حزب الله واللواء ابراهيم والمرده ببكركي: تحذير من النار

جوزفين ديب
الثلاثاء   2021/03/09
زيارة ابراهيم كانت ذات طابع أمني هذه المرة (موقع "بكركي")

مزدحمة باحة بكركي هذه الأيام. منذ صباح اليوم الثلاثاء، تقاطعت العناوين فيها من سبتها الشهير وخطاب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بكل ما حمله من رسائل إلى كل اتجاه، وصولاً إلى المسعى الدائم لتشكيل الحكومة.

اقتراح ابراهيم ورفض جعجع
المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، حط ضيفاً أول في الصرح. وفي المعلومات، أن ابراهيم كان قد طرح منذ أسبوع اقتراحاً بدخول كل القوى السياسية إلى الحكومة. على أن دخول "القوات اللبنانية" يمكن أن يحل الأزمة المستعصية بين رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر من جهة، والرئيس المكلف من جهة أخرى. فتكون حكومة شبيهة بحكومات الوحدة الوطنية. ولكن عبر اختصاصيين. استمزج الراعي يومها عدد من الآراء التي يثق بها، فاتصل بأحد أصدقائه من وزراء القوات السابقين للتشاور. ثم سقط  الطرح بعد عرضه على رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، الذي يرفض الدخول في الحكومة لعدة اعتبارات. أولها، أن جعجع ليس مستعداً لإنقاذ قوى سياسية، وليس مستعداً لأن تتحمل القوات اللبنانية مسؤولية انهيارات مالية واقتصادية ومعيشية مقبلة. وهي التي لم تشارك في الحكومات السابقة مشاركات حقيقية. ثانيها، أن جعجع لا يثق بالقوى السياسية الأخرى، وتحديداً برئيس التيار الوطني الحر، الذي غدر باتفاق معراب، ولا برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي أدار ظهره للقوات عند التسوية مع باسيل. ثالث الاعتبارات، أن لا حظوظ لحكومة وحدة وطنية تشبه الحكومات السابقة، لأن المطلوب حسب المبادرة الفرنسية صيغة حكومية أخرى مختلفة تماماً. ورابع الاعتبارات، أن رئيس الجمهورية وفريقه السياسي لن يقبل بالحصول على أقل من ست وزراء، ويرفض في الوقت عينه توسيع عدد الوزراء.

من جهته لم يبذل الراعي جهداً كبيراً لإقناع القوات اللبنانية بطرح ابراهيم، لأن سبق أن خاض تجربة إقناع الأحزاب المسيحية بالجلوس على طاولة واحدة للحوار، الصيف الماضي، ولم ينجح لامتناع جعجع عن تلبية الدعوة، لعدم رغبته بتسليف باسيل أي موقف. وبالتالي، يدرك الراعي أن الوساطة بينهما فاشلة حتماً وهو لا يريد الدخول بينهما مجددا.

روسيا وفرنسا والأمن
ما هو جديد ابراهيم اليوم؟
بعد أسبوع على سقوط الطرح الأخير، عاد ابراهيم إلى بكركي اليوم معولاً في حديثه مع البطريرك ما سيحمله اجتماع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع الحريري في الإمارات. فروسيا تتحرك حكومياً. وفي المعلومات، أن فرنسا قامت باتصالات مع كل القوى السياسية، وحتى مع القوات اللبنانية. وبالانتظار، لا تزال الصيغة المقترحة نفسها، على أن يلعب دوراً مع البطريرك الراعي في إعادة إحيائها. هي صيغة الثلاث ستات، على أن يقدم رئيس الجمهورية لائحة بعدد من الأسماء لتولي حقيبة الداخلية ليختار من بينها الحريري إسماً. ليس هذا الطرح بجديد. ولكنه حاضر دائماً على الطاولة. فالمعلومات المرافقة لزيارة اليوم تشير إلى أنها كانت ذات طابع أمني هذه المرة. أثار فيها ابراهيم خطورة ما يحصل من قطع للطرقات، يمكن أن يؤدي في لحظة توتر إلى ما لا تحمد عقباه. يدرك الجميع أن الأزمة المتردية المنعكسة على حياة اللبنانيين في معيشتهم، لا تحتمل ان يستثمر فيها أحد في الشارع. هذا لعب بالنار وقد لا يمكن لأحد إخمادها. من جهته يدرك الراعي خطورة ما يمكن أن ينتجه الشارع من إشكالات. ولكنه يحمّل القوى السياسية مجتمعة مسؤولية أي انفلات أمني لانفصالها عن الواقع، عبر التعنت خلف مواقفها بما يمنع تشكيل الحكومة.

