لقاحات الأطفال: منافسة الأطباء والصيادلة ترفع الأسعار

مريم سيف الدين
الأحد   2018/08/12
يتحجج الطرفان بالقانون ومصلحة المواطن لتعزيز حججه (علي علوش)

يدور تجاذب بين نقابة الصيادلة في لبنان وأطباء الأطفال بشأن الحق في حفظ اللقاحات وحقنها. ويؤكد نقيب الصيادلة جورج صيلي، في حديث إلى "المدن"، ندرة توفر اللقاحات في الصيدليات. ويشير إلى احتكار يمارسه الأطباء لبيع اللقاحات في عياداتهم. ما يكلف الأسرة اللبنانية مبالغ إضافية، وفق صيلي. "إذ تدفع العائلة المؤلفة من 3 أطفال نحو 1000 دولار كلفة اللقاحات في حال حقنها في صيدلية، كما هو متبع في 123 دولة. أما في حال حقنها لدى الطبيب فترتفع الكلفة. إذ يتقاضى الطبيب بدل معاينة، ويضيف إليه ثمن اللقاح وفق السعر الذي يحدده هو".

يتحدث صيلي عما هو أسوأ من رفع الكلفة: "تحفظ اللقاحات المخزنة لدى الأطباء من دون رقابة على تاريخ انتهائها وشروط تخزينها. في المقابل، تخضع للرقابة في الصيدليات. أما الوكلاء والشركات الذين يبيعون اللقاحات، فباتوا يتعاملون مع الأطباء مباشرة. وقد حاولت نقابة الصيادلة حل المشكلة عبر توقيع بروتوكول مع الشركات المعنية، لحصر بيع اللقاحات في الصيدليات. لكن وزارة الصحة ترفض التوقيع عليه". ويرى صيلي في رفض الوزارة التوقيع قبولاً في استمرار خرق المادة 78 من قانون تنظيم مهنة الصيدلة. وهي تحصر الحق ببيع وصرف الدواء بالصيدلي. ويلمح إلى ضغوط تمارس من الأطباء لحث الوزارة على عدم التوقيع، "خوفاً من الخسارة التي ستطاول أطباء الأطفال في حال أقر".

من جهته، يعارض طبيب الأطفال، الدكتور برنارد جرباقة، ممثلاً نقابة الأطباء، كلام صيلي. ويقول إن القانون يحصر الحق بحقن اللقاح بالطبيب. ويروي أن اللقاحات في لبنان منذ 50 عاماً تعطى لدى الأطباء بموجب العرف والقانون، معللاً السبب بأن الطفل بحاجة إلى فحص معين قبل حقن اللقاح. أما عن مصدر اللقاحات فينفي أي تعامل مع الشركات، مؤكداً أن الأطباء يشترون اللقاحات من الصيدليات. يضيف: "لكن بعض اللقاحات يحصل عليها الأطباء مجاناً ولا يأخذون ثمنها. والجمعية اللبنانية لطب الأطفال تطالب وزارة الصحة بتزويد الأطباء بمزيد من اللقاحات المجانية لمنحها مجاناً للمريض. لكن الطبيب حر في فرض بدل المعاينة الذي يريده. علماً أن نصف اللبنانيين يلجأون إلى المستوصفات لتلقيح أبنائهم مجاناً أو بسعر رمزي".

لكن، وزير الصحة غسان حاصباني، الحكم بين الطرفين، ينفي في حديث إلى "المدن" وجود أي حصر لبيع اللقاحات في عيادات الأطباء. ويؤكد توزيعها في الصيدليات، حيث يشتريها الأطباء. ويعتبر أن بعضهم يقوم بحفظ اللقاحات لديه ليسهل على المريض شراءها. لكن حاصباني يعترف أن أسعار الصيدليات مراقبة من جانب الوزارة، في مقابل عدم مراقبة ما يتقاضاه الأطباء. لذلك، يرى أنه من الأفضل للمريض شراء اللقاح من الصيدلية، "إلا إذا اختار الطبيب بكامل معرفته". يضيف أن الطبيب يقدم خدمة لبعض اللقاحات التي لا يمكن حقنها أو اعطاءها من دون إشرافه. ووفق حاصباني: "يجب على المريض ألا يدفع سعراً أعلى للدواء. لكن المنطق يسمح للطبيب باستعادة تكاليفه. وليس هناك من تعرفة محددة لذلك". وإذ يعترف حاصباني بعدم مراقبة الأسعار التي يفرضها الأطباء، يشير إلى توفر اللقاحات مجاناً في أكثر من 200 مركز رعاية صحية، على الأراضي اللبنانية.

يتحجج كل من الطرفين بالقانون ومصلحة المواطن لتعزيز حججه. في حين يبدو أن المصلحة تحكم موقف كل طرف. فنقيب الصيادلة لم يكن ليعترض لو أن الأطباء يشترون فعلاً اللقاحات من الصيدليات. والأطباء لو أرادوا، لأثبتوا اهتمامهم بمصلحة المواطن عبر الموافقة على تحديد تسعيرة لكل لقاح.