دياب يطارد أشباح الحريرية ببيانات مجلس الوزراء قبل انعقاده

محمد أبي سمرا
الخميس   2020/02/27
ليس لدى مجلس الوزراء ما يبحثه في انتظار تفجر الذهب الأسود على الشاطئ (دالاتي ونهرا)
كما يليق بوزيرة إعلام جديدة تتدرب على النطق بلسان حكومة لبنانية جديدة، يكثر فيها الدكاترة التكنوقراطيون من أمثالها ومثيلاتها، ويترأسها دكتور تكنوقراطي بامتياز، أطلّت وزيرة الإعلام، الدكتورة منال عبد الصمد، إطلالتها الصّنميّة البهيّة بعد ظهر أمس الثلاثاء 25 شباط الجاري، فألقت بطريقتها اللائقة في فن المحفوظات المدرسية، بياناً مكتوباً يذيع ما دار في جلسة مجلس الوزراء.

بيان كُتِب قبل الجلسة
والأرجح أن البيان كتبه رئيس الحكومة التكنوقراطية الدكتور حسان دياب، الصامت حتى وهو ينطق متكلماً، بوجهه الشمعي وعينيه المحدقتين في الفراغ دائماً وأبداً.. فيما هو يكتب البيان إياه منفرداً معتزلاً في جلسة تأملية في منزله أو في السرايا الحكومية، قبل انعقاد الجلسة الوزارية الأخيرة التي ترأسها العماد ميشال عون في قصر بعبدا الجمهوري.

وافتتحت الوزيرة الإعلامية تلاوتها البيان قائلة إن رئيس الجمهورية والحكومة نوّها بالجهود التي يبذلها الوزراء (خصوصاَ وزير الصحة الدكتور حمد حسن بإطلالاته التلفزيونية الكثيرة مقاوماً فيروس كورونا) وحضّوهما على مزيد من العطاء، في خدمة شعبهم اللبناني طبعاً وبالتأكيد.

وذلك في انتظار تفجُّرِ النفط والغاز الذي أبلغ رئيس الجمهورية مجلسه الوزاري بأن سفينة الحفر للتنقيب عنهما وصلت إلى الشاطىء اللبناني، وتبدأ في الـ 48 ساعة المقبلة العمل في البلوك رقم 4. وتمنى الرئيس أن تُنجز السفينة مهمتها وتحمل نتائج إيجابية. أي أن يتفجر الذهب الأسود من أعماق المياه البحرية الإقليمية اللبنانية، فيتقاسم زعماء لبنان وجماعاتهم ومواليهم الثروات الموعودة بالعدل والقسطاس، ويكفّ المتظاهرون منذ 17 تشرين الأول 2019 عن التظلم من الزعماء وإليهم وشتمهم في الشوارع والساحات.

لمطاردة الأشباح
وبما أن مجلس الوزراء ليس لديه ما يتداوله ويبحثه ويقرره ويتحدث فيه سوى اجترار الوقت والكلام، في انتظار هدايا الطبيعة للخلاص من المحنة المالية والاقتصادية التي تتخبط بها البلاد، سرعان ما انقلب بيان رئيسه المكتوب قبل جلسته، إلى حملة على أشباح. فقرأت الدكتورة الوزيرة: "طبعا ليست الحكومة هي التي تسببت بمرض كورونا"، على ما كتب رئيسها المنشغل بمطاردة الأشباح ومقارعتها في تأملاته.

والأشباح هؤلاء "عملهم محصور بتشويه صورة الحكومة وإفشالها". وهم يُنزِلون "الضرر" باللبنانيين "على مدى 30 سنة" مضت.

وهنا حملت الحميّة الوطنية رئيس الوزارة على التخلي عن تكتُّمه ورصانته المعهودتين في تأملاته، فكتب في بيانه أن أولئك الأشرار "لا همّ لهم سوى ألا تنكشف عوراتهم والموبقات التي ارتكبوها وأدت إلى الأوضاع الخطيرة التي يعيشها البلد اليوم على كل المستويات".

بالحكمة القلبيّة
لكن كاتب البيان الذي تلته وزيرة إعلامه المأذونة، سرعان ما استدرك، فكتب مخاطباً نفسه: "الرئيس دياب متحفظٌ في كلامه إلى الإعلام، ولا يتكلم إلا استناداً إلى معطيات أصبحت متداولة بشكل مكثف في الإعلام. وهو لا يتعاطى بأسلوب دفاعي، لأن هذا الأسلوب هو للشخص الضعيف (الذي لا يليق برئيس العهد القوي)، ولكنه يتعاطى بأسلوب توضيحي للبنانيين عندما يقتضي الأمر".

وبما أن رئيس هذه الحكومة التكنوقراطية غيريّ ومنذور للعطاء منذ صِّغَره، قال: "من أول الطريق نحن (أي هو وتكنوقراطيوه من الوزراء والوزيرات الكثيرات) لم نأتِ لنعمل في السياسة، ولا نريد منافسة أحد في الزعامة ولا في النيابة. نحن لدينا مهمة محددة، نريد العمل لتخليص البلد من تراكمات أوصلتنا لواقع صعب جداً لا يمكن الاستمرار فيه". لذا اضطرُ، أنا رئيس الحكومة التكنوقراطية الغيريّة، إلى التوضيح: "هناك أوركسترا تعمل ضد البلد، وليس ضد الحكومة التي تحاول العبور بلبنان من النفق المظلم الذي حفرته هذه الأوركسترا". وهي أوركسترا "اكتشفت أنها لم تستطع العثور على أي خطأ لهذه الحكومة، فبدأت تحرّض في الخارج ضد لبنان لمنع الدول الشقيقة والصديقة من مساعدته مالياً ومنعه من الانهيار".

وهنا استل الدكتور حسان دياب حكمته الشعبية الموروثة من شيخه الهرري الحبشي، فكتب وقرأت وزيرته: "على كل حال، يقول المثل إن الصديق لوقت الضيق، ونحن نعرف أن الدول الشقيقة والصديقة لن تتخلى عن لبنان. لأن انهياره، لا سمح الله، سوف يتسبب بضرر لكل الذين تخلوا عنه. وعلى كل حال، نحن مستمرون في مهمتنا المقدسة، مسيرة إنقاذ لبنان، مهما كانت التحديات".

شياطين الحريرية
وبما أن المسألة ليست سياسية، بل هي قلبيّة خالصة، كتب الرئيس التكنوقراطي بيراع قلبه، على ما قرأت الوزيرة: "نحن نفتح قلوبنا لكل من يحب المشاركة في هذه المهمة لوجستيا أو ماديا أو معنويا، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وكان الله يحب المحسنيين.

ثم تفرّغ مجلس الوزراء لـ "درس عدد من المواضيع: اطّلع على الخطوات والتدابير للوقاية من فيروس كورونا ومكافحته". وذلك على الطريقة اللبنانية السعيدة المتبعة طبعاً: مباريات في إطلاق بيانات وهذر كلامي لا يمل ولا يكل.

أما اللبنانيون فعليهم الانصراف إلى تدبير مآسيهم الموروثة منذ 30 سنة، أمضاها وزراء ووزيرات حكومتهم في الخارج، للحصول على الجنسيات الأجنبية، وتحصيل علومهم التكنوقراطية البريئة من السياسة. وها هم اليوم منكبون بالنيابة مع رئيس الخديعة وصهره وسيده خطيب الحرس الثوري الإيراني، بتدبيج بيانات براءة هؤلاء جميعاً من رجس شياطين الحريرية ومطاردة أشباحها الشريرة.