خطب العيد: إسقاط الصيغة والطائف وتوريط لبنان بحروب المنطقة

المدن - لبنان
الأحد   2020/05/24
سعد الحريري وجمهوره أمام جامع الإمام علي في الطريق الجديدة (الأنترنت)

في مناسبة عيد الفطر اليوم الأحد 24 أيار الجاري، لا يبدو أن اللبنانيين يلتزمون بما تقتضيه أزمة كورونا وإجراءاتها. فالصلوات الصباحية في بعض المساجد شهدت ازدحاماً، من دون التقيد بالمسافات ىبين المصلين. وعلى الطرق أيضاً بدا واضحاً التنقل بالسيارات نحو المناطق لتمضية عطلة العيد.

أما الخطب والكلمات التي ألقيت للمناسبة في عدد من المساجد، فعزف كل منها على ليلاه، وحسب ميول صاحبها وطائفته، في ما يتعلق بأزمات لبنان الخانقة.

من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان (مسجد محمد الأمين ببيروت، بحضور رئيس الحكومة حسان دياب)، إلى مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار (جامع المنصوري بطرابلس)، والمفتش العام المساعد لدار الفتوى الشيخ الدكتور حسن مرعب (جامع الإمام علي في الطريق الجديدة، بحضور سعد الحريري)، وشيخ العقل نعيم حسن. أما المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان فوجه كلمة إلى اللبنانيين دعاهم فيها لأسقاط الصيغة الطائف. فيما ألقى البطريريك بشارة الراعي عضة الأحد، مهنئاً اللبنانيين والمسلمين بالعيد، داعياً إلى الكف عن توريط لبنان في حروب المنطقة.

قبلان: إسقاط الصيغة والطائف
قال الشيخ إحمد قبلان:"في عيد الله، نؤكد أننا لن نقبل بظلم، أو فساد أو اضطهاد، أو استئثار، ونرفض رفضا قاطعا القبول بصيغة حكم فاسدة، أو تسويات ظالمة، أو مشاريع حكم تصر على الطائفية والانتهازية السياسية وأشباهها".

وقال: "نؤكد أن أصل نشأة لبنان تم على أساس طائفي واستبدادي، بوظيفة خدمة المشروع الاستعماري والاحتكاري. وهذه الصيغة قد انتهت، وما قام به بشارة الخوري ورياض الصلح لم يعد يصلح لدولة إنسان ومواطن. وعليه، نصر وبكل صرخة مدوية، أننا ولحماية البلد وكسر الوثنية السياسية، ولإنقاذ لبنان، وتأكيد العيش المشترك، والسلم الأهلي فيه، مطالبون بإسقاط الصيغة الطائفية لصالح دولة مواطن، دولة لا طائفية، دولة إنسان، إلا ما خص شؤونه الشخصية. فكفانا ترقيعا بهذا البلد، لأن البلد سقط، سقط لأن دستوره فاسد".

وتابع: "لا نريد البلد حصص، والسياسة حصص، والإدارة حصص، والوزارات حصص، والنيابة حصص، والرئاسات حصص، والتوظيف حصص، والصفقات حصص، والموازنة حصص". وهذا ما انتهى "بالبلد ممزقا، مفلسا، منهوبا، معروضا للبيع بأبخس الأثمان. وحولنا عبيد نباع ونشرى في سوق الأمم. لذلك، وبالفم الملآن أقول: لا للطائف، لا لمزرعة الطوائف".

وقال: "البلد الآن بعد تجربة مائة سنة، وبالأخص تجربة التسعينيات وصاعدا انتهى، وتحول إلى شركة مفلسة، ودولة منهوبة، وشعب محتكر من قوى المال والأعمال والسياسة. وعليه، يجب أن ننتفض بالسياسة، وأن نتلاقى معا لإنقاذ بلدنا وتطوير مؤسساته السياسية والأخلاقية والوطنية، وإلا فإننا أمام كارثة هائلة، وقصة غالب ومغلوب".

