"المستقبل" المترهل في الشارع: صراع الأخوين وانقسام الأتباع

المدن - لبنان
الإثنين   2021/11/29
الضياع "المستقبلي" ينعكس على البيئة السنية ككل (علي علوش)
مشهد التحركات الاحتجاجية في مختلف المناطق اللبنانية، صباح اليوم الإثنين، والتي تركزت في البيئة السنّية خصوصاً، لها مدلولات سياسية واجتماعية متعددة. من "الطريق الجديدة" إلى الكولا والمدينة الرياضية وكورنيش المزرعة، إلى صيدا، البقاع، والشمال. إنها المناطق التي تشكل ثقل وجود تيار المستقبل وتمثيله.
عشية التحركات كان ثمة دعوات من قبل مسؤولين مستقبليين تحضيراً للتظاهرات، ودعم الموقف ببيان للهيئة التربوية في التيار للإضراب في المدارس. لا يمكن فصل مثل هذه التحركات عن السياسة، والتي يمكن قراءتها في وجهات مختلفة، لا بد من استعراضها.

صراع الأحمدين
قبل الدخول في استعراض القراءات المتعددة، لا بد من الإشارة إلى أن البيئة السنّية تشهد ترهلاً سياسياً كبيراً، على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات النيابية. داخل تيار المستقبل نفسه، هناك حالة ضياع واختلافات في التوجهات. صراع الأحمدين أصبح شهيراً في بيروت، وهو الصراع على النفوذ بين أحمد الحريري، الأمين العام لتيار المستقبل، وأحمد هاشمية رئيس جمعية بيروت للتنمية والمقرب من الرئيس سعد الحريري. قبل فترة كان هاشمية موعوداً من الحريري بأن يتم إطلاق يده في بيروت، إنطلاقاً من المساعدات التي يقدمها. ولكن قبل فترة، وتحديداً بعد زيارة أحمد الحريري إلى أبو ظبي، ولقائه بالرئيس سعد الحريري، وتنامي الكلام عن عدم استعداد الحريري للعودة إلى لبنان والمشاركة في الانتخابات، تفعّلت حركة أحمد الحريري في بيروت، إذ يسعى إلى تشكيل لائحة باسم تيار المستقبل تضم نزيه نجم ورولا الطبش وأسماء أخرى. ولم يحسم أحمد الحريري خياره في إمكانية ترؤسه للائحة، في حال غاب سعد الحريري. في هذا الوقت، زار أيضاً أحمد هاشمية أبو ظبي والتقى سعد الحريري، وأبلغه -وفق ما تنقل مصادر قريبة منه- نيته عدم الترشح للانتخابات النيابية.

تحييد حزب الله
بالتأكيد، فإن أحمد الحريري وبتنسيق مع والدته، رئيسة كتلة المستقبل النيابية، بهية الحريري، يؤمن بضرورة الحفاظ على بيت الحريري مفتوحاً سياسياً، فيما بدأت بهية الحريري معركتها الإنتخابية في صيدا.

على وقع هذه التحضيرات حصلت الاعتصامات وقطع الطرق، والتي تعتبر مصادر متابعة إن أحمد هاشمية يقف وراءها. وذلك، في محاولة منه لإثبات قوته في الشارع. هنا ثمة من يعتبر أن الرسالة موجهة إلى أحمد الحريري من جهة، وإلى بهاء الحريري من جهة أخرى، في سياق شد العصب وإعادة الاعتبار للوجود السياسي لـ"المستقبل" بالرهان على الشارع وحركته. بينما هناك تفسيرات أخرى لهذه التحركات بأنها تهدف إلى استدراج الحريري وإقناعه بالعودة إلى لبنان، والقول إن الجماهير تطالب به ليعود إلى صلب الحياة السياسية والتحضير للانتخابات.

ما كان لافتاً أيضاً هو أن الدعوات للاحتجاجات كانت قد اشتملت على إمكانية قطع طريق الجنوب في منطقة الجية وبرجا. ولكن ذلك لم يحصل، في مؤشر واضح إلى أن المستقبل لا يريد الاصطدام بحزب الله، ولا يريد إيصال رسائل استفزازية. فيما تقديرات أخرى تشير إلى أن الغاية من التحركات أيضاً، هي إيصال رسائل ضاغطة على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومحاولة للضغط في سبيل القيام بأي خطوة، من شأنها إيصال رسالة إلى دول الخليج سعياً لتحسين العلاقة معها. لكن أيضاً لا تنفصل هذه الرسائل في تزامنها مع زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى قطر، للقول إن عون يغادر لبنان على وقع تظاهرات احتجاجية على سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في عهده.

حركة بهاء
وسط هذا الضياع المستقبلي والذي ينعكس على البيئة السنية ككل، يتضح تفعيل الحركة السياسية التي يقوم بها بهاء الحريري في مختلف المناطق، سواء في المناطق السنّية، انطلاقاً من عكار وطرابلس، وحتى استعادة نشاطه في بيروت، وتحضيره لتفعيل حركته في صيدا أيضاً، أو في المناطق المسيحية بعد افتتاحه مكتباً في كسروان، وتحديداً في مدينة جونية، بمحاولة منه لوصل علاقات مع جهات مسيحية تحضيراً للانتخابات النيابية.

تبقى الكلمة الفصل في كل هذا الضياع هي ملك سعد الحريري، الذي يطالبه كثر بإعلان موقفه النهائي من الاستحقاق الانتخابي.