المؤتمر الدولي: ماكرون ينجح إنسانياً وقطر أول المتبرعين

المدن - لبنان
الأحد   2020/08/09
المساعدات "لن تُقدّم إلى السلطات اللبنانية" (Getty)
يستمر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في أخذ لبنان ومساعدته على عاتقه. ففي كلمته الافتتاحية بمؤتمر الدعم الدولي لمساعدة لبنان، أعلن ماكرون أن هذه المساعدات "يجب أن تكون البداية". ما يعني أن فرنسا ستستمر بنشاطها لمساعدة اللبنانيين. لكنه كان واضحاً لجهة انعدام الثقة بالدولة اللبنانية ومؤسساتها، فأعلن أن المساعدات "ستقدم للمجتمع المدني اللبناني، وبمشاركة صندوق النقد الدولي ومؤسسات مالية دولية تحت إشراف الأمم المتحدة". بمعنى أن الحكومة والمؤسسات الرسمية لن يكون لها أي علاقة بأي مساعدة سيتم تقديمها. وهذا يدل على مدى سوء سمعة السلطة بكل أركانها.

المشاركون ونوع المساعدة
شارك في المؤتمر، إضافة إلى الرئيس الفرنسي والرئيس ميشال عون، كل من أمين عام الأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وملك الاْردن عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس القبرصي والرئيس البرازيلي ورئيس مجلس الاتحاد الاوروبي شارل ميشيل، ورؤساء حكومات الكويت والعراق واسبانيا واليونان والسويد واستراليا وممثّل عن البنك الدولي، ووزراء خارجية المملكة العربية السعودية، والنروج والدانمارك وبلجيكا ووزيرة التنمية الكندية ووزير التجارة الهولندي، ووزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية وشمال ايرلندا، ووزيرة الدولة للتعاون الدولي في الامارات، والمفوض الاوروبي لادارة الازمات ومديرة الصندوق الدولي ورئيس البنك الأوروبي للاستثمار ورئيس البنك الأوروبي للاستثمار، والموفد الصيني الخاص في الشرق الأوسط.. وكان التأكيد أن هدف المؤتمر هو "تأمين الدعم والمساعدات بشكل فوري للبنان وأن الشرط الأساسي هو ان تذهب هذه المساعدة مباشرة الى الشعب اللبناني".

وحسب المعلومات، فإن الأمم المتحدة تجري مسحاً لحاجات اللبنانيين بين أضرار ومشردين وبين الذين فقدوا منازلهم. وتشير المعلومات إلى أن هذه المساعدات "لن تُقدّم إلى السلطات اللبنانية"، مشيرة إلى "أن هناك غضباً كبيراً في الشارع. ولن نقدم شيكاً على بياض للحكومة اللبنانية. فهناك طرق يتم من خلالها تقديم الأموال. وقد تكون عبر الامم المتحدة وووكالاتها. وهناك أيضاً مؤسسات جدية وفعالة في لبنان، وعلى رأسها مؤسسة الجيش اللبناني والصليب الأحمر".

المساعدات تستهدف ترميم أو إعادة إعمار المباني المدمرة، وتأمين سلامة المواطنين، كنقل الجرحى وإخراج المعرّضين لانهيار منازلهم، وتأمين المساعدة الطبية والأدوية، وتأمين الغذاء وترميم وإصلاح ودعم المستشفيات والمدارس، وتأمين الزجاج والمعادن، وتقديم سبل المساعدة في توفير المياه والكهرباء للمستشفيات.

السياسة الأميركية وحساباتها
لكن، على الرغم من كل المواقف الفرنسية حول عدم الثقة بالطبقة السياسية اللبنانية، بقيت دول كثيرة رافضة للمبادرة الفرنسية، ولطريقة التعاطي الفرنسي مع الملف اللبناني. خصوصاً أن ماكرون أعلن في لبنان أنه مع الثورة، وفي لقاءاته مع السياسيين دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، ما يعني إعادة إنتاج الطبقة السياسية ذاتها. وتشير بعض المعلومات أن المساعدات التي ستأتي للبنان ستكون مشروطة، وربما يكون مصيرها كمصير مؤتمر سيدر بحال لم يتم إيصالها بشكل مباشر إلى اللبنانيين. 

