لا فيتو رئاسياً على الحريري.. وباسيل لاستنساخ حكومة دياب!

جوزفين ديب
السبت   2020/08/22
لا اختلاف في العمق في المقاربات بين عون وباسيل (الأرشيف، مصطفى جمال الدين)

لن تنجح القوى السياسية بالامتحان الفرنسي الأول، قبل عودة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة ثانية لبيروت مطلع أيلول. وبدلاً من المرور بهذا الامتحان، تحاول القفز فوقه لتسجيل نقاط في الامتحان الثاني، تجنباً للإحراج أمام الضيف الفرنسي، الذي استغل فرصة زيارته الأولى لبيروت، بعد تفجير الرابع من آب، لتوبيخ القوى المجتمعة على طاولة قصر الصنوبر.

الفشل في الامتحان الأول هو في عدم الاتفاق بعد على تكليف رئيس حكومة جديد. ومحاولة النجاح في الامتحان الثاني هي في الاتفاق على مجموعة من الإصلاحات الواردة في "ورقة باريس".

باسيل والثنائي الشيعي
هذه خلاصة المفاوضات التي يقودها رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، لتأليف الحكومة في آخر لقاءاته. اجتماع ثلاثي عقده بري في عين التينة، ضمّ إليه المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، والوزير السابق جبران باسيل، بحضور النائب علي حسن خليل، جرى خلاله البحث في الشأن الحكومي والمستجدات السياسية. اجتماع الثلاث ساعات غاب عنه الاتفاق على اسم لرئيس الحكومة. وفي المعلومات، أن الثنائي الشيعي أبدى رغبته بعودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة.

إذ تتقاطع المصالح بين الثنائي الشيعي والحريري. فبينما هم يحتاجون في هذا التوقيت إلى شبكة أمان عربية ودولية يمثلها الحريري، هو يحتاج بدوره لعودة قوية مصحوبة بإصلاحات إلى السرايا الحكومية.

لا تتقاطع رغبة الحريري ومصلحته والثنائي الشيعي مع رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، الذي يعارض عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، سيما بالشروط الذي وضعها الأخير لعودته. وإذا كانت عودة باسيل وزيراً  في الحكومة غير واردة، بفعل التطورات المحلية والدولية، خصوصاً بعد زيارة ديفيد هيل إلى لبنان، إلا أن باسيل لن يسمح بأن يقدم تفجير الرابع من آب ما عجزت ثورة 17 تشرين عن تقديمه لخصمه اللدود -المستجد - سعد الحريري.

تسويق أسماء بديلة
وبينما عبّر الثنائي الشيعي عن اعتقاده بأن سعد الحريري هو "الأمل الأول" إن لم يكن الوحيد، في إجراء عملية إنقاذ للبلاد في ظل الأزمة الاقتصادية المالية والصحية، يتجه باسيل لتسويق أسماء أخرى لرئاسة الحكومة. ففي الكواليس تُطرح أسماء كالقاضي أيمن عويدات، والقاضي حاتم ماضي وأخرين لرئاسة الحكومة، على الرغم من أن باسيل نفى ذلك. وتؤكد المعلومات أن باسيل مصرّ على تشكيل حكومة مستنسخة عن حكومة حسان دياب.

تأتي هذه التسريبات وسط تقاطع في المصالح بين جبران باسيل وسمير جعجع ووليد جنبلاط على رفض تسمية الحريري. وبالطبع، لكل منهم له مقاربته الخاصة. فباسيل يسعى إلى حفظ ماء الوجه في حياته السياسية، بينما يرفض جعجع إعطاء ثقته مرة أخرى للحريري، بعدما تركه الأخير لصالح باسيل في حكومته الأخيرة. أما جنبلاط، فله حساباته أيضاً، التي قد تتغير في بعد لقاء مع الحريري في بيت الوسط.

تبدو هذه التسريبات ملفتة، خصوصاً وأن مقاربة رئيس الجمهورية ميشال عون لرئاسة الحكومة، لا تزال في المربع الأول. فلا شيء صدرعن دوائر بعبدا يوحي برفض قاطع لسعد الحريري رئيسا للحكومة. لا، بل توحي الأجواء المتابعة بأن الرئيس عون لن يعارض تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، في حال التوافق على اسمه بين القوى السياسية اللبنانية، بحجة الميثاقية المطلوبة دائماً في الاستحقاقات المماثلة.

"الحكومة المَهمة"
وتبدي دوائر القصر استعدادها للبحث في الشروط التي يضعها الحريري، نافية أن يكون الرئيس قد طرح حكومة أقطاب. فطرح عون للحكومة تحدث عنه علناً يوم اقترح إضافة أسماء للتوزير قريبة من المجتمع المدني، على أن يكونوا من القضاة والمدراء العامين، حسب المعطيات الأخيرة.

لا اختلاف في العمق في المقاربات بين عون وباسيل. بل تبدو شروط قبول الفريق الرئاسي بالحريري مرتبطة بانقاذ العهد في عاميه الأخيرين، وعدم تحول الحريري إلى الآمر الناهي في السلطة التنفيذية، في نهاية عهد ميشال عون.  

ووسط حالة المراوغة والدوران في الحلقات الحكومية المقفلة، وبالعودة إلى لقاء عين التينة، اتجه المجتمعون للبحث في الورقة الفرنسية التي تضع عناوين "حكومة المهمة" أي gouvernement de mission.

عناوين الورقة مندرجة في خانتين: الإصلاحات والمصالحة. الإصلاحات في القضايا الاقتصادية والمالية. والمصالحة مع المجتمعين العربي والدولي. وفي مقدمة الإصلاحات تلك المتعلقة بقطاع الكهرباء، من خلال تعيين الهيئة الناظمة بالإضافة إلى التدقيق الجنائي الكامل في مصرف لبنان، وكافة الإدارات والمؤسسات الرسمية. ضبط المعابر غير الشرعية، واستقلالية القضاء، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، والإسراع في المفاوضات معه. كذلك، تعيين هيئة مكافحة الفساد وتسهيل مهامها، وإقرار قانون الكابيتال كونترول، وغيرها من مشاريع القوانين الضرورية في عملية الإصلاح.

عناوين الإصلاح هذه، ليست محط خلاف بين المجتمعين، لا بل كانت محط اتفاق. وهي قد تستخدم للمحاولة في النجاح في الامتحان الفرنسي الثاني، وسط عجز القوى عن النجاح في الأول حتى هذه الساعة.