"تجارب التلحيم" في المرفأ: واحدة من خمس أشعلت العنبر

نادر فوز
السبت   2021/08/28
خلاصة التجارب أنّ لا شيء مكرّساً في ما يخص "التلحيم" وأنّ كل الفرضيات لا تزال قائمة (المدن)
ماذا حصل في مرفأ بيروت يوم الأربعاء الماضي؟

وصل المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ، على عجل، بصحبة وكلاء قانونيين لمدعى عليهم وأطراف مدّعية، إلى مكان تنفيذ محاكاة عملية التلحيم في المرفأ. تمّت مقاطعة إحدى جلسات الاستجواب الجارية في مكتب المحقق العدلي في قصر العدل، بعدما تلقّى البيطار اتصالاً هاتفياً من فريق أمني- تقني مكلّف بإعداد مسرح المحاكاة في المرفأ. فشيّد الأخير عنبراً مشابهاً للعنبر رقم 12 وأعدّوا التجهيزات اللازمة وسط مراعاة للظروف المناخية التي يفترض أن تكون مشابهة لتلك التي رافقت انفجار 4 آب 2020.

اعتراض وشروط
وعلى ما تقول رواية أحد من حضروا العملية، وصل البيطار والمحامون والمعنيون إلى المكان وكان كل شيء معداً لبدء التجربة. وقبل أن يباشر الفريق التقني عمله، احتجّ عدد من الموجودين على طريقة الإعداد. فكان عنصر أمني متخصّص يحاول بدء تنفيذ المحاكاة عندما تم تسجيل جملة من الملاحظات، وأبرزها أنه يجب أن تتمّ العملية وفق الأسلوب الذي تم يوم 4 آب. وأنّ يعيد من قام بالتلحيم في ذلك اليوم عملية المحاكاة بنفسه، وفق الشروط والظروف نفسها. فتوّقفت العملية لساعات.

تجارب لا محاكاة
بعد الكثير من الأخذ والردّ، كوّن القاضي البيطار قناعة تامة بأنّ ما سيجري هي تجارب وليس محاكاة. ويضيف المصدر نفسه أنّ "المحاكاة تفترض أن تكون عملية طبق الأصل ما حصل، أما التجارب فهي سلسلة من العمليات لفهم بعض الأمور، وتصوّر لما حدث، لا تثبّت نظرية أو تنفيها". كما أنّ التجارب ليست تمثيلاً للجريمة ولا إعادة رسم فعلي للورشة. وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على خوض سلسلة تجارب بعد الكل الجدل الذي حدث.

5 تجارب
وعند قرابة الثامنة مساءً، أي بعد مرور ساعات على وصول البيطار والمحامين إلى المرفأ، تمّ إجراء 5 تجارب على ورشة التلحيم والعنبر. وللملاحظة، فإنه بفارق التوقيت اختلفت الظروف المناخية، من حرارة وضغط ورياح أيضاً. تمّ وضع مواد شديدة الاحتراق داخل العنبر، واستعين بماكينات تلحيم.
الخلاصة؟ من أصل التجارب الخمس، جاءت نتيجة واحدة فقط إيجابية إذ اشتعلت المواد داخل العنبر. لكن كيف؟ تم وضع "نشارة" على الأرض، وإلصاق المواد الشديدة الاشتعال بالجدار الداخلي للعنبر، وقام الفريق التقني بإجراء عملية تلحيم من داخل العنبر. وفي تجارب أخرى، دخلت الشرارات إلى العنبر من دون أن تولّد أي حريق أو أثر، حسب المصدر نفسه.

الخلاصة
خلاصة التجارب أنّ لا شيء مكرّساً أو مثبّتاً في ما يخص عملية التلحيم. وأنّ كل الفرضيات لا تزال قائمة في ما يخصّ جريمة 4 آب. وذلك بانتظار إجراء محاكاة فعلية لعملية التلحيم، وبانتظار صور جوية وأخرى بالأقمار الاصطناعية لموقع الانفجار يوم الانفجار. وبانتظار تقارير أمنية ومخبرية أجنبية لم تصل بكامل تفاصيلها بعد إلى يد المحقق العدلي، أو وصلت ولم يتمّ الكشف عنها بعد.

من له مصلحة في تكريس نظرية التلحيم؟ تجيب مصادر حقوقية إنّ السلطة، بكل تلاوينها، قد تستفيد من تكريس هذه النظرية. ستكون جريمة 4 آب حادثاً، بفعل خطأ بشري. لكن يغفل هؤلاء أنّ مسؤولية هذه السلطة، بسياسييها ورؤسائها وأجهزتها الأمنية وإدارة المرفأ، ستكون مضاعفة لترك أطنان نيترات الأمونيوم مكدّسة لسنوات بإهمال وفوضى شديدين.
من يريد الوصول لحقيقة ما حصل في مرفأ بيروت، لا يمكن أن يستبعد أي من الفرضيات ولا يسعى إلى تكريس فرضية دون أخرى من دون دلائل حسيّة ومؤكدة. فمن يسعى إلى تكريس أي من الفرضيات على حساب أخرى، يطيح فعلياً بالتحقيقات. إذ أنّ القرار الظنّي يسقط تلقائياً في المجلس العدلي عند أي شكّ أو نفي لمضمونه. هذا ما يدركه القاضي طارق البيطار، وهذا ما يدركه وكلاء قانونيون معنيون في الملف. وعلى ما يقول البعض، فإنّ المحقق العدلي بات يعمل بعدة "الجوهرجي"، ليقيس كل خطوة في تحقيقاته. في يده ميزان جوهرجي من أجل العدالة.