وهناك تقديرات دولية بأن الولايات المتحدة الأميركية لا توافق على الخطوة الفرنسية في لبنان، أو ربما تمنحها فرصة معينة، وفيما بعد ستفشّل هذه المساعي، فتعيد واشنطن طرح شروطها الفعلية، وبالتالي يعود لبنان إلى المربع الأول. ليس واشنطن وحدها من تعارض الاقتراح الفرنسي، فهناك دول عديدة أيضاً، بينها دول عربية.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن "دور المجتمع الدولي هو أن يكون في صف الشعب اللبناني"، مشيرًا إلى أننا "مع الشعب اللبناني وسنواجه تداعيات كارثة مرفأ بيروت مع اللبنانيين". وأضاف:" يتعيّن علينا العمل سريعاً ويجب أن تذهب المساعدات مباشرة إلى حيث يحتاجها الناس على الأرض، ولابد من بناء استجابة دولية بتنسيق الأمم المتحدة". مشدداً على أنه "على السلطات اللبنانية أن تعمل على حل سياسي واقتصادي للأزمة". وأكد أن "تقديم المساعدات إلى لبنان سيتم بأسرع ما يمكن تحت مراقبة الأمم المتحدة، ويحب أن تذهب هذه المساعدات مباشرة إلى حيث يحتاجها الناس على الأرض". ولافتاً كان كلام الرئيس الفرنسي عن الاستعداد الإسرائيلي لمساعدة لبنان. وكأنه يراد إظهار الموقف الإسرائيلي المتعاطف، لإخفاء شيء ما.  

عون إن حكى 
رئيس الجمهورية ميشال عون قال:"لن أطيل عليكم وأشرح ما سببته الكارثة في بيروت على جميع المستويات الانسانية الاجتماعية الصحية التربوية والاقتصادية وتركت جروحاً في كل بيت، الزلزال ضربنا ونحن في خضم أزمات اقتصادية ومالية ونزوح بالإضافة الى انعكاسات فيروس كورونا، مما يجعل مجابهة تداعياته تتخطى قدرة هذا الوطن". وأكد أن "إعادة بناء ما دُمّر واستعادة بيروت بريقها تتطلبان الكثير؛ فالاحتياجات كبيرة جداً وعلينا الاسراع في تلبيتها خصوصاً قبل حلول الشتاء حيث ستزداد معاناة المواطنين الذين هم من دون مأوى. وبما يتعلق بصندوق التبرعات المنوي إنشاؤه فأشدد على أن تكون إدارته منبثقة عن المؤتمر". وقال:" لقد التزمت أمام شعبي بتحقيق العدالة، إذ وحدها، العدالة، يمكن أن تقدّم بعض العزاء لأهل المفجوعين ولكل لبناني، والتزمت أيضاً بأن لا أحد فوق سقف القانون، وان كل من يثبت التحقيق تورطه سوف يحاسب وفق القوانين اللبنانية".

المساهمة القطرية
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أعلن عن تبرع بلاده بمساهمة قيمتها خمسين مليون دولار لمساعدة لبنان، وقال: "سنعلن خلال الأيام المقبلة عن مساهمتنا في إعادة إعمار بيروت". مضيفاً أنه: "ليس بوسع لبنان تجاوز هذه الأزمة بمفرده. وأكد أمير قطر أن انعقاد المؤتمر يؤكد عزم ​المجتمع الدولي​ على مساعدة لبنان جراء الانفجار المروع"، مناشداً المجتمع الدولي أن "يقدم المساعدات المالية العاجلة لمساعدة لبنان"، معتبراً أن "مواجهة الأزمة التي يعيشها لبنان رهن بتعزيز الوحدة الوطنية وتكثيف الجهود الحكومية، ويجب أن يترك الحوار حول القضايا الداخلية للشعب اللبناني ولوعيه".

مواقف عربية وأجنبية
أكد الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، أثناء المؤتمر على "الروابط التي تجمع ​الولايات المتحدة​ مع لبنان"، لافتاً إلى أن "المساعدات الأميركية تحركت نحو لبنان بعد الحادثة التي لم ير مثلها من قبل". وشدد ترامب على "وجوب معرفة من يقف خلف الإنفجار الذي وقع في ​مرفأ بيروت​ والسبب، والإجابة عما إذا كان الانفجار حادثاً أم لا"، مؤكداً أن "بلاده مستمرة في العمل مع فرنسا وملتزمة بمساعدة لبنان على تخطي الظروف الراهنة"

ووصف ​الملك الأردني​ عبدالله الثاني، الانفجار الذي وقع في ​مرفأ بيروت​ بـ"الفظيع"، "في ظل أزمة تفشي ​فيروس كورونا​ المستجد والأزمتين الاقتصادية والمالية في البلاد"، مؤكداً "أهمية وقوف ​العالم​ إلى جانب لبنان".

