ردم شاطئ صور يثير عاصفة:حزب الله ليس على الحياد

صفاء عيّاد
الجمعة   2018/08/03
فاجأ رئيس البلدية المجلس والمدينة باقتراحه ردم البحر (Getty)
مشروع استحداث رصيف للدراجات الهوائية على الشاطئ الجنوبي لمدينة صور، الممتدد من الجامعة الإسلامية وصولاً إلى استراحة صور، أثار موجة رفض وغضب عارمة في المدينة، من فعالياتها النيابية والبيئية والاجتماعية. فما قصة استحداث رصيف وردم أجزاء من البحر، ومن يقف خلف المشروع؟ وما حقيقة تلزيم منطقة شاطئ الجمل إلى شركة بهدف الاستثمار الخاص؟


وفق عضو بلدية صور الدكتور غسان فران، أطلع رئيس بلدية صور حسن دبوق المجلس البلدي على طلبه الموجه إلى مجلس الانماء والاعمار للعمل بمشروع ردم البحر على الكورنيش الجنوبي بمحاذاة جادة الرئيس نبيه بري، بمساحة تقدر بين 5 و7 أمتار. وذلك بحجة إقامة ممر للدراجات الهوائية. ويشير فران إلى أن أعمال الردم ستشمل امتداد الصخور الحالية وزيادة أمتار عدة إليها، مضافاً إليها صخور الدعم. أما إلى جانب استراحة صور، حيث لا توجد صخور، فسيتم ردم 7 أمتار من الشاطئ الرملي.

الاعتراض الحاصل يفنده فران في حديث إلى "المدن" في 4 نقاط:

أولاً، المشروع الذي فوجئ به الجميع، يبرره دبوق بأنه قائم منذ المجلس البلدي السابق. علماً أن 40% من أعضاء المجلس الحالي كانوا موجودين في المجلس السابق، ولا علم لديهم بالمشروع.

ثانياً، أعمال الردم ستشمل الشاطئ التاريخي للمدينة، الذي تآكل سابقاً بفعل سرقة الرمول والبناء في فترة الفوضى. علماً أن الرمول التي بدأت بالتجمع على الشاطئ أصبحت ملاذاً لرواد المنطقة، الذين لا يترددون إلى منطقة الخيم البحرية (أي الشاطئ المحاذي لاستراحة صور).

ثالثاً، المنطقة الممتدة من الجامعة الإسلامية حتى رأس الجمل في الناحية الجنوبية الغربية للمدينة هي منطقة أثرية، لأنها تحتوي على بقايا مدينة صور البحرية الغارقة تحت الماء. بالتالي، أي ردم للشاطئ الجنوبي من شأنه أن يؤثر سلباً على هذه الكنوز الأثرية والتاريخية.

رابعاً، لا توجد أي دراسة للأثر البيئي أو المسح الأثري للمشروع. ولم يناقش المشروع في المجلس البلدي بشكل جدي، "كأنه ممنوع إبداء الرأي". علماً أن المجلس البلدي طلب من مجلس الإنماء والإعمار تنفيذه، في حين كلف الإنماء والإعمار مكتب المهندس رفيق خوري تقديم الدراسات.

الموسوي يقود الاعتراض
حملة الاعتراض هذه قادها نائب مدينة صور نواف الموسوي، الذي يرفض أن يحاول البعض تمرير أي مشروع لا يخدم أهل المدينة ومصالحهم. ويؤكد، لـ"المدن"، أن حزب الله اتخذ قرراً بأن يكون شريكاً في القرارات المصيرية التي تتعلق بحاضر المدينة ومستقبلها. ويستغرب الموسوي "حصر المشاريع الانمائية والسياحية في شارع واحد في المدينة، وترك الشوارع الأخرى من دون اهتمام. فهل تنشيط السياحة يقوم على تغيير معالم المدينة؟"، مشيراً إلى أن صور ستشهد تحركات احتجاجية "وسأكون في مقدمتها للوقوف ضد المشروع".

هذه الاتهامات يرد عليها نائب رئيس المجلس البلدي صلاح صبراوي، بعد تعذر التواصل مع دبوق. يقول صبراوي إن الردم محصور بتوسعة الرصيف بمساحة تراوح بين 2 إلى 5 أمتار، لاستيعاب أكبر قدر من المتنزهين في المدينة. وأعمال الردم ستشمل رص الصخور، ولن يتم العبث أو التأثير على المدينة التاريخية الغارقة في المياه. ويؤكد أن المشروع في طور الدراسة في مجلس الانماء والاعمار.

أما في ما يخصّ تلزيم منطقة الجمل لشركة خاصة بهدف الاستثمار، فيقول صبرواي إن المشروع هو استكمال لمشروع الارث الثقافي، بعدما قدمت وكالة التنمية الفرنسية مبلغاً إضافياً للمشروع من أجل إنشاء مصافٍ صحية لتكرير المياه المبتذلة في الخيم الموجودة في المكان.

وقد تناقلت أوساط في المدينة أن حزب الله سيتصدى لأي مشروع تمرره حليفته حركة أمل، وسط غمز بدور رئيس اتحاد بلديات صور ورئيسها حسن دبوق، المحسوب على حركة أمل، في تمرير العديد من المشاريع من دون عرضها على المجلس البلدي.

ماذا عن قانون حماية المحمية؟
يشرح رئيس جمعية الجنوبيون الخضر هشام يونس أن الردم هو استمرار لانتهاك هوية المدينة الطبيعية والثقافية، وتغيير معالمها الطبيعية. ذلك أن إضافة أي عنصر إلى محيطها الحيوي ستكون له تداعيات بيئية واسعة. فالأشغال تستوجب إعداد تقريرين لتقييم الأثر البيئي، الذي نص عليه قانون حماية البيئة 444، خصوصاً أن الشاطئ هو امتداد لشاطئ محمية صور الطبيعية من جهة، ومنطقة رأس الجمل الطبيعية من جهة أخرى. أي أنه يقع في الوسط، حيث تنشط السلاحف البحرية المهددة بالانقراض وأنواع بحرية عديدة أخرى.

ويؤكد يونس ضرورة إعداد تقييم للأثر التراثي لموقع الارث الثقافي العالمي، وفق اتفاقية حماية مواقع الارث الثقافي والطبيعي العالمي، خصوصاً أن لجنة آثار صور أدرجت الشاطئ ضمن قائمة مواقعها منذ العام 1979، وأوصت بإقامة منطقة حماية بحرية حوله.

بالتالي، فإن المشروع يُخالف كل القوانين البيئية التي صادقت عليها بلدية صور. فكيف لها أن تسمح بتمرير مشروع يغير معالم المدينة الطبيعية الفريدة من نوعها؟ وكيف تطالب بلدية صور بإدراج مدينتها كمدينة سياحية وهي تعمد إلى تخريب محتوياتها الأثرية وطمر معالمها البحرية؟

ترجمت موجة الاعتراض على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ برز هاشتاغ #لا_لردم_شط_صور، وسط دعوات لزائري المدينة وقاطنيها بالمشاركة في الدفاع عن حقهم بالشاطئ وعدم تحويله إلى مشاريع سياحية مع نشر صور تظهر جمال الشاطئ.