لقاء بكركي: ليس لأحد أن يصنع هوية جديدة للبنان

المدن - لبنان
الأربعاء   2019/01/16
لقاء بكركي: الالتزام بمقتضيات انتماء لبنان إلى المنظومتين العربية والدولية (الوكالة الوطنية)

انعكس الخلاف السياسي، بين القوى السياسية المارونية، بشكل جليّ، في الاجتماع الذي دعا إليه البطريرك الماروني، بشارة الراعي، في بكركي. اختصر رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، فحوى اللقاء، ومساعي التيار الوطني الحرّ في فرض غطاء ماروني، على ما يطالب التيار بتحقيقه، في عملية تشكيل الحكومة، ألا وهو الثلث المعطل. واعتبر فرنجية إنه إذا ما تخلى باسيل أو رئيس الجمهورية عن وزير واحد يمكن للحكومة أن تتشكل فوراً. لافتاً، خلال سجال مع النائب زياد أسود، إلى أنهم لم يحضروا إلى الصرح البطريركي لأجل منح رئيس الجمهورية الثلث المعطّل. لكن عضو "لبنان القوي" النائب آلان عون، أوضح بعد الاجتماع أنه لم يحصل جدال إنما نقاش.. ولكل وجهة نظره.

لا توافق
كلام فرنجية يوضح فحوى الخلاف الحكومي، الذي يتشعّب ليطال مجالات متعددة. وهذا ما سعى باسيل إلى اكتسابه من خلال اللقاء. لكن لم يتم التوافق عليه، بل أُحيل إلى لجنة متابعة، جرى تشكيلها، وتضم ابراهيم كنعان، جورج عدوان، سامي الجميل، اسطفان الدويهي، فريد الخازن، وهادي حبيش.

وقد اطلق الراعي عنوان "انقاذ الوطن" للقاء، لحثّ المعنيين بتأليف الحكومة على ‏الإسراع في مهمتهم، وتجنيب البلاد منزلقات خطيرة، قد تواجهها، إذا استمرت حال المراوحة القائمة. وأكد الراعي في كلمته الافتتاحية أن "اجتماعنا كموارنة من أجل لبنان وجميع اللبنانيين"، لافتا إلى خطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية، وخطورة وجود النازحين السوريين، مؤكداً أن "الأزمة السياسية الراهنة تكمن في أساس هذه الأوضاع الخطيرة، ومن أسبابها عدم تطبيق اتفاق الطائف والدستور المعدل بموجبه"، موضحا أن "اجتماع اليوم هو للتباحث، من أجل توحيد الرأي حول كيفية الخروج من حال الخطر السياسي والاقتصادي والمالي والمواضيع كافة"، معتبرا أن "الوحدة اللبنانية اليوم مهددة"، داعيا إلى أن يكون "هذا اللقاء ملتئما بصورة دائمة لدرء الخطر عن الوطن الحبيب".

وأكد عضو تكتل "لبنان القوي"، النائب ابراهيم كنعان، بعد لقاء بكركي أن "البيان الصادر عن الاجتماع يعبر عن الكثير من المسائل التي تجمع المسيحيين"، وأضاف: "النقاط العالقة ستتابع بجدية وعمق لتصغير رقعة الاختلاف". ورأى كنعان أن "الجميع تمثل بلجنة المتابعة. والبيان يعبر عن الجميع، وهناك نقاش حصل. لكن بلا تشنج"، وتابع: "القضية الوطنية المسيحية ليست ملكاً لأشخاص بل للمسيحيين واللبنانيين".

احترام الدستور
البيان الختامي للاجتماع أعلن أن المجتمعين تبنوا مضمون الكلمة الافتتاحية للبطريرك الراعي، وأن لبنان، المجتمع والدولة، نشأ من التلاقي الحضاري والإنساني العميق، بين المسيحيين والمسلمين من ابنائه، وذلك منذ تلاقي هاتين الديانتين على أرضه. وهوية لبنان التاريخية هذه، التي تعكس كيانه الروحي العميق، هي التي طبعت دستوره، وليس لأحد ان يصنع للبنان هوية جديدة مغايرة لحقيقته.

