مخاوف فاتيكانية: لبنان سيخلو من اللبنانيين بسنوات قليلة

المدن - لبنان
الخميس   2022/01/13
خلية عمل في الفاتيكان تدرس الملف اللبناني بكل تفاصيله (Getty)

في أواخر الشهر الحالي، يصل وزير خارجية الفاتيكان، بياترو كالاغار، إلى لبنان، للمشاركة في مؤتمر يعقد في جامعة الروح القدس في الكسليك، لمناسبة الذكرى الـ25 على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى لبنان، في ربيع 1997.

ماذا بقي؟
منذ خمسة وعشرين عاماً تحدث البابا بولس الثاني عن لبنان على أنه "رسالة". كان ذلك في خضمّ زمن سجن قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ونفي قائد الجيش العماد ميشال عون، وفي عزّ الاحتلال السوري للبنان. حينها، كانت زيارة البابا بمثابة رجاء جديد لمسيحيي لبنان، ودعوة للتمسك ببلادهم، والتفاعل مع الشركاء في الوطن. وتمّ الإعلان عن "الإرشاد الرسولي" في حينه، مرجعاً لتفاعل جديد بين المسيحيين والمسلمين في الوطن.

ماذا بقي بعد 25 عاماً من هذا اللبنان التي طالما سعى الفاتيكان على المحافظة عليه، بصيغته المسيحيةـ المسلمة، وبوجود المسيحيين فيه وضمان وجودهم في الصيغة اللبنانية؟ سؤال تطرحه اليوم دوائر الفاتيكان بخوف كبير على هذا اللبنان، خصوصاً في ظلّ غياب الحديث عن وثيقة ما أو إرشاد رسولي ما، قد يلبّي المعطيات التي تغيّرت منذ ربع قرن.

ظاهرة الهجرة
وفي المعلومات، أن كالاغار سيقوم بجولة على المسؤولين السياسيين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون، ليعبّر عن خوف الفاتيكان من تدهور الأزمة اللبنانية بمسارها الانحداري، وتأثير ذلك على هوية لبنان.

مع العلم أن الفاتيكان لا يحتاج إلى عقد لقاءات مع مسؤولين لبنانيين للاطلاع على الوضع اللبناني، بل هناك خلية عمل فيه، تدرس الملف اللبناني بكل تفاصيله. وتقدّر الخلية أنه بعد سنوات قليلة سيخلو لبنان من اللبنانيين بفعل الهجرة، وسيبقى فيه المقيمين من اللاجئين السوريين والجنسيات الأخرى. وهذا تماماً ما بدأ يثير مخاوف البابا فرنسيس، الذي يحرص على بقاء لبنان بوجهه المتنوع بمسيحييه ومسلميه. لم يعد الوضع كما كان عليه سابقاً، فالهجرة أصبحت ظاهرة خطيرة تصيب النسيج اللبناني، وتحديداً المسيحيين. وهنا يدور حديث في الكواليس عما يمكن أن تكون الخطوة التالية لحماية النسيج اللبناني، أو للمحافظة على الأقل على ما تبقى. وبناءً على ذلك، يبدو أن القاسم المشترك الذي سيجمع عليه المسيحيون في المرحلة المقبلة، هو العنوان الذي طرحه رئيس الجمهورية ميشال عون حول اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، التي ترى فيها مختلف القوى صيغة أفضل لضمان التعددية اللبنانية.

ومع أن زيارة وزير خارجية الفاتيكان إلى لبنان تأجلت أكثر من مرة، إلا أنها تأتي اليوم بعد زيارات عدة قام بها كالغار لدول في المنطقة مؤثرة في لبنان. وأبرز هذه الزيارات التي قام بها هي إلى سوريا وفرنسا وروسيا، علماً أنه تواصل مع الإيرانيين عبر السفير البابوي الذي عين حديثاً في طهران.

جمع القيادات المسيحية
يدرك كالغار أنه يزور دولة "خارجة عن المواثيق الدولية"، حسبما يقول المتابعون للزيارة. ولكنه أيضاً مهتم بعودة لبنان إلى سابق عهده في العلاقات الدولية، وهو ما يحاول البابا فرنسيس القيام به، عبر مساعدة لبنان بوضعه ملفاً حاضراً في كل اللقاءات، تحديداً في لقاءاته مع المسؤولين في الولايات المتحدة. فهل تمهد زيارة كالغار لزيارة البابا فرنسيس إلى لبنان؟ لا يمكن الحسم بذلك، لا سيما وأن لا موعد ثابتاً بعد لزيارة بابوية إلى بيروت، رغم إعراب البابا أكثر من مرة عن رغبته ذلك. بدورهم، يتساءل بعض المتابعين لزيارة كالغار، عن الدور الذي يمكن أن يلعبه وزير خارجية الفاتيكان، بعدما فشلت البطريركية المارونية بجمع القيادات المسيحية، رغم صعوبة هذه الخطوة قبل الانتخابات النيابية، غير أنه يمكن له استمزاج المواقف لخطوة مماثلة بعد الاستحقاق، حين يدخل لبنان مرحلة أخرى من الكلام عن صيغته والضرورة الذهاب إلى عقد اجتماعي جديد يحاكي تغيرات وتسويات المنطقة.