الراعي وفرنجية واللعب بالنار
هذه أيضاً كانت زبدة الكلام بين نواب المرده والراعي، في اللقاء الذي جمعهما اليوم في بكركي. رئيس تيار المرده سليمان فرنجية غاب عن اللقاء لظروف صحية. فحصل اتصال بينه وبين الراعي. أهم ما في اللقاء الذي جمع عدد من نواب المرده، يتقدمهم النائب طوني فرنجية، أن الأخير عرض للراعي خطورة ما يمكن أن يحمله الشارع من مخاطر على السلم الأهلي. فزغرتا ودعت اليوم شابين من شبابها بعد مقتلهما على طريق مقطوعة، هما الياس مرعب ونعمة ونعمة. وفي اللقاء عرض الوفد للراعي أنه "لا يمكن لفرنجية أن يضبط ردود الفعل التي يمكن أن تؤدي إلى إشكال بين مناصريه وبين الشبان الذين يقطعون الطرق، تحديداً هؤلاء الذين ينتمون إلى القوات اللبنانية". طلب فرنجية من الراعي التدخل عبر الكلام مع رئيس حزب القوات، والتنبيه لخطورة انتشار عناصر حزبه على الطرقات على طول الخط الساحلي في المناطق المسيحية، وما يمكن أن يؤدي ذلك إلى توترات أمنية. وافقهم الراعي قائلاً إنه غير راض على مشهد الطرق المقطوعة، على أن يرى ما يمكن أن يقوم به في الايام المقبلة.

ومساء رفع الراعي الصلاة لراحة نفس الشابين ضحايا زغرتا، قائلاً إنهما وقعا ضحية الاصطدام بشاحنة من دون أي إشارة تنبه أن الطريق مقطوع. وأضاف الراعي في صلاته المسائية، "نأسف أن تحصل كل هذه الأمور والشعب غاضب والشباب غاضبون، نحن معهم ولكن لا يجب أن يعاقب الناس على الطرقات، فهم ليسوا من أوجد المشكلة في لبنان. وهم ليسوا من عرقل تشكيل الحكومة وتقاعس عن الأزمة المالية والحكومية. بل هم يدفعون الثمن مرتين. ثمن حاجاتهم وثمناً يدفعونه على الطرقات. علينا احترام الناس والمحافظة عليهم، كي لا يكفروا بالوطن. فنحن جميعنا نريد هذا الوطن".

عودة اللجنة المشتركة بين بكركي وحزب الله
وفي الرابعة من بعد ظهر الثلاثاء عقدت اجتماعها اللجنة الثنائية للحوار بين البطريركية المارونية المُمثلة بالمطران سمير مظلوم والأمير حارس شهاب، وبين حزب الله المُمثل بعضوي المجلس السياسي للحزب، الحاج محمد سعيد الخنسا والحاج مصطفى الحاج علي. وعمم المجتمعون خبر تباحثهم  بالأوضاع المأساوية التي يمر بها لبنان، مؤكدين على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على معالجة الكوارث التي يرزح تحتها الشعب اللبناني، وضرورة إنعاش الاقتصاد على المستويات كافة.

وثمّن المجتمعون الزيارة التي قام بها قداسة البابا فرنسيس إلى العراق، وتوقفوا عند اللقاء التاريخي مع المرجع آية الله السيد السيستاني، والذي يشكل دعامة كبرى في العلاقات الإيجابية الإسلامية المسيحية، ومواقفهما من تشجيع العيش المشترك بين الأديان واحترام حقوق الإنسان أيا يكن انتماؤه الديني.

أما عن المسائل الإشكالية بين الفريقين، سيما الدعوة إلى مؤتمر دولي خاص بلبنان تحت رعاية الأمم المتحدة، والعناوين الأخرى التي طرحها الراعي في خطابه يوم السبت، أكان عن توحيد السلاح وحصره بيد الجيش اللبناني أو غيره، فمصادر اللقاء أكدت لـ"المدن" أن هذه الإشكاليات ستطرح في مرحلة لاحقة. إنما ما حصل اليوم هو جولة أفق بعد انقطاع، أهم ما فيها أن وفد بكركي أكد لوفد حزب الله ـن مبادرة الراعي عن حياد لبنان لا تعني حياده عن الصراع مع اسرائيل. وأهم ما في اللقاء أنه استدعى حزب الله للعودة إلى مد جسوره مع الساحات المسيحية المختلفة عن ساحة بعبدا.