"الانتفاضة" تتوحّد جنوباً: مفاجأة سياسية بتظاهرة صوْر

حسين سعد
الأحد   2021/03/21
الروح تعود إلى انتفاضة صور (المدن)

يجهد الحراك الجنوبي من صور إلى النبطية وصولاً إلى حاصبيا، إلى لملمة صفوفه، بعد ما يقارب سنة ونصف السنة على بدء انتفاضة 17 تشرين. وتعمل الأحزاب المنضوية في الحراك، والمجموعات والناشطين، على "عقلنة" الحراك والشعارات في الساحات، لكي تتماهى بالحد الأدنى مع بيئتها المعتدلة وتحفيزها على المشاركة، بعيداً عن الشعارات الجافة أو المتطرفة، أو التصويب على جهة سياسية معينة، انطلاقاً من واقع أن كل أقطاب السلطة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال متساوون إلى حد كبير في مسؤولية تدمير البلاد وانهيارها.

سلمية.. سلمية
وتنصب الاتصالات واللقاءات التي جرت في الآونة الأخيرة في عدد من ساحات الانتفاضة، وخصوصاً في مدينة صور، على محاولة توحيد الرؤية وأساليب التحركات، التي كانت سبباً خلال الأشهر التي تلت الانتفاضة في برودة الحراك وهجرة بعض المجموعات والأفراد تلك الساحة وغيرها لأسباب ذاتية وأخرى متصلة بلغة شعارات الأحزاب والمجموعات منتفضة، التي اعتبرها الكثيرون من المشاركين بأنها خارج روحية الانتفاضة ومطالبها، المتمثلة بالإصلاح وتطبيق القوانين واستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، مؤكدين بأن ثمار إعادة تجميع مكونات الانتفاضة كانت في المسيرة الحاشدة والمتنوعة التي شهدتها مدينة صور مؤخراً.

في الاجتماع الأخير في صور، الذي بادر إليه عدد من الناشطين، تم تشكيل لجنة تنسيق لمواكبة كل التحركات المنبثقة من الساحة، ابتداء من الدعوة وصولاً إلى المسارات والشعارات المرفوعة، بهدف مخاطبة فئات من جمهور أحزاب السلطة أو اللامنتمين، باعتبارها فئات من المواطنين المتضررين كغيرهم من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، الذي ينذر بمزيد من التحديات، ورفض كل أنواع العنف وقطع الطرقات وإشعال الإطارات ومهاجمة المؤسسات، بما فيها المصارف.

يشدد الناشط الدكتور ابراهيم فرج على أهمية وضرورة توحيد ساحات الانتفاضة وجمع صفوفها، لكي تكون فاعلة أكثر وتحقيق المطالب المرفوعة، وفي مقدمها إصلاح النظام السياسي وتطبيق القوانين، والابتعاد عن المظاهر العنفية أو إغلاق الطرقات وأعمال الشغب، أو رفع شعارات تستهدف جهات سياسية محددة.

ويقول فرج لـ"المدن": "إننا من اللحظة الأولى للانتفاضة نعتبر أن كل السلطة مسؤولة عن ما آلت إليه أحوال الناس وإفقارهم. وبرأيي، فان المتضررين من هذا الواقع هم من جمهور كل الأحزاب. وهؤلاء يجب علينا مخاطبتهم. وهم يتفقون إلى حد معين مع قناعاتنا المتعلقة بمسؤولية هذه السلطة كلها عن مأساة اللبنانيين".

"نحن مش غنم"



من أقدسهم إلى أنجسهم
ينضوي الدكتور علي عز الدين في مجموعة "نبض الجنوب المنتفض" التي تأسست مع بدايات الانتفاضة. وأكثرية أفرادها في صور والنبطية. ويقول لـ"المدن": "إن أهم ما حققته الانتفاضة، بعد ما يقارب السنة والنصف السنة على انطلاقها، هو خروج الناس من دائرة الخوف وكسر هيبة السياسيين من أقدسهم إلى أنجسهم. كما أنها تجاوزت حصرية الثنائي الشيعي في تمثيل الناس، وكرست وجود شريحة واسعة معترضة.

ويشير عز الدين إلى أن أي حزب أو مجموعة من مكونات الحراك الشعبي، سواء في صور أو غيرها، ليس لها مصلحة في التفرد بأي عمل أو نشاط. فالانتفاضة بحاجة إلى كل الجهود. وهذا ما نحرص عليه في صور وغيرها من المناطق الجنوبية.

مسؤولة الحزب الشيوعي اللبناني (أحد المكونات الرئيسة في الحراك في مدينة صور) وإحدى الناشطات في ساحة دوار العلم، ناهد سلامي، تؤكد لـ"المدن": إن الروح تعود إلى انتفاضة صور بعد برودة كان السبب الأساسي فيها لوباء كورونا.

وتضيف سلامي: إن هدفنا وأولوياتنا جمع كل الطيف المعارض، وتماسك الأحزاب والمجموعات والناشطين حتى تحقيق المطالب التي انطلقنا من أجلها في 17 تشرين وقبل ذلك، تحت شعارات مطلبية وحياتية وإصلاحية. مشيرة إلى الحراك الصوري اتفق مؤخراً على تزخيم الانتفاضة بتنسيق كامل بين كافة الأطياف الموجودة في ساحة العلم، مثنية على تعاطي الجيش اللبناني مع المحتجين في ذروة ارتفاع سعر الدولار.

هيئة موحَّدة
ويلفت الناشط والأستاذ الجامعي حاتم حلاوي إلى بروز مساعٍ بين الثوار لصوغ خطاب موحد. ففي مدينة صور خصوصاً، أدرك الجميع، واليسار والحزب الشيوعي تحديداً، أنه لا بد من إيجاد مساحة مشتركة بين كل المكونات، وخصوصاً المستقلين الذين يشكلون الأكثرية الصامتة في الشارع المنتفض. وقد أسس هذا الأمر لدعوة إلى إنشاء هيئة عريضة تضم كل من شارك بفعالية في حراك صور، أثمرت تنسيق العمل المشترك، عبر لجنة مصغرة تمثل معظم الاتجاهات. وكانت نتائجها واضحة في تظاهرة 13 آذار الحالي التي نجحت في رسم مشهدها الاعتراضي الكبير. وسيكون هناك تنسيق وعمل مشترك أكبر مستقبلاً عبر التأسيس لعمل سياسي واعتراضي منظم.