مدارس الأونروا مستمرّة رغم تراجعها.. ولكن

أحمد الحاج علي
الجمعة   2018/08/17
نحو 32 ألف طالب فلسطيني مسجل في مدارس الأونروا في لبنان (Getty)

يعيش اللاجئون الفلسطينيون منذ عام، على الأقل، خوفاً حقيقياً من توقف العملية التعليمية في مدارس وكالة الأونروا. وزادت من هذه المخاوف تحذيرات أممية على مدار أشهر، أطلقها بشكل خاص المفوض العام للأونروا بيير كرينبول ومدير عملياتها في قطاع غزة ماتياس الشمالي. وتشرف الأونروا على 711 مدرسة، يرتادها 526 ألف طالب فلسطيني.

لم تبدد تلك المخاوف ما أعلنه كرينبول خلال جلسة استثنائية للجنة الاستشارية للأونروا في عمّان، الخميس في 16 آب 2018، عن بدء العام الدراسي في موعده في مناطق الأونروا الخمس، وهي: الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة والأردن ولبنان وسوريا.

ولم يجلب هذا الإعلان اطمئناناً كافياً، إذ استدركه بالقول: "مع إعلاني اليوم فتح المدارس وبدء العام الدراسي، أود أن أكون واضحاً بأن الأونروا ومهما بلغ الخيال مداه لم تخرج من حالة الخطر. فمنذ كانون الثاني 2018 تمكنت الأونروا من تحصيل 238 مليون دولار أميركي كتمويل إضافي. وهذا مشجع جداً. ولكن، نحن لدينا حالياً تمويل يكفي لإدارة عمليات الوكالة حتى نهاية شهر أيلول فحسب".

أضاف: "نحن بحاجة إلى 217 مليوناً ليس لضمان فتح مدارسنا فحسب، إنما لضمان استمرارها متاحة حتى نهاية هذا العام. ما يتطلب الاستمرار بحزم في الجهود الجماعية لحشد الدعم، والتي تواصلت منذ كانون الثاني".

ويعتبر المدير العام لمنظمة ثابت لحق العودة سامي حمّود، في حديث إلى "المدن"، أن الأونروا، ومن خلال هذا الإعلان "تمارس سياسة الضغط النفسي على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، محاولة أن تدفع بهم إلى تقديم تنازلات مستقبلية مؤلمة، لا تقود إلى وقف العملية التعليمية، بل تفرغها من مضمونها. وذلك من خلال القبول بإجراءات تكدّس التلاميذ بالصفوف، وتخفّض ميزانية التعليم، وعدد المعلمين. والحصيلة ستكون نسبة تسرّب مضاعفة".

ويؤكد حمّود أن الأهم من إعلان المفوض العام "هو تراجع الأونروا عن قراراتها الجائرة بحق نحو 1000 موظف في قطاع غزة تم إيقافهم عن العمل، وعدم تقليص العديد من الخدمات المقدّمة للاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في لبنان".

ودعا مدير منظمة ثابت لحق العودة "مختلف مكونات الشعب الفلسطيني في مناطق اللجوء الخمس إلى الاستمرار في الضغط على المجتمع الدولي، لتحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين الفلسطينيين إلى حين العودة. وأيضاً ضرورة استمرار التحركات الشعبية والسياسية والإعلامية في مواجهة سياسة الأونروا بتقليص خدماتها، والضغط عليها للتراجع عن قراراتها السابقة"، معتبراً أن "بقاء وكالة الأونروا هو الأهم بالنسبة للفلسطينيين، كشاهد حي على النكبة".

في لبنان نحو 32 ألف طالب فلسطيني في مدارس الأونروا. ولوحظ أن السلطات تحرّكت في مناطق الأونروا كلها ما عدا لبنان، كان صوته الرسمي خافتاً، رغم المخاطر التي تحملها خطوة إغلاق المدارس في حال تقررت. وكان الأردن الأعلى صوتاً واحتجاجاً، حيث يتواجد فيه نحو نصف الطلاب الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة.

قد يحتج لاجئ فلسطيني في مخيم عين الحلوة أن ما يعنيه هو مضمون العملية التعليمية، ضارباً مثلاً بأنه في العام الدراسي 1952-1953 اجتاز الامتحانات الرسمية في مدرسة عين الحلوة 29 طالباً من مجموع 31، حين كان يديرها أحمد اليماني (أبو ماهر)، وكانت في عام تأسيسها الأول. اليوم لا تتجاوز نسبة النجاح في الشهادة الرسمية في المدرسة نفسها 40%.

في مخيم برج البراجنة، لا تختلف الصورة أيضاً. إحصاء قبل سنوات، أظهر أن عدد الأساتذة الجامعيين ممن سكنوا المخيم، قد تجاوز الأربعين أستاذاً. كلّهم تقريباً كانوا من خريجي ما قبل العام 1982. قد تكون الحروب المتتالية أثّرت بشكل كبير في العملية التعليمية، لكن لا يشك اللاجئون في أن مستوى التعليم داخل مدارس الأونروا قد تراجع بشكل لافت، وهو ما تعكسه إحصاءات الوكالة نفسها. لهذا يرى العديد من اللاجئين أن رفع مستوى التعليم في مدارس الأونروا لا يقل أهمية عن إعلان كرينبول باستمرار عملها.