جلسة مجلس النواب: حرب طائفية بلا دماء

المدن - لبنان
الخميس   2020/05/28
جمعت الجلسة النيابية بين قوى متعارضة، وفرّقت قوى متحالفة (عباس سلمان)
تُرِكت مناقشة قانون العفو العام إلى الجلسة التشريعية المسائية. لعلّ استراحة الغداء توفر توصلاً إلى حلّ معقول، تتوافق فيه القوى السياسية على تمريره، على الرغم من الصعوبة البالغة في ذلك.

قسمة طائفية
اللقاءات والاتصالات للتوافق حول هذا القانون استمرت حتى فجر الخميس. ولم تصل إلى نتيجة. حزب الله غير قادر على تحمل قضية العفو عن العملاء في إسرائيل وإعادتهم، وحركة أمل كذلك. بينما التيار الوطني الحرّ يتمسك بشمول القانون للعملاء، وإلا لا يمكن السير بإقرار القانون ككل، الذي يستفيد منه "الشيعة والسنّة.. ولا يستفيد منه المسيحيون".

حاولت الكتل المختلفة أن تجد صيغة للتهرب من هذه المواجهة، عبر تصويت الكتل المسيحية على العفو عن العملاء، مقابل امتناع الكتل المسلمة، بينما تصوت الكتل المسلمة على العفو ببنديه اللذين يشملان الموقوفين الإسلاميين الذين لم يتورطوا بقتل العسكريين، ومحكومي البقاع وتجار المخدرات، على أن تمتنع الكتل المسيحية. لكن ذلك لم يؤد إلى توفير عدد الأصوات اللازم. وتعتبر بعض المصادر، أنه في ظروف هادئة يمكن ان تناقش هكذا ملفات. ولكن في ظل الظروف التي يعيشها لبنان، لا يمكن التوصل إلى وفاق حول ملف إشكالي. لذلك لا بد من تأجيله.

تناغم الأضداد
جمعت الجلسة النيابية بين قوى متعارضة، وفرّقت قوى متحالفة. خصوصاً لدى مناقشة بعض القوانين والتشريعات المالية، وتحديداً ما يتعلق بفتح اعتماد إضافي لتقديم المساعدات الاجتماعية. فاتفق حسان دياب مع طرح تيار المستقبل حول وجوب تخصيص مبلغ 300 مليار ليرة لمساعدة المدارس الرسمية، بينما التيار الوطني الحرّ طلب تخصيص هذا المبلغ لمساندة التعليم الخاص.

كان التناغم واضحاً بين حزب الله والقوات اللبنانية، بموضوع قانون تحديد آلية تعيينات الفئة الأولى. إذ اعتبر النائب جورج عدوان أن من يريد الإصلاح عليه السير بهذا القانون، لتحرير موظفي الدولة من الاستتباع. فأيد الاقتراح النائب حسن فضل الله، مقابل تناغم مضاد بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ. إذ أن باسيل اعتبر الآلية المقترحة مساساً بالدستور وبصلاحيات الوزير. كما أن الكفاءات ترفض أحياناً الخضوع للامتحانات. وقابله مؤيداً سمير الجسر باسم كتلة المستقبل. لكن باسيل الحريص على صلاحيات الوزير، أراد المسّ بصلاحيات مجلس الوزراء، مطالباً بإقرار قانون لتنظيم أعمال مجلس الوزراء ككل. وهذا يفتح نقاشاً متجدداً حول معركة الصلاحيات بين الرئاستين. وتضاف إلى خانة الصدام بين باسيل ودياب. وقد أقر المجلس هذا القانون مع تعديل شطب حق الوزير برفع الأسماء إلى مجلس الوزراء. وعارض التيار الوطني الحرّ هذا القانون مشيراً إلى أنه سيطعن به. فيما عاد تيار المستقبل وصوت لصالح القانون، وقال الحريري: "صوتنا لصالح القانون، وعلى القوى السياسية أن ترفع يدها عن آلية التعيينات". وعندما سئل إذا ما كان التيار الوطني الحرّ يريد المحاصصة قال: "التيار بدو كل البلد".

السرية المصرفية ونقاش صاخب
هذا النقاش انعكس على ملفات أخرى، تظهر تناقضات الكتل والخفّة التي يتم فيها التعاطي مع الملفات. من يتحدث عن الشفافية وعن معايير الكفاءة، يتناسى تعطيل التشكيلات القضائية لأسباب سياسية ومصلحية. وهنا يجمع هؤلاء بين الشعبوية والمصلحة السياسية بمواجهة "القانون". ما ينطبق على التشكيلات القضائية وتعطيلها ينطبق على غيرها من التعيينات. كما يرتبط بقانون رفع السرية المصرفية، الذي شهد مناقشات صاخبة حوله، لا سيما أن من تقدم به يعتبر أنه من حق أي قاض الذهاب بالتحقيق إلى حيث يشاء في هذا الموضوع.. ما قرأه آخرون بأنه مساس بخصوصيات الناس، فيما الأصح هو إحالة الأمر الذي يستدعي التحقيق أو التدقيق أو رفع السرية إلى هيئة قضائية مستقلة، لا أن يكون الأمر خاضعاً لمزاج قاض، كما هو الحال بالنسبة إلى مختلف القضايا الشائكة، التي تحال إلى قاض واحد في الجمهورية اللبنانية.

بعض المعترضين على هذه الآلية، استعادوا كلام وزيرة العدل، ماري كلود نجم، التي اعتبرت أن جزءاً من هذه التدابير التي اقترحتها على الحكومة، مخالفة للقانون. ولكنها تلبي طموحات الناس. فاعترض عدد من النواب حول هذا المنطق في إدارة الأمور، وكأن الهم الوحيد هو اللعبة الشعبوية من دون أي ضوابط أو قواعد واضحة. لذلك، وعند طرح المشروع أشار الرئيس نبيه بري إلى أنه يجب أن يقترن بإستقلالية القضاء. وعلى هذا الأساس أقر القانون، مع تحفظ بعض القوى، التي تعتبر أنه في ظل العهد الحالي سيستخدم القانون لتصفية حسابات سياسية كما حصل في السابق. وهذا ما عبر عنه وائل أبو فاعور قائلاً: "هل نضمن أن لا يتصل وزير عدل سابق بأحد القضاء متوجهاً إليه بالقول: cherie، بدنا حكم على ذوقك".