هكذا يُنقل التلاميذ إلى المدارس: مافيات ولا أمان

مريم سيف الدين
الأحد   2018/09/09
خلاف بين لجنة الوقاية من الحوادث المدرسية وقوى الأمن (Getty)

مع بدء العام الدراسي، يبحث أهالي التلاميذ عن وسيلة لنقل أبنائهم من المدراس وإليها. وغالباً ما يختار الأهل الوسيلة التي تناسب وضعهم المادي وأوقات عملهم. فيما تهمل سلامة التلاميذ، في معظم الأحيان. فالمشاهد اليومية للتلاميذ في الآليات التي تقلهم، تظهر استخفافاً بصحتهم الجسدية والنفسية. وتظهر مخالفة القانون الذي يحدد شروط نقل التلاميذ. فنشاهد أطفالاً يخرجون رؤوسهم وأيديهم من النوافذ، وباصات مكتظة بأعداد تفوق سعتها، وأطفالاً يجلسون في وضعيات غير سليمة، بلا أحزمة أمان، لتنتهي الرحلة بمشهد التلاميذ يعبرون الشارع بمفردهم ودون حماية.

العديد من باصات المدارس لا تلتزم بالشروط. لكن مراقبتها وتحميلها المسؤولية يظل أمراً ممكناً. بينما الأخطر هو أن التعهد بنقل التلاميذ بات أشبه بعمل حر يمكن لأي كان ممارسته. فيكفي امتلاك أي شخص سيارةً أم حافلة، ليتفق مع الأهل، ويبدأ عمله في نقلهم. وتسهل الأسعار التنافسية الأمر.

ويشير رئيس اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية جو دكاش، إلى وجود مافيات مسيطرة في بعض المناطق، تحتكر نقل الطلاب من دون الالتزام بشروط السلامة، وتستخدم الآليات نفسها المستخدمة في عملها في النقل العام. وهي لا تتوافق وشروط نقل التلاميذ. إذ يشترط أن يكون علو الشباك محدداً، بشكل يمنع الطفل من إخراج يده أو رأسه من النافذة. إضافة إلى تزود جميع المقاعد بأحزمة أمان تثبته في مقعده، ووجود 3 مخارج، أحدها في السقف، يستخدم في حالات الطوارئ. ويشترط القانون المتعلق بنقل تلاميذ المدارس وجود مراقب مسؤول في كل وسيلة نقل، مكلف من إدارة المدرسة في حال كانت المدرسة تملك هذه الوسيلة أو تستأجرها، أو من مالك هذه الوسيلة في الحالات الأخرى. ويشدد دكاش على أهمية وجود المراقب. إذ يفترض به أن يراقب التلاميذ والسائق أيضاً، ويتأكد من تركيزه أثناء القيادة وعدم تلهيه بهاتفه أو بأمور أخرى. كذلك، التأكد من تصرف السائق بشكل لائق أمام التلاميذ.

يتفاوت التزام المدارس الخاصة بهذه الشروط، فيما هي غائبة في المدارس الرسمية، حيث لا جهة تضبط النقل، ولا رقابة على طريقة وصول وعودة التلاميذ، وفق دكاش. ولا احصاءات واضحة عن عدد التلاميذ الذين يتعرضون لحوادث نتيجة لهذا الاهمال.

يلقي دكاش المسؤولية على جهات عدة. فـ"للجان الأهل في المدارس دور رقابي يفترض أن تقوم به. وللبلديات سلطة يمكنها ممارستها من أجل ضبط الآليات والحفاظ على سلامة التلاميذ. وقد اتخذت بلديات عدة، منها بلدية جبيل، إجراءات لتأمين سلامة التلاميذ".

يظهر تقصير وزارة التربية في ضبط الظاهرة انطلاقاً من المدارس. فيما لا تبدو قوى الأمن بالصرامة المطلوبة، خصوصاً أن هذه الباصات تعمل تحت أنظار عناصرها. ويشير دكاش إلى خلاف في وجهات النظر بين اللجنة وقوى الأمن في هذا المجال. إذ ترفض قوى الأمن حجز الآليات بحجة رفض تعريض حياة التلاميذ للخطر نتيجة إنزالهم من الحافلة. بينما ترى اللجنة أن في الامكان نقل التلاميذ إلى آلية أخرى، وحجز الآلية المخالفة لردع المخالفين.

ويشير مصدر في قوى الأمن الداخلي، لـ"المدن"، إلى دور وزارة التربية والتعليم في هذا الموضوع. إذ "يفترض بالوزارة إرسال مفتشين إلى المدارس. فيما يقتضي دور قوى الأمن متابعة مخالفات السير. وهي تتحرك لدى ورود شكاوى إليها عن حافلات مخالفة تشكل خطورة. وفي هذا الإطار سطرت قوى الأمن عدة محاضر ضبط"، يقول المصدر. ويؤكد المصدر مسؤولية المدارس ولجان الأهل أيضاً، مشدداً على استعداد قوى الأمن للتدخل لدى ورود أي شكوى تتعلق بحماية الأطفال. فهي بدأت منذ نحو عامين العمل مع المدارس وزيارتها بهدف التوعية على شروط السلامة.

من المستبعد ايجاد أي إجراء يضمن سلامة التلاميذ. رغم ذلك، تبقى الباصات المخالفة أكثر أمناً من الدراجات النارية، التي يستخدمها بعض الأهل لاصطحاب أبنائهم إلى المدرسة. ويبقى اختيار وسيلة نقل آمنة أقل كلفة من تعريض حياة الأطفال للخطر.