كما أبدى المجتمعون "تعلّقهم بالوحدة الوطنية، وبالميثاق الوطني، والعيش مع شركائهم في الوطن، وبحسن إدارة التعددية، على أساس الشراكة الوطنية العادلة والمحقّة والمتوازنة، وتمسّكهم باحترام الدستور وسيادة الدولة، ورفض كل ما من شأنه المسّ بتوازن ​المؤسسات الدستوري،ة​ وصلاحيات كل منها، وفي مقدمتها ​رئاسة الجمهورية،​ بما هي رئاسة للدولة ورمز لوحدة الوطن. لأن احترام الصلاحيات المناطة بمسؤولي الدولة، والتعاون المتكافىء بين السلطات الثلاث، يحمي الدستور ويخدم مصلحة الوطن والناس، ويعزز مناعة الدولة وهيبتها". وشددوا على "التمسّك باستقلالية القرار الوطني وبمصلحة لبنان العليا، في صياغة علاقاته الخارجية، والالتزام بمقتضيات انتمائه إلى المنظومتين العربية والدولية، حتى لا تتشوَّه هوية لبنان، ويصبح في عزلة عن محيطه العربي والدولي".

الأرض والحرية
ودعا المجتمعون إلى "وجوب تطبيق الدستور، نصًا وروحًا، ورفض تحويل أي استباحة له إلى عرف جديد، واعتبار المؤسسات الدستورية الإطار الوحيد لمناقشة الأزمات السياسية، وحلِّها، ورفض جميع الأساليب التي تهدّد بالانقلاب على الدولة، أو السطو على قرارها"، مؤكدين أن "حضور المسيحيين في لبنان ودورهم الفاعل فيه، ومحافظتهم على الأرض وعلى الحرية هي شروط لاستمرار "لبنان الرسالة" كنموذج للتعددية والتنوع والحرية والديموقراطية".

وطالبوا "الاسراع بتشكيل حكومة وفق الدستور وآلياته. حكومة منتجة وتشكل حافزا لدى ​المجتمع الدولي​ لمساندة لبنان. والتعاون مع ​رئيس الجمهورية​ ورئيس ​الحكومة​ المكلف، اللذين أناط بهما الدستور عملية التأليف، حتى لا يبقى لبنان عرضة للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". كما نددوا بـ"الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة لسيادة لبنان، ومواجهة خطرها بمزيد من التضامن الوطني، تحت سقف الدولة، والمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية، ورفض أي محاولة لتوطين ​اللاجئين​ الفلسطينيين في لبنان وتأكيد حقهم في العودة".

وجدد المجتمعون دعمهم لـ"الجيش اللبناني و​القوى الأمنية،​ للقيام بواجبهم في الدفاع عن لبنان وحفظ أمنه وسيادته"، مشيرين إلى "ضرورة القيام بكل ما من شأنه تأمين عودة ​النازحين السوريين​ إلى أرضهم، بأسرع وقت. والتأكيد على حقهم في العودة الآمنة إلى أرضهم، لأن النزوح بات يمثل تحديًا وجوديًا جديًا، ويعرّض هوية لبنان وكيانه لخطر بليغ، وقد أصبحت معالجته ملحّة".

لجنة متابعة
كما شددوا على "ضرورة التعاطي بمسؤولية بالشأنين الاقتصادي والمالي، لمواجهة ما يهدد أمن المواطنين الاجتماعي، والسعي المشترك الفاعل، لضبط حسابات المالية العامة، ووقف الهدر، و​مكافحة الفسا،د​ لخفض العجز في ​الموازنة​. فالناس تئنّ من ​البطالة​ و​الفقر،​ والمؤسسات تقفل أبوابها، وشبابنا يهاجر مرغما". ودعوا إلى "تشجيع ​الشباب​ المسيحي ومساعدته على الانخراط في مؤسسات الدولة والإدارات العامة​ المدنية والعسكرية والأمنية".

وأكد المجتمعون "التزامهم بالوجدان الماروني وثوابته الوطنية التاريخية، وخصوصًا لجهة العلاقات التي تجمعهم على قواعد المسالمة والغفران والتعاون، بالرغم من تعدد الخيارات السياسية. وتعهدوا مواجهة التحديات المقلقة المذكورة أعلاه، وتنظيم وتنسيق أطر وآليات مواجهتها، عبر تشكيل لجنة متابعة تضم ممثلين عن الكتل النيابية المشاركة في اللقاء، تباشر أعمالها فورًا، لاستكمال البحث في النقاط التي طرحت في خلاله، على أن تعقد اجتماعات موسعة لاحقًا في ضوء نتائج عملها. واللجنة مؤلفة من النواب السادة: ​ابراهيم كنعان​، ​جورج عدوان​، ​سامي الجميل​، ​اسطفان الدويهي​، ​ميشال معوض​، ​فريد هيكل الخازن​، و​هادي حبيش​"، وجددوا التزامهم "بشرعة العمل السياسي في ضوء تعاليم الكنيسة وخصوصية لبنان" الصادرة عن ​البطريركية المارونية​".