حزب الله يحصد ثمار المال والدم في لبنان وسوريا

سامي خليفة
الأربعاء   2019/03/06
تعمل إسرائيل لمحاصرة حزب الله أوروبياً على نحو شبه كامل (Getty)

تفاعلت إسرائيل بترحيبٍ كبير مع قرار الحكومة البريطانية حظر حزب الله اللبناني، وتصنيفه "منظمة إرهابية"، بجناحيه السياسي والعسكري، فبينما يُستبعد حتى الآن في تل أبيب الدخول في حرب مفتوحة، يبقى الضغط المكثف على الحزب هو الحل الأمثل.

موقف ألمانيا
بالتزامن مع الحدث البريطاني، تنظر إسرائيل بعين الريبة إلى الموقف الألماني من حزب الله. وهنا تشير صحيفة "جيروزاليم بوست"، أنه على الرغم من الحجج القوية التي عبرت عنها بريطانيا، بأن حزب الله لا يشكل تهديداً لإسرائيل وحسب، وإنما هو قوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله - مع احتمال إلحاق الضرر بالمصالح الغربية والبريطانية أيضاً - فقد قالت ألمانيا بإنها غير مقتنعة بضرورة حظر الجناح السياسي للحزب.

وترى "البوست" الإسرائيلية أن الجناح السياسي للحزب هو مجرد وسيلة للحصول على السلطة، وتعزيز الأيديولوجية الخاصة به. فالحزب بجناحيه له القائد ذاته، الذي يهدد بتدمير إسرائيل على نحو منتظم، ويعمل تحت سيطرة الملالي في إيران.

وتشدد الصحيفة الإسرائيلية بأن الموقف الألماني لا يمكن تفهمه في الدولة العبرية. فكيف لألمانيا أن ترفض حظر منظمة تهدد بالقضاء على نحو نصف اليهود في العالم، بينما ما زالت إسرائيل تعيش في الذاكرة الحية للمحرقة. إذ تقع على عاتق ألمانيا مسؤولية خاصة في اتخاذ الإجراءات وضمان عدم حدوث أي شيء من جديد. وهذا يجب أن يبدأ باستئصال اللاسامية على أرضها الخاصة، وإحدى طرق القيام بذلك، هي إعلان حزب الله، بجناحيه منظمة إرهابية.

تفترض إسرائيل بأن موقف ألمانيا من الحزب عبثياً، إلا أن لدى برلين حساباتها الخاصة. إذ يشير موقع "واشنطن فري بيكون" الأميركي، أن رفض ألمانيا حظر الجناح السياسي للحزب مدفوع أيضاً بالخوف من إثارة غضب لبنان، حيث يسيطر الحزب على عدد كبير من مقاعد البرلمان، علاوةً على تحالفه مع الرئيس اللبناني ميشال عون، وغيره من كبار المسؤولين الحكوميين. هذا النهج الألماني تجاه لبنان، نابع من تجربة سابقة حصلت في عام 2013، عندما كان المسؤولون في الاتحاد الأوروبي قلقين من أن يؤدي إدراج الجناح العسكري لحزب الله في القائمة السوداء، إلى تعقيد علاقة الاتحاد الأوروبي بالحكومة اللبنانية. الأمر الذي ما زال يُقلق الحكومة الألمانية، التي يؤرقها ملف اللاجئين.

الضغط الإسرائيلي
بالنسبة لإسرائيل سيزيد القرار البريطاني الضغوطات على حزب الله، الذي صنّف بجناحيه السياسي والعسكري إرهابياً، وبالتالي ستكون له تداعيات على تعامل لندن مع لبنان وحكومته الجديدة، التي يُنظر إليها في الدولة العبرية على أنها تحت سيطرة الحزب المطلقة، كما أن هذا القرار يعني لها بأن المجتمع الدولي يتعاون معها في سياق الحصار على الحزب.

وكما يبدو، ستطلق إسرائيل قريباً حملة أكبر ضد ألمانيا، مستفيدةً من القرار البريطاني، الذي طال انتظاره في تل أبيب، للوصول إلى محاصرة الحزب أوروبياً على نحو شبه كامل، تزامناً مع تضييق الخناق في أميركا اللاتينية وتسويق التطبيع في العالم العربي.

تقرير "الغارديان"
من جهتها، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً لمراسلها من بيروت، مارتن شولوف، عن تداعيات قرار بريطانيا حظر الجناح السياسي لحزب الله، وتحكم الحزب بمفاصل وأوضاع الدولة اللبنانية، أكثر من أي وقت مضى، مؤكداً أن "حزب الله" صاحب الكلمة الفصل في قرارات الحكومة الجديدة الهشة.

ويلفت تقرير "الغارديان"، إلى أن الحزب بدأ يحصد ثمار المال والدم الذي قدمه في سوريا، فهو وإيران في صعود، وكلاهما يقومان بتشكيل سوريا ما بعد الحرب، وفي لبنان يسيطر على ثلاث وزارات مع تحالف من 70 نائباً من نواب البرلمان الـ 128.

وقد التقى مراسل الصحيفة البريطانية عدداً من عناصر الحزب. أحد العناصر الذين قابلهم شولوف يُدعى أبو حسين، انتقد الجيش السوري قائلاً "لقد قاتلنا في حلب، وتصرفنا بشرف، وهو ما لا يفعله الجيش السوري"، وأضاف: "عندما كنا نتقدم كانت هناك بناية مليئة بالمدنيين، وعرفنا أننا لن نهاجمها رغم أنها تقف في طريقنا، وبعد ذلك جاء الجيش السوري، وقرر ضابط تسويتها بالأرض من دون أن يهتم بمن فيها".

وتؤكد الصحيفة البريطانية بأن عناصر الحزب مرتاحين للعودة إلى المواجهة التي يعرفونها، وهي قتال إسرائيل، إلا أن الحزب لم يرد على أكثر من ألف هجوم إسرائيلي ضد أهداف إيرانية في سوريا، فقادة الحزب يخشون من خسارة المكتسبات التي حققوها في سوريا وفي البرلمان اللبناني، في مواجهة مع عدو لا يتردد في خوض النزال معهم. وتختم بالزعم بأن أحد عناصر الحزب أشار إلى ارتباكٍ داخل القيادة، بعد أن قامت الغارات الإسرائيلية بمحو الأهداف الإيرانية في القواعد العسكرية قرب دمشق وحمص.

في الجولان
وعن التوتر على الحدود الإسرائيلية، أشار تقرير تداولته المواقع العبرية، أنه مع بدء عودة مقاتلي الحزب إلى لبنان من سوريا، تم وضع قسم منهم من قبل إيران على حدود الجولان، وكُلفوا بكونهم "عيون وآذان" للقيادة الإيرانية العليا، تحت قيادة قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني.

وأوضح التقرير كذلك أنه تم تشكيل لواء إضافي من المقاتلين الشيعة، يتألف من رجال من حزب الله، والحشد الشعبي العراقي، والقوات الأفغانية والقرويين من شمال سوريا. ويتمركز هؤلاء الرجال حالياً قرب وادي يزرعيل، وسيبقون في سوريا لمراقبة الحدود الجنوبية السورية، وسيشرف عليهم قادة عسكريون من الحزب وإيران، بهدف الاستيلاء على حدود الجولان.