أسواق الشرق
وأضاف: "تداركا للأزمة غير المسبوقة، المفروض بالحكومة الاندفاع نحو خطوط الاستيراد، وتدشين ورش إنقاذية وحماية الأسواق، واليد العاملة اللبنانية، وفتح خط رسمي مباشر مع دمشق بخصوص النازحين، وعدم الإصغاء للمجتمع الدولي الكاذب. أما صندوق النقد الدولي فليس جمعية خيرية، ولا مشروع عواطف، كما ليس مفصولا عن السياسة. ولا نريد 17 أيار جديد، مما يعني أن الإصلاح يبدأ من أولويات الداخل، وخيارات الدولة الداخلية الإنقاذية، ولا سيما باتجاه أسواق الشرق. أما على المستوى الإقليمي الدولي، مع تحرير القدس المحتلة، بعد النجاحات التي حققها محور المقاومة".

دريان: أين المليارات؟
وقال الشيخ عبد اللطيف دريان في خطبته: "إن المؤسسات العامة التي أعمل بها الجميع هدما وتخريبا، هي الباقية للوطن والمواطن، والتي ينبغي إعادة بنائها، لصون حياة الناس بدون أوهام. نعم، لا يبقى للبنانيين غير دولتهم، وغير مؤسساتهم العامة. وتابع: "فلنلتفت إلى الانهيار المالي والمصرفي والاقتصادي، الذي حصل قبل الوباء، والذي سيستمر بعده. في هذا الصدد المسؤوليات واضحة. المسؤولية الأولى تقع على عاتق القوى السياسية، ثم المصرف المركزي، ثم الجهاز المصرفي. إنه المثلث الحاكم، الذي أعمل معاول الهدم في ثروات المواطنين وحياتهم ومعيشتهم". وتساءل: "أين ذهبت المليارات التي كان ينبغي إنفاقها على صون مصالح المواطنين، وعلى إمدادهم بالكهرباء والمياه، ومعالجة أزمة النفايات، وتحسين الاتصالات، والنهوض بالزراعة والصناعة والخدمات؟ ولماذا تراكم دين عام بلغ التسعين مليار دولار، منها خمسون ملياراً أهدرت على الكهرباء الدائمة الانقطاع، ثم من المسؤول عن احتجاز أموال المودعين، التي يبشرنا الذين استنزفوها كل يوم، أنها ضاعت إلى غير رجعة؟".

وخاطب رئيس الحكومة قائلاً: "أنت مؤتمن على مصالح الناس، وأنت مسؤول عن قضاياهم وحل أزماتهم، إنهم يعلقون أملهم عليك، فلا تخيب أملهم. ولا يكافح الفساد إلا بالقضاء". ثم تساءل: "لماذا لم تصدر التشكيلات القضائية التي اقترحها مجلس القضاء الأعلى، وهو صاحب الصلاحية الأول والأخير؟ ثم أين قانون العفو العام الشامل، الذي كان ينبغي أن يصدر قبل سنوات عدة؟".

الشعار للثوار: طهروا صفوفكم
وتوجه الشيخ مالك الشعار في خطبته إلى الثوار قائلاً:  "ايها الثوار لا تكونوا صورة سلبية عن مدينتكم طرابلس. أخرجوا من صفوفكم عناصر الطابور الخامس الذين جاؤوا لتشويه سمعة المدينة وأبنائها". وحيا "الجيش قائدا وضباطا وعديدا، وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة". وقال: كلنا يعلم سهركم وحراستكم لأمن المدينة وأبنائها. وإذا قلت لكم إننا بحاجة إلى حزم أكثر، فالأمن يحرس المتظاهرين وليس غير ذلك. والاعتداء على الأملاك الخاصة والمؤسسات، غير مقبول وكذلك ما حدث من تخريب وتكسير وعلى مرأى ومسمع رجالاتكم".
وأضاف: "لا يجوز أن يعود التسيب إلى المدينة وشوارعها، ولا أن تستباح الحرمات ولا بيوت المسؤولين".

