبية الدعوة، قاطعًا الوعد لضاهر، كما أشارت مصادره، بأن يزوره في أقرب وقت، حتى لو كان ذلك قبل موعد الانتخابات.  

وصدقت المعلومات. حضر السفير السعودي إلى زحلة في زيارة وصفت بالتفقدية لمعامل "الماستر شيبس" التي يملكها ضاهر، وللقاء الفاعليات الاقتصادية. ولاستكمال المشهد المتناسق مع عنوان الزيارة، دعا ضاهر عددًا من "السياسيين" المصنفين فاعليات اقتصادية للقاء. ومنهم الوزيران السابقان محمد شقير ومحمد رحال. وكان اللافت في وسطهم حضور منسق تيار المستقبل في البقاع سعيد ياسين، رئيس بلدية مجدل عنجر، البقاعية، التي تضم مرشحين للانتخابات المقبلة، أحدهما على لائحة الكتلة الشعبية والآخر على لائحة حزب الله.

كادت الزيارة أن تتخذ أبعادًا سياسية، وسط الكلام المستفحل عن تدخل كوادر من تيار المستقبل وتسخيرهم القدرات والماكينات لتأمين التصويت للائحة ضاهر، لولا الخبر الذي بدأ يتفشى في معامل الماستر شيبس، عن أن زيارة السفير السعودي إلى زحلة تشمل أيضاً المرشح على لائحة القوات اللبنانية بلال الحشيمي، والتي قصدت أوساط الحششيمي تسريبها.

كان من الطبيعي أن تترافق المعلومات مع خيبة في أوساط ضاهر. خصوصًا أن أي دعم علني تشكله زيارة السفير السعودي، ولو لم تترافق مع تصريح، يمد ضاهر ولائحته بالدعم الذي يعول عليه في الشارع السني، لرفع حواصله. فهذا الشارع الذي لا يزال يعاني تشتتاً في أصواته، يبدو كمن ينتظر كلمة السر ليجيّر صوته لأهداف سياسية، مهما تعاظم الكلام عن لعبة المال "الخبيثة" المتسللة إليه، وما تتسبب به من إهانة لشريحة واسعة من ناخبي الطائفة.

لكن السفير السعودي اكتفى بجولة سريعة في معامل الماستر شيبس، فاجتماع غير مطول مع الفاعليات الاقتصادية التي حضرت. وحاول ضاهر أن يختلي بالسفير ولو لدقائق، محاولًا امتصاص "صدمة" ازدواجية الرسائل التي يمكن أن يتلقفها الناخبون، متى شملت الزيارة المرشح بلال الحشيمي المدعوم من الرئيس فؤاد السنيورة على لائحة القوات.

وغادر البخاري بلا أن يختلي بضاهر، رافضًا الإجابة على سؤال صحافي وجه إليه عن المقصود من توقيت الزيارة، قبل أيام فقط من الانتخابات. فاكتفى بالقول وسط الحصن الذي أحاطه به المرافقون: "هذا مصنع ونحن اليوم لدينا عمل مختلف".

زيارة لبلال الشحيمي
لم يغنم ضاهر مجددًا سوى بدردشة سريعة مع البخاري أمام سيارته، قبل أن ينطلق موكبه إلى مدرسة أفروس كولدج، حيث سبقه الصحافيون، للانضمام إلى المرشح بلال الحشيمي الذي كان في انتظاره مع مجموعة من مناصريه.   

في معمل ضاهر، كان فريق من عاملي النظافة يسابقون الوقت قبل وصول البخاري، لتنظيف واجهات مداخل المكاتب. أما في مدرسة الحشيمي، فبدا عامل الوقت إلى جانبهم ليسمح لهم بتزيين أسوارها بأعلام المملكة العربية السعودية وصورة كبيرة للعاهل السعودي رفعت في المكان.

المصافحة كانت بلا قبلات بين الحشيمي و"صديقه" السفير، كما سماه. استدرك مرافقو السفير منذ البداية حضور الصحافيين، وعملوا على إبعادهم فورًا، كي لا يكرروا أسئلتهم. ومن دون أي خلوة بين الرجلين، بل بحضور جمع من المدعوين، ولا حتى جولة في المدرسة التي زارها، غادر السفير السعودي بعد نحو عشر دقائق. فرفع "سعادة السفير" نسبة الأدرينالين في دم المرشحين. ولكن بكمية لا تؤمن لهما سعادة الاطمئنان لدعم المملكة.

يوم سعد غامض
"المدن" حاولت التواصل مع ضاهر، لاستطلاع رأيه في الزيارة ومعانيها. لكن حتى ساعة إعداد التقرير لا جواب. فيما أكد الحشيمي أن السعودية لن تقدم أي دعم "مادي" في الانتخابات.

وردًا على أسئلة وجهت إليه حول ما تطرقت إليه الزيارة، قال: "تكلمنا في أمور عدة، وسمعنا أن المملكة السعودية تريد الوئام والنمو الاقتصادي لهذه المنطقة"، مشيرًا إلى أن "السعودية تدعم كل اللبنانيين، وخصوصا السياديين، وليس فقط بلال الحشيمي".

وأشار إلى أنه سمع من السفير "أن المملكة مع الخط السيادي، ومع أن يرجع لبنان إلى طبيعته". وما إذا كانت الزيارة تحمل رسالة تحفيز للناخبين كي يقترعوا، قال الحشيمي: "مجيء البخاري إلى البقاع ولقاؤه مع طرفين في المعركة، تنقل رسالة أن المملكة مع التنافس الديموقراطي".

وأشارت أوساط الحشيمي إلى أن المملكة لا تريد الخصومة مع أحد، وتوقعت أن ينعم لبنان بأيام أفضل على الصعيد الاقتصادي، وشددت على الابتعاد عن التوتر. ناقلة أيضاً أجواء عن توجه المنطقة عمومًا إلى الارتياح.

كان يمكن لهذا اليوم أن يكون يوم السفير السعودي في زحلة ودائرتها، أو "يوم سعد" مرشح مدعوم من السعودية في البقاع  السنّي. ولكن هذا لم يحصل. غادر السفير السعودي مع مزيد من الإبهام الذي خلفه في انتخابات دائرة زحلة. ومن دون أي بوصلة واضحة يمكن أن يتلقفها الجمهور المؤيد لمحوره، باستثناء أن السعودية لا تضع، على ما يبدو، أي فيتوات على أي من اللائحتين.