رؤية إسرائيلية: مخططات حزب الله لحكم لبنان نهائياً

سامي خليفة
الجمعة   2021/03/19
يعمل حزب الله بنظام حكومي بديل منفصل عن الحكومة المركزية في بيروت (Getty)

فيما يشهد لبنان انهياراً دراماتيكياً على مختلف الصعد، حذّر الباحث الإسرائيلي في مركز "القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة"، والخبير في شؤون حزب الله، شمعون شابيرا، من كون الجمود السياسي في بيروت، الذي يهدد الاقتصاد اللبناني بالانهيار التام، يمهد الطريق أمام سيطرة حزب الله المُحْكمة على لبنان بدعمٍ صريح من إيران.

تفكك الدولة ورؤية إيران
وأشار العميد شابيرا الذي شغل سابقاً منصب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلى أن الأزمة السياسية المستمرة تمنع تشكيل حكومة دائمة في بيروت، كما تهدد بتفكك الضوابط والتوازنات التي يقوم عليها نظام الحكم الطائفي في لبنان الذي كان قائماً منذ عام 1943.

وحسب رؤية شابيرا، يدرك أمين عام حزب الله حسن نصرالله، حجم المسؤولية التي تلقيها إيران على كاهله. فقد أدى انهيار الحكومة المركزية في بيروت، إلى جانب الترهل الاقتصادي، إلى تحويل لبنان من دولة فاشلة إلى دولة حزب الله، حيث يحظى نظام حزب الله البديل بدعمٍ كامل من إيران. وبينما يمتنع الحزب عن الاستيلاء رسمياً على هيكل الحكم، ويتفهم نصرالله المغزى البعيد المدى للاستيلاء على السلطة في القصر الجمهوري في بعبدا.. تحمل إيران أهدافاً جيوستراتيجية تمنعها من تحقيق رؤية تحويل لبنان إلى جمهورية إسلامية كما أمر آية الله الخميني. فهدف إيران المباشر هو الاستفادة من نافذة الفرصة التي فتحتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والعودة إلى الاتفاق النووي بشروط طهران.

سيناريوهات ما بعد الانهيار
وإذ لفّت شابيرا أن إيران تعمل على زعزعة استقرار لبنان حتى تتمكن من ملء فراغ السلطة عبر حزب الله، توقع ثلاثة سيناريوهات إستراتيجية "متطرفة" في حال انهيار الحكومة اللبنانية، ما يمهد الطريق لسيطرة حزب الله المطلقة.

ويفترض السيناريو الأول إمكانية نقل إيران سفنها الحربية إلى ميناء بيروت والاستيلاء عليه، مع استغلال سيطرة حزب الله على مطار بيروت الدولي لاستخدامه كمطار عسكري خاص بها. أما السيناريو الثاني فهو إرسال إيران لفيلق القدس التابع لها من إيران وسوريا إلى منطقتيّ بعلبك والبقاع في لبنان، حتى تتمكن من نقل الميليشيات الشيعية التي ترعاها عبر الحدود من سوريا. وكما هو معلوم فإن هذه الميليشيات الأفغانية والباكستانية والعراقية واليمنية كانت جميعها مدعوة من قبل أمين عام حزب الله حسن نصر الله للمشاركة في الحرب المقبلة ضد إسرائيل.

ويتمحور السيناريو الثالث، وفق شابيرا، برد حزب الله في عمق إسرائيل إذا هاجم الجيش الإسرائيلي تلك القوات. وهنا، سيسمح الغطاء العسكري الإيراني للحزب بتصنيع صواريخ دقيقة محلياً لتضيف إلى ترسانته حوالى 180 ألف صاروخ سيستخدمها ضد إسرائيل.

وعلّق شابيرا على السيناريو الثالث محذراً من أن استمرار تدهور الوضع في لبنان يمكن أن يتحقق ويغير ميزان القوى الإقليمي ويهدد إسرائيل بشكلٍ مباشر.

نظام حكومي بديل
يبني شابيرا تقييمه على الانهيار الوشيك في لبنان على قاعدة أن حزب الله يعمل بنظام حكومي بديل منفصل عن الحكومة المركزية في بيروت. ومع تمويل سنوي يُقدر بمليار دولار من طهران، يمتلك الحزب نظاماً اقتصادياً مستقلاً، بما في ذلك مؤسسات مالية لديها أجهزة صراف آلي، فضلاً عن نظام صحي يوفر حلاً جزئياً لعجز الدولة عن التعامل مع جائحة فيروس كورونا. ويمتلك الحزب أيضاً نظاماً تعليمياً مستقلاً يشمل رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانوية، ونظاماً من 32 حوزة (مدارس دينية) ومؤسسات رعاية اجتماعية في جميع أنحاء لبنان. كما يدير برنامجاً كشفياً لتلقين العقيدة للأطفال.

وذّكر شابيرا بتصريح نصر الله الشهير الذي قال فيه: "طالما أن إيران لديها أموال، فلدينا أموال.. ومثلما نتلقى الصواريخ التي نستخدمها لتهديد إسرائيل، فإننا نتلقى أموالنا". معتبراً أن هذا التصريح يدل على سيطرة الحزب على الدولة، رغم أنه يمتنع رسمياً عن الاستيلاء على السلطة في لبنان.

الاستيلاء على لبنان
في غضون ذلك، يرى العميد الإسرائيلي أن رؤية إيران على المدى الطويل هي تحويل لبنان إلى جمهورية إسلامية كما أمر الخميني. خصوصاً أن جزءاً من المجتمع الشيعي مخلص للمبدأ الديني لولاية الفقيه، الذي يرى المرشد الإيراني علي خامنئي باعتباره الوصي السياسي والديني، وأن نصر الله ممثله في لبنان.

وفي الختام، نبّه شابيرا من أن الانهيار الداخلي في لبنان يتقدم بوتيرة أسرع مما تريده إيران وحزب الله. وفي هذا الوضع، قد ينشأ سيناريو متطرف تسقط فيه الدولة اللبنانية مثل ثمرة ناضجة في يد حزب الله، وتحقق إيران رؤيتها في الاستيلاء على لبنان.