طرابلس: معارك بين عصابات عائلية مسلحة في باب الحديد

جنى الدهيبي
الأحد   2021/07/11
تمكن الجيش اللبناني من الدخول إلى منطقة الاشتباكات في باب الحديد (علي علّوش)
بعد نحو 10 أيام من الهدوء عقب التوترات الأمنية التي تخللها اشهار سلاح في منطقة باب التبانة، خيّم مجددًا إطلاق الرصاص الكثيف في سماء طرابلس، ليل السبت 10 تموز. وهذه المرة من منطقة باب الحديد، ما تسبب بقلق كبير للسكان.  

وبحسب المعطيات الأولية، فإن الإشكال وقع بين أفراد من عائلتي آل عثمان وآل الجنزرلي، ثم سرعان ما تطور إلى إطلاق نار بالرشاشات الحربية عشوائيًا، حيث تمترس المسلحون وتواجهوا في أزقة المنطقة. وثمة معطيات عن سقوط جريح نقل إلى المستشفى.  

وتشير معلومات "المدن" إلى أن الإشكال وقع على خلفية حادث سابق منذ فترة، حين أقدم أحد أفراد آل جنزرلي على إطلاق الرصاص على قدم أحد أفراد آل عثمان، فبادروا اليوم إلى "الثأر" بالهجوم على منزل أحدهم.  

وما يعرف عن بعض أفراد هاتين العائلتين، هو سعيهما للسيطرة على منطقة باب الحديد ومحيطهما. وكأنهما قادة محاور، إذ يملك أحدهم مولدات خاصة للكهرباء ومحال للمفروشات، فيما يشتهر آخرون بفرض الخوات بالمنطقة، على قاعدة توفير الأمن والحماية.  

وبعد اتساع رقعة المواجهة بينهما، تمكن الجيش اللبناني من الدخول إلى منطقة الاشتباكات في باب الحديد، بملالاته، في محاولة لتفريقهما ووقف إطلاق النار، كما قام بمطاردتهم، ونفذ انتشارًا واسعًا بالمنطقة وعند مداخلها.  

وسجلت على خلفية الإشكال أضرار مادية بالسيارات المركونة وخزانات مياه وبعض المباني السكنية، نتيجة كثافة الرصاص العشوائي. 

وفي الوقت عينه، أقدمت سيارة مجهولة على إطلاق النار من سلاح حربي بإتجاه أحد الأفراد كان على متن دراجة نارية في منطقة أبي سمرا، من دون إصابته.  

أمّا في عكار، فقد أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" عن تطور إشكال فردي بين مجموعة من الشبان على أفضلية تعبئة الوقود إمام إحدى محطات الوقود في بلدة المقيبلة في وادي خالد. وحصل عراك وتضارب بالسكاكين، حيث أصيب ابن صاحب المحطة بطعنة في ساقه وتم نقله إلى إحدى المستشفيات للمعالجة. وتدخلت دورية للجيش وعملت على فرض الهدوء وفض الاشكالات، وتقوم القوى الأمنية بمتابعة التحقيق ومعرفة كل المتسببين بالاشكال. 

ولاحقا أعلن صاحب المحطة إقفالها حتى إشعار آخر لحين تأمين الحماية الأمنية اللازمة، ولضمان منع الاشكالات. 

تجارة السلاح 
وواقع الحال، تبدو هذه الحوادث عينة عن يوميات الشمال، الذي يعيش حال احتقان واستئناف للأحداث الأمنية. لكن الأهم أنها تعكس عمق أزمة انتشار السلاح في طرابلس وجوارها، حيث يُباع عشوائيًا، وينتشر بين أيدي معظم أبناء المناطق، ومن مختلف الأعمار حتى بين القاصرين، وهذا ما سبق أن أشرنا إليه في تقارير عدة.  

ولعل أكثر السلاح انتشارًا، وفق معلومات "المدن"، هو المسدسات الحربية، وأكثرها شيوعًا الروسية والتركية الصنع. ويدخل معظمها عبر عمليات التهريب من سوريا، كما تنتشر بعض أنواع الرشاشات والقنابل اليديوية، حيث أصبحت تجارة السلاح الأكثر رواجًا، رغم غلاء أسعارها بالدولار الأميركي.  

وفي هذا الوقت، تسيطر المخاوف شمالًا من جرّ طرابلس إلى مرحلة جديدة من الفوضى الأمنية، في ظل انتشار السلاح عشوائيًا، ومع ارتفاع مستوى التوتر السياسي وتوالي عجلة الانهيار اقتصاديا ومعيشيًا، وما يتبعها من شح كبير بالمواد الأساسية كالمحروقات والأدوية، وتآكل مستمر للقدرة الشرائية، بعد أن اقترب سعر صرف الدولار من سقف 20 ألف ليرة.