نجاة رشدي لـ"المدن": المساعدة الدولية مقرونة بالثقة والإصلاحات

جنى الدهيبي
السبت   2021/06/05
"المجتمع المدني لا يمكن أن يحل محل الدولة" (المدن)

تواصل طرابلس جذب اهتمام السفراء والدبلوماسيين والممثلين الدوليين، للإطلاع على ما تحفل به المدينة من مشاريع مدنية وأهلية وطاقات كبيرة قادرة على المساهمة في النهوض بالدولة، إذا توفرت الإرادة السياسية، بدل الإمعان بوصمها بكل الصفات والأحكام، التي تجعل منها مدينة هامشية ومعزولة عن محيطها.  

وآخر الزيارات اللافتة لعاصمة الشمال، اليوم السبت 5 حزيران، كانت لنائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية، نجاة رشدي، مع وفد رفيع من مسؤولي المنظمة، بدعوة من السياسي الدكتور خلدون الشريف.  

وفي جولة استمرت ساعات داخل طرابلس، زارت رشدي جمعيات "عكارنا"، "سنابل النور"، "فكر بغيرك - مائدة المحبة". واطلعت على نشاطاتها وتقديماتها الإنسانية والخيرية والتنموية، وتواصلت مع مجموعة من المواطنين واستمعت إلى مطالبهم ومعاناتهم، ثم جالت في أسواق طرابلس التاريخية ومسجد سيدي عبد الواحد. 

الفقر والكرامة 
وأعربت رشدي عن إعجابها وتقديرها لمستوى التكافل الاجتماعي في طرابلس، والذي يخفف عبء الأزمة عن آلاف العائلات المحرومة. فخصّت "المدن" بحديث خاص، واعتبرت أن مظاهر الفقر في المدينة طغت عليها كرامة الناس وعزة نفوسهم.  

وأشارت رشدي أن مشروع المنطقة الاقتصادية الحرة بنّاء، ويختزن قدرات كبيرة لتكون نموذجاً في المنطقة وليس في لبنان فقط.  

وهي اعتبرت أن لا أحد يحل مكان الآخر. فـ "مثلما لا تستطيع الدولة أن تلعب دور المجتمع المدني، كذلك لا يستطيع الأخير أن يحل مكان الدولة أو أن يأخذ دورها".   

وذكرت رشدي أن التقرير الأخير لبرنامج الغذاء العالمي، كشف أن هناك أكثر من مليون لبناني لا يتمتعون بالأمن الغذائي. و"هذا يحث على ضرورة التفكير بنموذج اقتصادي جديد يخدم مصالح اللبنانيين ويؤمن فرص نهوضهم".  

وأكدت أن الأمم المتحدة تواصل مساعداتها لطرابلس ومختلف المناطق اللبنانية منذ زمن طويل. وقالت: "بعدما زرت طرابلس، سأتحدث في المحافل الدولية، ليس فقط عن التحديات، وإنما عن الوجه الجميل الذي يعكس جمال الشعب في تضامنه".  ورأت أن "المشاريع المطروحة في طرابلس، تجعل أهالي المدينة يتجاوزون حالة الجمود السياسي".  

لبنان والمجتمع الدولي 
وعن الأزمات المزمنة في البلاد، تشير المنسقة المقيمة للأمم المتحدة، أن "المجتمع الدولي واضح في تعاطيه مع الملف اللبناني، وخصوصًا على وجوب تنفيذ الإصلاحات الضرورية بعد سنوات طويلة من المطالبة بها، وفي آخر عامين. أي منذ انطلاق الحراك الشعبي في خريف 2019، صار أكثر أصراراً على مطلب تنفيذ الاصلاحات من قبل السلطات الرسمية".  

وأردفت أن المجتمع الدولي حاضر في لبنان، على مستوى تمويل المساعدات الإنسانية. وهذا ما تلمسه من خلال موقعها. لكن هذا النوع من المساعدات، وفقها، "لا يمكن أن يحل المشاكل التنموية، ولن يأتي باستثمارات وفرص عمل، مقرونة بتنفيذ الإصلاحات".  

وتضيف أن "لبنان لا يمكن أن يتعافى أو أن يقف على قدميه، في نظر المجتمع الدولي، من دون إصلاحات جذرية وواضحة، في النظام المالي والإداري والحوكمة والشفافية والقضاء والمحاسبة".  

أمّا على مستوى الأمم المتحدة، فـ "نواصل التعاون على مختلف الملفات مع المجتمع المدني. ولكن لا يمكن تنفيذ مشاريع دولية مع المجتمع المدني أو مع القطاع الخاص من دون الدولة. لأن المستثمرين يحتاجون إلى ضمانات من مؤسسات الدولة الرسمية على مستوى القضاء والأمن والإدارة المالية".  

والأولوية حاليًا، بحسب رشدي، "تكمن في كيفية استعادة الثقة بمؤسسات الدولة لتبني المشاريع المطروحة. وهذا يحتاج أيضا لتنفيذ الإصلاحات. وحتى الآن الجهود المبذولة ليست على مستوى التحديات واحتياجات الشعب اللبناني".  

إمكانات طرابلس 
وفي آخر محطاتها، لبّت رشدي دعوة جمعية "رواد التنيمة" الواقعة في شارع سوريا بين جبل محسن وباب التبانة. وقدم لها المسؤول في المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، حسان ضناوي، عرضًا مفصلًا عن إمكانات هذا المشروع. وعرض الباحث الدكتور أسامة زيادة شرحًا عن سبل تفعيل وتطوير العلاقات العملية بالمدينة. وقدمت مديرة "رواد" سارة الشريف عرضًا مسهبًا عن عمل الجمعية في منطقة سبق أن عاشت جولات عنف دامية. 

وفي سياق متصل، شدد خلدون الشريف أمام رشدي والوفد المرافق لها، على 4 حاجات أساسية في طرابلس، تعزيزًا للأمن الغذائي والصحي والتربوي وتوفيرًا لفرص العمل.  

وقال: "يمكن توفير فرص العمل لآلاف الشباب والشابات في طرابلس، بمجرد إقرار القوانين التطبيقية للمنطقة الاقتصادية، لا سيما أن تشغيلها لا يشكل عبئًا على خزينة الدولة". ووعد ببذل الجهود والعمل على تعزيز العلاقة بين المجتمع الدولي وطرابلس، بموصفها مدينة متنوعة وحاضنة وآمنة ومنفتحة على العالم.