وفي حين أعلن الملك أن ​وزير الخارجية​ الأردني ​أيمن الصفدي​ سيزور لبنان الأسبوع المقبل، مبدياً استعداد بلاده لتكون نقطة تلاقي للعالم، من أجل تقديم المساعدات إلى لبنان.

وناشد الرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​ "الوطنيين المخلصين في ​لبنان​، على اختلاف مواقعهم، التكاتف والنأي بوطنهم عن التجاذبات و الصراعات الإقليمية"، داعياً اللبنانيين إلى "تركيز جهودهم على تقوية مؤسسات ​الدولة​ الوطنية اللبنانية، وتلبية تطلعات ​الشعب اللبناني​".

كما أكد ​وزير الخارجية​ السعودي فيصل بن فرحان، أن "​الرياض​ تقف إلى جانب لبنان"، مؤكداً "أهمية إجراء ​تحقيق​ شفاف ومستقل في الانفجار الذي وقع في ​مرفأ بيروت​". وأشار بن فرحان إلى أن "بلاده كانت من أوائل الدول التي قدمت ​مساعدات​ عاجلة للبنان".

على أي حال، أسفر مؤتمر دعم لبنان عن تقديم مساعدات وتعهدات بالمساهمة في إعادة الإعمار ودعم اللبنانيين. وقدمت فرنسا 50 مليون يورو، وألمانيا 20 مليون دولار، والكويت 41 مليون دولار، وقطر 50 مليون دولار، والمفوضية الأوروبية 63 مليون يورو.

البيان الختامي
وهنا نص ‏البيان الختامي لـ"مؤتمر الدعم الدولي لبيروت وللشعب اللبناني"، والملاحظ فيه، إصرار على مخاطبة "الشعب اللبناني" دون السلطة كلها:

- كان انفجار بيروت الذي ضرب المدينة في قلبها بمثابة صدمة للشعب اللبناني بأسره ولاصدقائه وشركائه في الخارج. وقد وقف المشاركون في المؤتمر اليوم وقفة تضامنية مع لبنان، كما اعربوا عن تعازيهم القلبية لسكان بيروت.

- اشاد المشاركون بالشجاعة الملفتة التي اظهرها اول المستجيبين والأطقم الطبية وفرق البحث والانقاذ وجميع اللبنانيين والفرق الدولية المرسلة لمساعدة الضحايا وتقديم جهود طارئة بما في ذلك الصليب الاحمر والدفاع المدني اللبناني.

- المجتمع الدولي واقرب اصدقاء لبنان وشركائه لن يخذلوا الشعب اللبناني.

- قرر المشاركون العمل بحزم وبالتضامن لمساعدة بيروت والشعب اللبناني على تجاوز نتائج مأساة الرابع من آب. واتفقوا على حشد موارد مهمة في الايام والاسابيع القادمة بهدف تلبية الاحتياجات الفورية لبيروت والشعب اللبناني.

- وفقاً لتقييم الامم المتحدة، هناك حاجات واضحة بصورة خاصة في القطاع الطبي والصحي، في المجال التربوي، في القطاع الغذائي وعلى صعيد اعادة التأهيل المُدنية، وهذه المحاور سوف تحظى بالاولوية ضمن برامج المساعدات الدولية الطارئة

- توافق المؤتمرون على ان تكون مساعداتهم سريعة وكافية ومتناسبة مع احتياجات الشعب اللبناني ومنسّقة جيداً تحت قيادة الامم المتحدة، وان تُسلَّم مباشرةً للشعب اللبناني، بأعلى درجات الفعالية والشفافية

- بناءً على طلب لبنان، ان المساعدة من اجل تحقيق محايد وموثوق ومستقل في انفجار الرابع من آب تشكّل حاجة فورية وهي متوفّرة

- الشركاء مستعدون لدعم النهوض الاقتصادي والمالي للبنان، ممّا يستدعي، في اطار استراتيجية لتحقيق الاستقرار، التزام السلطات اللبنانية بالكامل القيام سريعاً بالاجراءات والاصلاحات التي يتوقّعها الشعب اللبناني.

- في هذه الاوقات العصيبة، لبنان ليس وحده. فالمجتمع الدولي، بما فيه اهمّ شركاء لبنان، اجتمع مع فرنسا والامم المتحدة للوقوف بجانب بيروت والشعب اللبناني وهم سيواصلون بذل قصارى جهودهم لتلبية احتياجاتهم الاكثر الحاحاً.