مرعب: أمة الحريري
المفتش العام المساعد لدار الفتوى الشيخ الدكتور حسن مرعب، قال في خطبته: "سنبقى الأمة الشامخة والصامدة، ونحن لسنا طائفة بل أمة، ونحن الذين عرفنا في هذا البلد بأم الصبي، وبأن صدرنا يتسع للجميع ونستوعبهم".

أضاف: "في هذه الصبيحة المباركة، لا يمكن لنا أن ننسى أبدا الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ودوره وقوله: ليس هناك أحد أكبر من بلده. وهذا النهج يحارب اليوم تحت مسمى محاربة الحريرية السياسية. وهو نهج الاعتدال والوسطية وبناء الوطن.  وللذين يحاربونه وهو في ضريحه، نقول: انظروا بأم أعينكم إلى شوارع لبنان ومن بنى هذا البلد. من الذي مهد الطرق التي تمشون عليها؟ من الذي بنى الجسور التي تقطعونها للوصول إلى مناطقكم؟ من الذي بنى لكم تلك المباني الشامخة في وسط بيروت؟ لذلك، ستبقى بيروت وفية لرفيق الحريري ولمن هو على نهج رفيق الحريري. لا يمكننا أن نتخلى عن رفيق الحريري ولا عن ابن رفيق الحريري".

وتابع: "في ظل ما يسمى اليوم بالدعوة إلى الزواج المدني، أذكركم بما قاله الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم فتح هذا الملف: هذا الملف وضعته في الدرج وسيبقى هناك. وابنه سعد الحريري قالها بحضوري. هذا مثال بسيط عمن نكون أوفياء لنهجه".

ولدى مغادرة الحريري المسجد، تجمع حوله حشد كبير من أبناء منطقة الطريق الجديدة مرحبين به ومرددين هتافات التأييد والدعم له ولنهجه .وبعد ذلك، زار الحريري ضريح والده في وسط بيروت، وقرأ، مع مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان وعدد من المشايخ، الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه الشهداء.

نعيم حسن: إجراءت لمنع الغلاء
ودعا شيخ العقل نعيم حسن "إلى الإقلاع عن استخدام الدولة ومؤسساتها للمصالح الخاصة والفئوية، أو لتصفية حسابات كيدية"، وإلى "تنفيذ إجراءات فعلية لمنع الغلاء وضبط الأسعار وتنظيم سعر صرف العملة الوطنية. ولتغيير أساليب العمل في قطاع الكهرباء وضبط ملفات التهريب والتهرب الجمركي والضريبي".

الراعي: لا لتغيير وجه لبنان
وتحدث الراعي في عظة الأحد، فقال: "كان نظامنا السياسي ديموقراطيا منفتحا على الحريات العامة، ملتزماً قضايا العدالة والسلام وحقوق الشعوب، والأخص لصالح القضية الفلسطينية ومدينة القدس والأماكن المقدسة. فكانت من ركائزه الأساسية صداقات مع الشرق والغرب، من دون أن يسمح لا للشرق ولا للغرب بالهيمنة والسيطرة عليه، وتغيير وجهه وجوهره وخصوصيته التعددية. هذا ما يجب أن نتمسك به حفاظاً على هويتنا".

وقال إن "الأوضاع الدقيقة في بيئتنا المشرقية لا تسمح لأحد أن يورط لبنان في صراعات خارجية تقضي على سيادته واستقلاله، أو أن يحوله إلى ساحة حرب. وإلا كيف نطرق أبواب العالم، دولاً ومؤسسات، طالبين إنقاذ لبنان إقتصاديا وماليا؟ لا يمكن أن نغفل عما يحاك لدول الشرق الاوسط، ومنها لبنان، بالديبلوماسية السرية بين الدول الكبرى".