إسرائيل تطارد حزب الله بسوريا وتتلقى صواريخ غزة

سامي خليفة
السبت   2019/03/16
غارة إسرائيلية حديثة على مصنع قرب ميناء اللاذقية استهدفت معدات لحزب الله (الأرشيف)

تعيش إسرائيل هذا الأسبوع حالة استنفار على الجبهة الداخلية، فقد سبب سقوط الصاروخين في منطقة غوش دان في وسط البلاد صدمة كبيرة، بثت الخوف في تل أبيب. ترافق ذلك، مع تشكيك بقدرات الجيش الاسرائيلي على مواجهة هكذا حالة، والحديث عن أسوأ كوابيس إسرائيل في الجولان.

الصدمة
تذكر كبار السن الإسرائيليون، ليلة الخميس، حسب صحيفة "هآرتس"، الأصوات المرعبة التي كانوا يسمعوها في عام 1948 وما بعده. فما حدث أخرج الجميع من روتين حياتهم، بسبب صفارات الإنذار المخيفة وصوت الانفجارات. وعلى الرغم أن هذا الحدث المرعب لم يدم طويلاً، ولم تقع إصابات، لكن الصدمة ما زالت قائمة.

أكد المسؤولون العسكريون في إسرائيل أن الصواريخ التي انطلقت من قطاع غزة، وأصابت عدداً من المواقع في تل أبيب، تم إطلاقها عن طريق الخطأ، مع توضيح أن التحقيقات الأولية في الأمر، أثبتت أن الصواريخ التي انطلقت من قطاع غزة، كانت بسبب خطأ فني في أثناء أعمال الصيانة! وهذا يعكس، وفق "هآرتس"، عدم رغبة الدولة العبرية في الدخول بمواجهة شاملة، في أوج المعركة الانتخابية داخل إسرائيل.

نتنياهو الخاسر
قد يتصور البعض، كما تشير "هآرتس"، أن ما حصل ممكن أن يخدم مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتوجيهه الجمهور بعيداً عن لوائح اتهامه الإجرامية، وإخفاقات البنى التحتية الصحية، والنقل في إسرائيل، والتركيز على الوضع الأمني. لكن التحدي الصريح مع سقوط الصاروخين وسط تل أبيب، يسلط الضوء على واحدة من نقاط الضعف الرئيسية لنتنياهو، وهي اتهامه بأنه كان "ناعماً" مع حماس، مفضلاً الوصول إلى "طريقة عمل" مع الذين يحكمون غزة، بدلاً من تسديد ضربة قاضية يُسكت فيها منتقديه. ومع ذلك، فإن آخر ما يريده نتنياهو أو يحتاجه، قبل الانتخابات مباشرة، هو حريق لا يستطيع السيطرة عليه.

تتفاقم مآزق نتنياهو، حسب "هآرتس"، بحقيقة أن منافسه الرئيسي في الانتخابات هو بيني غانتس، رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي، قاد الجيش خلال "عملية الحافة الواقية" في عام 2014، وهي المرة الأخيرة التي أُطلقت فيها الصواريخ على تل أبيب، ما قد يبدو فجأةً أكثر جاذبية للناخبين الإسرائيليين، من محاولات نتنياهو الفاشلة لاحتواء حماس، خصوصاً بعد الهلع السائد في تل أبيب.

وتخلص الصحيفة بالقول أن نتنياهو عالق بين الصخور والمكان الصعب، في أسوأ وقت ممكن: "إنه يدفع ثمن الحفاظ على دعم الحياة في غزة، بدلاً من البحث عن علاج أكثر أساسية ودائم لمشاكلها". ومع ذلك، هناك من يدافع عنه، ويقول بأن إسرائيل بشكل عام لا تعرف ماذا تفعل حيال غزة. وتُظهر التجربة أنه سواء كانت تظهر العدوانية أو ضبط النفس،  فإن غزة كابوس متكرر، يعود إلى تخويف إسرائيل بشكل دوري، خصوصاً عندما تكون الدولة العبرية أقل استعداداً.

