الحريري يحتمي ببرّي: الأزمة قد تفجّر النظام

المدن - لبنان
الثلاثاء   2019/01/22
صيغة الطائف كلها على المحكّ (حسن ابراهيم)
تتفاقم الضغوط السياسية طلباً لتشكيل الحكومة. وتكاد الأمور تفلت من عقالها. عاد التلويح بنظرية توجيه رسالة رئاسية إلى مجلس النواب إلى الواجهة. وهذا بالتزامن مع تلويح الرئيس ميشال عون بإعطاء مهلة زمنية محددة لحل أزمة التأليف.. وإلا سيوجه رسالة إلى مجلس النواب للبحث في سبب عرقلة تشكيل الحكومة. لا شك أن الحديث عن هكذا خطوات يهدف إلى الضغط على الرئيس سعد الحريري، الذي يرفض التنازل حتى الآن. وهو أطلق مشاوراته الجديدة لهذه الغاية، مع الوزير جبران باسيل. والأخير تمسك بطروحاته التي قدمها سابقاً، لا سيما منها تشكيل حكومة من 32 وزيراً.


دور النظام السوري
يرفض الحريري هذا الطرح بالمبدأ، خصوصاً أنه سيكرس وزيراً علوياً، كسابقة قد تؤسس لاعتمادها عرفاً، وهناك من سرّب أجواء بأن الحريري وافق على هذا الطرح، لكن بشرط أن يكون الوزير المضاف سنياً، أي أن يكون هناك 7 وزراء سنّة في الحكومة. الأمر الذي يرفضه كل من حركة أمل وحزب الله لما يمثّل اختلالاً موصوفاً في التوازنات في البلد. فيما مصادر قريبة من الحريري تنفي لـ"المدن" نفياً قاطعاً سيره بهذه الصيغة، أو موافقته عليها. وهناك من يعتبر أن الحريري يتقلّب بين نارين، يريد حكومة بأسرع وقت، وهناك محاذير تحول دون تشكيلها، بانتظار تبلور الوجهة الإقليمية.

بلا شك أن الضغوط التي بدأت بالتبلور حول توجيه رسالة إلى مجلس النواب، تصب في خانة واحدة، وهي استمرار الضغط من قبل خصوم الحريري عليه، وهناك من يعتبر أن النظام السوري ليس بعيداً عن هذا الضغط، خصوصاً في معرض تناول النائب جميل السيد بشكل عنيف لهذا الأمر، متحدثاً عن مهلة أسبوع لتشكيل الحكومة، أو أن يتم البحث في سبب عدم تشكيلها، التي يتحمّل الحريري جزءاً من مسؤوليتها، في جلسة تعقد في مجلس النواب، ولا تقف الأمور عند هذا الحدّ، إنما التلويح بالتصويت على إسقاط التأليف.

التخويف
لا شك أن لا أساس دستورياً لهذا الطرح، ولا يمكن إسقاط تكليف أي رئيس للحكومة. وضغط السيد تجلّى أكثر في ما يخيف الحريري أكثر، وهو تلويحه بأن الأساس في تحمّل مسؤولية عرقلة الحكومة، هو النظام اللبناني. ما قد يفسّره البعض بأنه تلويح لإجراء تعديل دستوري. وهذه فكرة كانت مطروحة سابقاً في أعقاب تأخر تشكيل الحكومة، هدفها وضع إطار زمني ووقت محدد للرئيس المكلف، بتشكيل حكومته خلال فترة معينة، وبحال لم ينجح فلا بد من تكليف بديل عنه.

الرسالة اللغم 
خطوة عون في إرسال رسالة إلى مجلس النواب إن حصلت، ستمثّل إحراجاً لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، وهو الذي تحرّك سابقاً لاجل تجنّب هكذا رسالة، كي لا يكون المجلس في وضع حرج، ولا يؤسس ذلك للضغط على الحريري. لكن برّي عاد واستاء من الحريري على خلفية تعاطيه في مسألة التشكيل، والموافقة مع طروحات الوزير جبران باسيل على تبديل الحقائب التي حصلت عليها حركة أمل.

بحال توجيه الرسالة من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، ستصبح الكرة في ملعب برّي، الذي سيكون قادراً على تلقفها وقذفها كيفما يشاء، باعتباره صاحب السلطة في مجلس النواب. فبإمكانه الاكتفاء بالتبلغ بالرسالة فقط، وأخذ العلم بها، كما بإمكانه الدعوة إلى جلسة لعقدها ومناقشة مضمونها، ما قد يدخل البلد في أزمة سياسية كبيرة، تنقسم حولها آراء النواب. وبعضهم من سيطرح مسألة إسقاط تكليف الحريري، وبالتالي انتقال الأزمة إلى مكان أكثر تعقيداً، يضع صيغة الطائف كلها على المحكّ. 

موقف برّي
تختصر مصادر متابعة ما يجري بأنه أزمة سياسية كبيرة يقبل عليها لبنان، بحال عدم إيجاد صيغة توافقية تخرج بتسوية ترضي الجميع، تجنّباً للذهاب نحو الأسواء، وهذا ما دفع الحريري إلى زيارة بري في عين التينة، والبحث في إمكانية إيجاد مخرج لتجنّب أزمة أكبر. وفيما غادر الحريري بعيداً عن عدسات الكاميرات، أكد برّي "الجو ناشط ومرتجى، والحريري بصدد تكثيف المساعي، ويأمل خلال أسبوع لا بل أقل، أن ترى الحكومة النور" وقال: "آن الأوان أن ترتفع الناس عن وسوساتها الداخلية ونزاعاتها الشخصية. صيغة الـ32 وزيراً غير مطروحة عند الحريري، وأعرف البلد وتكوينه ومصلحته وماذا يحتاج، خصوصاً والاعتداءات الاسرائيلية على أشدها، وأي تطور في وضعنا، حيث لا حكومة ولا من يفرحون، يشكل خطرا على مصير البلد.

وأشار برّي إلى أن لا مشكلة على الإطلاق بين "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" مع الحريري، وهو سيسعى حتى لو اقتضى الأمر القيام بجولة جديدة. وردّاً على طرح النائب جميل السيد لعقد جلسة لمناقشة سحب التكليف قال برّي: "علاقتي بالرئيس عون ممتازة وأعرف ما هي واجبتي، وما هي مكونات البلد، وما هي مصلحة البلد، وما يحتاجه البلد. وأكثر ما يحتاجه البلد هو حكومة." ولفت إلى أنه: "إذا ما صار.. الوعد قاطع" سوف نطلب انعقاد جلسة للموازنة، وقد نذهب أيضاً الى جلسات تشريعية.