حزب الله يخشى أن لا الحكومة بعد "وارسو"

باسكال بطرس
الخميس   2019/01/24
أساس تفاهم عون - حزب الله: "نأخذ في السلطة ونعطي في الاستراتيجيا" (أ. ف. ب)

في حين تحدّث الرئيس نبيه بري عن أجواء إيجابية، تحيط بعمليّة تأليف الحكومة العتيدة، معرباً عن تفاؤله بأن تثمر مساعي الرئيس المكلّف، سعد الحريري: "فترى الحكومة النور خلال أسبوع، لا بل أقلّ".. تفيد مصادر وزارية مطّلعة، بأنّ العقدة الفعلية ما زالت تراوح مكانها، ولا معطيات جديدة يُبنى عليها، إلا إذا كان ثمة طبخة مخفيّة، يحضّرها حزب الله، قد تنضج لاحقاً.

جواد عدرا آخر!
لم يعد يخفى على أحد أنّ صيغة الـ٣٢ وزيرا قد سقطت، فيما البحث يتركّز حاليّاً على "جواد عدرا" آخر. غير أنّ ذلك لن يشكّل الحلّ المثالي للمشكلة الحكومية، تقول المصادر، لأنّ مخرج "عدرا" سقط مع تمسّك الوزير جبران باسيل بأن يكون الأخير جزءاً لا يتجزّأ من تكتل "لبنان القوي"، أو من حصّة رئيس الجمهورية، فيما لا يبدو أنّ باسيل بوارد التراجع عن "الثلث المعطل". وخير دليل مواقفه الأخيرة، التي تدرج الثلث في سياق "الحق التمثيلي الطبيعي للتيار المسيحي".

وترى المصادر، أن لا حكومة طالما باسيل متمسّك بمبدأ "الثلث المعطل"، خصوصا أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كان قد أكد لباسيل، أمام الحضور في بكركي، بأن "حزب الله" لن يمنحه الثلث المعطّل. ومن المستبعد أنّ يبدّل في موقفه هذا خلال مدّة لا تتعدّى الأسبوع. إلّا إذا ارتأى ضرورة التنازل، مقابل التزامات استراتيجية لباسيل (والعهد) بالتطبيع مع سوريا وغيرها.

وارسو والأزمة المالية
في مطلق الأحوال، وبعيدا عن التكهّنات، فإنّ المناخات الإيجابية التي تمّ تعميمها في اليومين الأخيرين، لا تستند إلى واقع صلب، يؤشر إلى قرب ولادة الحكومة. ويبقى أنّ "الحل الوحيد، حسب المصادر، يتمثّل في "عدرا جديد" يحفظ ماء وجه باسيل واللقاء التشاوري معا، و"حزب الله" من خلفهما"، مشدّدةً على أن "لا شيء محسوما، بدليل أنّ الأمور سبق أن وصلت في المرّتين السابقتين، إلى حدّ صدور مراسيم التأليف، قبل أن تعود إلى المربّع الأول. وبالتالي، قد تكون المحاولة الجديدة نسخة طبق الأصل عن سابقاتها".

غير أنّ احتمال التوصّل الى مخرج لأزمة التأليف، يبقى وارداً وقابلاً للتحقيق، في ظلّ وجود عوامل عديدة قد تدفع مبدئيا في هذا الاتجاه، وعلى رأسها مؤتمر وارسو، الذي يخشى "حزب الله" ألا يتمكن من تشكيل الحكومة من بعده، وفق ما تؤكده المصادر.

إلى ذلك، تعتبر المصادر أنّ خفض وكالة "موديز" التصنيف الائتماني للبنان، يؤدّي تلقائيّاً إلى المزيد من الضغوط المالية، والتي ستحمل في طيّاتها مخاطر كبرى، وضغطاً مباشراً، يهدف إلى حثّ القوى السّياسية على الإسراع بتأليف الحكومة. هذا فضلا عن النقمة الشعبية، التي باتت تواجه العهد بتحميله مسؤوليّة العرقلة من جهة، ونفاذ صبر العهد، وعدم قدرته على احتمال المزيد من التأخير من جهة أخرى.

المقايضة
في المحصّلة، من الواضح أنّ كل ما يسعى إليه التيار هو تسجيل انتصار بانتزاع "الثلث المعطّل"، ولكن من الواضح أيضاً أنّ هذا الانتصار غير ممكن، سوى بتراجع الحريري أو "حزب الله" عن موقفهما. من جهته، يجد الحريري نفسه في موقف لا يُحسد عليه، وبالتالي يستحيل عليه التراجع الآن، وهو ليس بهذا الوارد أصلاً. الكرة إذاً في ملعب "حزب الله". فهل سيتنازل ويعطي باسيل جائزة ترضية مقابل تكفّله بملف التطبيع مع سوريا؟

سؤالٌ رهن الأيام المقبلة، خصوصاً وأنّ مواقف باسيل شبه اليومية في هذا الملف مثيرة للجدل، وقد تخفي في طيّاتها تطوراً ما أو اتفاقاً ضمنياً مع الحزب، بمقايضةٍ قد تظهر معالمها قريبا، وهي مقايضة شكّلت أساس ورقة تفاهم 6 شباط 2006: "نأخذ في السلطة ونعطي في الاستراتيجيا".