أسوأ الكوابيس
وعلى صعيدٍ متصل بحالة الرعب التي تعيشها إسرائيل، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست"  تقريراً عن علي موسى دقدوق، المرافق السابق للسيد حسن نصرالله. يتحدث التقرير عن ظهوره المفاجئ بعد مرور ستة أعوام على إطلاق سراحه من سجن عراقي، لقتله خمسة جنود أميركيين، على بعد أميالٍ فقط من الحدود الإسرائيلية، عند مرتفعات الجولان السورية، باعتباره العقل المدبّر لمشروع حزب الله في الجولان.

تبوأ دقدوق مناصب قيادية عدة داخل الحزب، حين عُيّن قائداً لوحدة العمليات الخاصة. وأُرسل إلى العراق في العام 2005، بعدما طلبت إيران من حزب الله تشكيل مجموعة لتدريب العراقيين في البلاد، وساعدت على تدريب وتقديم المشورة لمقاتلي جيش المهدي، أي ما بات يُعرف بـ"عصائب أهل الحق"، وهو يقف وراء مقتل جنود غربيين في العراق في العامين 2006 و2007. وقد ألقت القوات البريطانية الخاصة القبض عليه في آذار العام 2007، حيث أمضى 5 سنوات في السجن وأُفرج عنه في العام 2012، على الرغم من الاعتراضات الأميركية الشديدة.

وقد اعتبر الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فيليب سميث، في حديثٍ للصحيفة، بأن ما يحدث يبعث برسالة قوية للغاية من حزب الله. فهو يتحدى الروس والأسد ويستغل أسوأ ما لديه، للتأثير على الأمور، في منطقة تشكل مجالاً رئيسياً يهدد الإسرائيليين. فدقدوق حالياً هو الأفضل عند الحزب نظراً لخبرته العسكرية الكبيرة.

دور روسي مريب
من جهته، نقل المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، عن مصدر استخباراتي إسرائيلي كبير، قوله أن إيران تحاول بكل قوتها تهريب الأسلحة إلى حزب الله، وبالأخص المعدات عالية الدقة والتي تهدف إلى تحسين نوعية ترسانته من الصواريخ. وقد يكون الكشف عن شبكة المجموعة في الجولان انعكاساً لعدم قدرة الجيش الإسرائيلي على مواجهتها. وهنا يذكّر هرئيل بما وعدت به روسيا صيف عام 2018، بإزالة القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية لمسافة 80 كم من الحدود. وهذا ما لم يحدث حتى الآن.

يلمح هرئيل بأن موسكو كانت تعلم بنشاطات الحزب في الجولان، ولكن كالعادة، فهي ليست المرة الأولى التي يخدع فيها بوتين نتنياهو. فمن المريح، بالنسبة لموسكو، أن كلا الطرفين يعتمدان عليها، وينتظران فترات طويلة لاتخاذ القرارات. وبذلك فإن إسرائيل عاجزة عن ممارسة ضغط حقيقي على روسيا، والحد من تدخلها العسكري في سوريا، بمجرد استقرار نظام الأسد.

عبر اللاذقية
وفيما يتعلق بتهريب المعدات للحزب، أفادت قناة "i24 " الإسرائيلية، بأن إيران أعادت إحياء طريق التجارة البحرية، لاستغلالها في تهريب المعدات والأسلحة.

وتنقل القناة عن مصادر استخباراتية قولها، إن غارة إسرائيلية حديثة على مصنع قرب ميناء اللاذقية، تابع لشركة حكومية سورية تُعرف باسم OTI، كشف عن الآلات والمواد المخزنة في الشحنات البحرية، المهربة من الموردين في إيطاليا والصين ودول أخرى في الشرق الأقصى. وبأن المعدات كانت مخصصة لبناء منشآت صواريخ الحزب الدقيقة.