تحقيق المرفأ بعد مقتلة الطيونة: إصرار على تنحية البيطار

المدن - لبنان
الجمعة   2021/10/15
نفي رئاسي لرغبة القاضي طارق البيطار التنحّي عن التحقيق (علي علوش)
من عنوان التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، انطلقت شرارة اشتباك الطيونة. وبينما كانت محكمة التمييز تسقط للمرة الثالثة على التوالي طلب الردّ المقدّم من مدعى عليهم ضد القاضي طارق البيطار، خرج الاهتمام السياسي والإعلامي عن قصر العدل وانبرى لمتابعة الحدث الأمني الذي أيقظ محاور الحرب الأهلية بين الشياح وعين الرمانة.

بالنسبة لملف التحقيق في جريمة المرفأ، بقي القاضي طارق البيطار في مهامه محققاً عدلياً، ولو أنه تم تكبيل يديه في استدعاء الوزيرين السابقين المدعى عليهم نهاد المشنوق وغازي زعيتر. تبلّغ ظهر أمس البيطار بسقوط طلب الردّ، وعاود عمله، لم تسعفه المهل القانونية لتحديد جلسة استجواب اليوم، والسبت والأحد عطلة نهاية الأسبوع، والإثنين عطلة رسمية مع حلول عين المولد النبي، والثلاثاء في 19 تشرين الجاري ينطلق العقد الطبيعي الثاني لمجلس النواب فتعود الحصانات إلى النواب. بين التحقيق والعبث بالأمن وإطلاق يد الفتنة بين الشياح وعين الرمانة، عنوان أساسي هو الضغط على القضاء وتقويضه.

تنحي البيطار؟
أشارت معلومات صحافية يوم أمس إلى نيّة القاضي طارق البيطار التنحي عن ملف التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت، بفعل الضغط والدماء التي أسقطتها السلطة السياسية في الطيونة أمس. وأشارت المعلومات أيضاً إلى أنّ البيطار اتّصل برئيس الجمهورية ميشال عون لإعلامه برغبته التنحي. إلا أنّ المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية أصدر بياناً اليوم نفى فيه مضمون هذه المعلومات، مشيراً إلى أنّ خبر اتصال البيطار بعون "مختلق ولا أساس له من الصحة لاسيما وأنه لم يتم اي تواصل بين الرئيس عون والقاضي بيطار".

"كفى عبثاً بالقضاء"

في السياق القضائي، أصدر نادي قضاة لبنان اليوم بياناً أشار فيه إلى أن "القضاء قال كلمته، وخلص غير مرة إلى عدم قبول طلبات رد المحقق العدلي في جريمة المرفأ وعليه، من له أذنان فليسمع صوت القانون جيداً، وليتوقف عن العبث في آخر حصن في فكرة الدولة".
وأضاف النادي في بيانه أنه "في هذه الأيام العصيبة على الكافة، يؤكد نادي قضاة لبنان أنه لا بد من تعاضد جميع القضاة ووحدتهم حول مجلس القضاء الأعلى ورئيسه، لمنع أي محاولة لتجاوز صلاحيات السلطة القضائية وللتصدي حتما لأي محاولة للتطاول والإستقواء عليها من خارجها ترمي، في ما ترمي اليه، إلى كف يد المحقق العدلي بأساليب ملتوية؛ إذ إن الأخير يبقى سيد ملفه، ما دام لم يصدر أي قرار عن المرجع المختص برده أو تنحيته". وعبّر عن أسفه "لسقوط ضحايا وجرحى يوم أمس" ودعا إلى "الإسراع في الكشف عن الفاعلين وإنزال أقصى العقوبات بهم إحقاقا للعدالة وتفاديا لأي فتنة". كما كما دعا المواطنين جميعاً إلى "الاتعاظ من التاريخ ومآسيه، والوقوف صفاً واحداً مع القضاة لإقرار قانون إستقلالية السلطة القضائية التي تبقى الضامن الوحيد للعدالة، والملاذ الأخير لكل مواطن".

الحملة مستمرة
وعقب أحداث الطيونة، يبدو أنّ حزب الله وحركة أمل والقوى الحليفة لهمها مصرّون على استكمال المعركة بوجه البيطار من أجل تنحيه عن الملف. فعقدت "الأحزاب اللبنانية" اجتماعاً وأصدرت بياناً حمّلت فيه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مسؤولية حوادث الطيونة، ورأت أن "الجريمة امتداد طبيعي لسلسلة التحقيقات العشوائية الملتوية بقضية إنفجار مرفأ بيروت، والتي يعمد المحقق الحالي طارق البيطار إلى توجيهها باتجاهات محددة وجلية مصادرة للحقيقة، وتزويراً متعمداً للوقائع خدمة لمصالحه الخاصة ولمن يقف خلفه من أعداء المقاومة ولبنان، والرد الطبيعي على كل ما يجري لا يكون إلا بإزاحة المحقق بيطار والإتيان بقاض نزيه يعمل بوحي الثوابت الوطنية، ولا يبغي سوى كشف الحقيقة كما هي ودون أي تزوير أو تحريف". مع العلم أنّ هذا اللقاء يضمّ حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ وتيار المردة والحزب القومي والحزب الديموقراطي اللبناني وحزب الاتحاد.

القوات اللبنانية
وفي سياق آخر، شدد عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي على أنه "لدينا ما يكفي من الشجاعة والحكمة والإرادة لتثبيت السلم الاهلي في لبنان ولكن من ينتهك السلم الاهلي بشكل دائم وسافر هو حزب الله". وحول اتهام القوات اللبنانية بأحداث الطيونة، قال إنّ "القوات تتّهِم ولا تُتّهم. ما شهدناه هو فصل جديد من جمهورية حزب الله أي الجمهورية الإسلامية في لبنان التي حوّلت تظاهرة كان من المفترض أن تكون سلمية إلى عملية إطلاق نار كثيف ورمي للقذائف صاروخية، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى في هجوم على منطقة لم تكن تسعى إلا للعيش بأمان في الجمهورية اللبنانية لا في جمهورية حزب الله". ولفت إلى أنه في لبنان "كل هدوء هو مؤقت طالما هناك ميليشيا إسمها حزب الله تستطيع متى أرادت ان تستهدف المناطق الآمنة بكل انواع الأسلحة من ثقيلة ومتوسطة وخفيفة". وأضاف أنّ "خسارة أي نفس بشرية هي خسارة للبشرية جمعاء وخسارة أي نفس لبنانية هي خسارة للبشرية وللبنان مجتمعاً، لكن ان يكون هناك مسلح يعرض حياة العسكريين أو المدنيين للخطر وهو مستعد لإطلاق النار وفق قراره الذاتي أو الحزبي، فيجب كما يجري في كل دول العالم أولاً تحذيره وثانياً وضعه خارج إطار الايذاء. هذا هو المصطلح القانوني ولو استدعى الامر اطلاق النار على رأسه. لا يحق لأحد تعريض حياة الناس للخطر والادعاء أنّ حياته يجب ألا تتعرض للخطر. الجيش كان منتشرا منذ اللحظة الاولى حيث وقعت الاشتباكات وعزز حضوره وضبط الوضع. نحن خلف الجيش وأي إنسان مسلّح يعرّض الناس للخطر يجب وضعه فوراً خارج إطار إيذاء الآخرين".