غضب أميركي وعتب أممي: لا لطرح خرائط جديدة بالتفاوض

منير الربيع
الجمعة   2020/10/30
أصر الوفد اللبناني على تقديم خرائط تثبت أن حق لبنان في البحر هو أكثر من ألفي كيلومتر (علي علّوش)
بعد انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، سارعت السفيرة الأميركية، دورثي شيا، إلى لقاء الرئيس ميشال عون في بعبدا. كما زاره ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش. الهدف الأساسي للزيارة هو البحث في المفاوضات، والبقاء في خانة الإيجابية التي أشار إليها البيان المشترك بين الإدارة الأميركية والأمم المتحدة.

خط هوف مجدداً
وحسب ما تكشف المعلومات فإن زيارة الطرفين إلى القصر الجمهوري كانت بهدف الضغط والعتب. الضغط على عون لإلتزام الوفد اللبناني بالتفاوض على مساحة 860 كيلومتراً مربعاً فقط، كما هو محدد وفق الوساطة الأميركية ومبادرة فريدريك هوف. والعتب على محاولة لبنان الدخول في لعبة مزايدة لإطالة أمد المفاوضات، من خلال طرح خرائط جديدة تتحدث عن مساحة أكبر من المساحة المحددة أميركياً.

طالبت شيا، كما طالب كوبيتش، بالعودة إلى أساس المفاوضات، وعدم الدخول في حسابات جديدة، لتجنب المزيد من الضغوط، على قاعدة أن لبنان غير قادر على التلاعب في مسار المفاوضات. هذا التحرك يأتي بعد أن أصر الوفد اللبناني على تقديم خرائط تثبت أن حق لبنان في البحر هو أكثر من ألفي كيلومتر، أي بزيادة مساحة 1430 كيلومتر على الـ860. هذا الأمر الذي أدى إلى اعتراض إسرائيل والولايات المتحدة وممثل الأمم المتحدة في الجلسة. ولهذه الزيادة قصة قديمة جديدة.

مشروع مرسوم وتجربة لحود
عندما أراد عون قبل أشهر أن ينتزع ملف المفاوضات من الرئيس نبيه بري، وفي إطار الطمأنة التي أراد أن يمنحها لحزب الله، اقترح عون يومها إقرار مرسوم جمهوري يحدد مساحة لبنان البحرية بخلاف المساحة المحددة أميركياً، ويكون ذلك مرسوماً مقرراً من جانب واحد. ويتم الذهاب به إلى الأمم المتحدة لتثبيته. ويبدأ التفاوض على أساسه. لم يمرّ المشروع يومها. بعد فترة عاد عون وطلب من حكومة تصريف الأعمال بإقرار المرسوم، يقضي بزيادة مساحة لبنان في البحر بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً. لكن دياب رفض توقيع هذا المرسوم، وكذلك وزير الأشغال ميشال نجار لم يوقع، ربما بسبب الضغوط الأميركية. واعتبر دياب أن الأمر يحتاج إلى حكومة أصيلة وقرار صادر عن مجلس الوزراء.

بعد الفشل في إقرار هذا المرسوم، وحسب ما تشير المعلومات، فإن عون حمّل الوفد هذه الخرائط التي كان يفترض على أساسها أن يقر المرسوم في مجلس الوزراء. ولذلك طرح الوفد اللبناني هذه المساحة في المفاوضات، ولم يلتزم بمساحة الـ860. الأمر الذي رفضه الأميركيون والإسرائيليون سريعاً، واعتبروه تكراراً لتجربة إميل لحود وجميل السيد مع كوفي أنان، في وضع الخط الأزرق. ويومها، استخدم السيد خرائط قديمة تظهر حدود لبنان، وكان لا بد من تثبيتها. أحال أنان الخرائط إلى الخبراء الذين اعتبروا أن الخريطة جديدة وليست قديمة، وحبرها جديد. وبعدها أرسل أنان رسالة شديدة اللهجة للوفد اللبناني، ولرئيس الجمهورية إميل لحود بأنه لا يمكن التعاطي بهذا الشكل. وهذا تزوير موصوف. وبحال استمر الوفد اللبناني بالتعاطي بهذا الشكل، فإنه سيعقد مؤتمراً صحافياً ويجعل منها فضيحة كبرى.

العودة إلى القواعد
عندما عرض الوفد اللبناني هذه الخرائط، رفض الوفد الإسرائيلي بشكل واضح وكذلك الأميركي، وبدأ الضغط الدولي من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية على عون وفريقه. واعتبر الأميركيون أن المفاوضات يجب أن تكون على أساس الـ860 كيلومتراً مربعاً، ولا داعي لاستخدام الألاعيب لتحسين الشروط. وبالتالي، لا داعي لاستخدام خرائط جديدة. ما جرى هو مؤشّر على شد الحبال في الموضوع. فيما تلفت المعلومات إلى أن المسار سيستمر، وستعود القواعد إلى أساسها. والمفاوضات التي خاضها الوفد اللبناني تهدف إلى حماية حقه البحري وكل مساحته البحرية، على الرغم من وجود قناعة سياسية بأن الحل لهذه المعضلة سيكون سياسياً. ولكن، لا بد من رفع السقف لتحصيل مساحلة 860 كيلومتراً مربعاً كاملة، بدلاً من التنازل عنها. والجلسة المقبلة ستحسم وجهة التفاوض.