شخصية العام 2019 في لبنان

يوسف بزي
الثلاثاء   2019/12/31
شابة/ شاب لبناني بملايين الوجوه (Getty)

من هو شخصية العام 2019 في لبنان؟ سيتبادر إلى الذهن فوراً جبران باسيل، الذي يذكرني بالشخصية الكرتونية "تازمنيان ديفيل" القادر على التهام كل شيء والفائق الحيوية إلى حد الهذيان.

لكن "مبادرة" يتيمة قام بها المتعجرف إلى حد الحماقة، محمد شقير، كافية لتنسينا أفاعيل ذاك العنصري الطائفي الموتور. ورغم أن شقير ليس لذيذاً كحبة شوكولا دافئة، إلا أن مرارته اللاذعة لا تُنسى كلما تلهج بكلماته، الاستفزازية لشدة غربتها عن مشاعر الناس. وهو يستحق بما اقترف أن يتحول "بطل" العام بلا منازع، مع كامل الامتنان لتفجيره الصاعق مساء 17 تشرين الأول.

نتردد باختيار شقير، لأن الأضواء سرعان ما خطفها "الحاكم" رياض سلامة، تماماً كما خطف أموال اللبنانيين وهو وعصبة المصرفيين، عمداً وعن سابق تصور. قرارات سلامة مثل هفواته وتصريحاته ومؤتمراته الصحافية: اقتراف الكارثة بدم بارد.. بأناقة يُحسد عليها.

ربما من الظلم أن نلقي تبعات "الجريمة" على مجرد موظف. بل ومن الظلم أن نتجاهل شخصية بقامة سعد الحريري، رئيس حكومة مؤلفة من شلل متخاصمة، فيما هو نفسه على منوال "بعضي يأكل بعضي" صباحاً ومساء. شخصية "درامية" يكنس الفشل تحت سجادة الفساد.

لا يستحق الحريري اللقب على كل حال، طالما نحن في زمن "العهد". فالرئيس عون جدير بالانتباه، خصوصاً في إطلالاته التلفزيونية في الشهرين الماضيين. لقد بدا جسده لا يلبي فائض نقمته وغضبه وتوتره، ولا يسعفه في مجاراة عناده وعنفوانه. مع ذلك كان مخيفاً أحياناً في إظهار استعداده الدائم للحروب السياسية. صحيح أن عهده انتهى معنوياً وسياسياً، لكن قوته على الإنكار والمكابرة تجعله حاضراً ومستمراً، رابضاً كمدفع مهيب.

قد يكون الحدث الأهم في حياة نبيه برّي منذ 6 شباط 1984، هو ما أصابه عام 2019، بما يؤهله أن يكون بحق شخصية العام بلا منازع، ولو بالمعنى الكئيب. فرئيس حركة "أمل" المتصدعة، والرئيس "المؤبد" للبرلمان، احترقت صورته في الجنوب عيانياً وجهاراً نهاراً. احترقت هيبته بغتة، كأن حجراً واحداً سقط كان كفيلاً بانهيار القلعة. أتباعه تكفلوا بالمزيد من تخريب سمعته على نحو فاحش ومفضوح. انكسرت كلمته مراراً في شهر واحد تقريباً. هذه المرة أُقفل مجلسه رغماً عنه. لقد جسد مشهد السلطة وهي تبتلع هزيمتها.

بات برّي يحمل لطخة من الصعب محوها. مع ذلك، اهتزاز الكرسي لم يؤد إلى السقوط.

الشخصية الأهم في لبنان بلا منافس جدّي هو حسن نصرالله. ليس لأنه البطل التلفزيوني دوماً، بل لأنه بطريرك الجمهورية وإمامها ورئيس غرفة عملياتها وقائد الحرب والسلم في الداخل والخارج. لكن ما يرشحه ليكون شخصية العام ليس هذه الصفات، إنما أخطاؤه التي كانت نادرة قبل سنوات وباتت متراكمة هذا العام. لوثة السلطة "الرسمية"، التورط في كواليس الدولة، جعلته ينغمس أكثر.. ينزلق إلى جمع التناقضات المفضوحة، إلى حدّ أنه خسر استثناءه من شعار "كلن يعني كلن". يا لإنجازات 17 تشرين.

هؤلاء كلهم (وأشباههم) كانوا "ضحايا" هذا العام. غير جديرين باللقب. غير جديرين بالتربع على رأس السنة.

من تفوق عليهم، وأطاح بصورهم، ومزق كلماتهم، وعلا صوته على ضجيجهم، وكسر سلطتهم.. شابة/ شاب لبناني بملايين الوجوه، بكل نضارة التغيير، وبراعة الخيال، ونقاوة الفكرة، وبساطة اللغة. الشابة/ الشاب اللبناني بكل القهر والطموح، بالرفض العلني، بالدم والدموع كان له/ا العام من آخره. وسيكون كل العام المقبل والذي يليه إلى آخر المستقبل.