أطباء بلاحدود: عظام الجرحى في غزة تتحول إلى غبار

صفاء عيّاد
الثلاثاء   2018/07/31
بعد 100 يوم من المواجهات المستمرة وصل عدد الجرحى إلى 17 ألف جريح (Getty)

في غزة وحدها يتحول العظام إلى غبار، نتيجة اعتداءات العدو الإسرائيلي خلال مواجهته مسيرات العودة، التي انطلقت في 30 آذار 2018. إذ تعمد الإاحتلال إطلاق النار على الأجزاء السُفلية من أجساد الفلسطينيين، للفتك بها وتحطيمها.

ووفق الطواقم الطبية التي تعمل مع منظمة أطباء بلا حدود في غزة، التي عقدت جلسة نقاش مساء الاثنين في 30 تموز 2018، في دار النمر في بيروت، فإن 95% من الجروح الناجمة عن الطلقات النارية كانت في الأطراف السُفلية. فالرصاصة التي تخترق الجسد تحدث جُرحاً عند خروجها في الجسم أوسع قليلاً من الجرح الناجم عن دخولها فيه. ويؤدي جرح إخراج الرصاصة إلى تلف غير اعتيادي في الأنسجة الرخوة والعظام. وفي نصف الإصابات التي وصلت إلى العيادات والمستشفيات، كانت الرصاصات تخترق العظم، وتسبّب كسوراً متعدّدة. ما يعني أن العظم تحول حرفياً إلى غبار.

بعد 100 يوم من المواجهات المستمرة، وصل عدد الجرحى إلى 17 ألفاً، بينهم 6500 جريح بطلق ناري ورصاص القنص الإسرائيلي. ومنهم 12 ألف حالة بحاجة إلى عمليات ترميم. أما الهدف من هذه الإصابات فهو "العطب وليس القتل، وجعل الفئة العمرية بين 15 و25 عاماً، التي تخرج في مسيرات العودة، عبئاً على نفسها وعائلتها وعلى مجتمعها. وتدمير القدرة الإنتاجية للفئة الشابة في قطاع غزة". هكذا، يختصر رئيس قسم الجراحة التجميلية والترميمية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور غسان أبو ستة الواقع الذي عاينه خلال وجوده في غزة أخيراً. ويشير أبو ستة إلى أن 50% من الحالات تصاب بإعاقات دائمة.

وتحدث المديرة التنفيذية لمكتب أطباء بلا حدود الإقليمي في لبنان  جيهان بسيسو، عن التحديات التي تواجه الطواقم الطبية التابعة للمنظمة في غزة. وأهمها النقص في المعدات والاحتياجات اللوجستية، بسبب الحصار المفروض على غزة. وتحاول المنظمة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وعدد من الجمعيات الأهلية الفلسطينية العمل على مساعدة بعض الحالات الصحية الحرجة لتلقي العلاج خارج قطاع غزة، في الأردن وتركيا. إلا أن الحصار الإسرائيلي والإجراءات المشددة للحصول على تراخيص تعرقل عملها. فقد تمكنت 6 حالات فقط من الخروج من قطاع غزة في العام 2018.

وفي تقرير عن واقع المستشفيات في غزة وعمل أطباء الجراحة، تحدث جراح العضل والعظام سيمون أوستلينج عن القدرة الاستيعابية الضئيلة للمستشفيات، وقلة عدد الغرف مقارنة بعدد الجرحى. بالإضافة إلى الوضع المضطرب الذي يسود المستشفيات حين تستقبل في يوم المواجهات بين 300 و400 مصاب. ووفق أوستلينج، يكون إجراء الجراحة معقداً للغاية بسبب الافتقار إلى بعض المواد والتجهيزات، وضرورة التركيز على الحالة الطبية التي يجري لها الطبيب العملية ونسيان الحالات الأخرى الموجودة خارج غرفة العمليات. ويشير أوستلينج إلى أن أغلب الاصابات تحتاج إلى عدد من العمليات الجراحية على مدى سنة أو سنتين، ناهيك عن المتابعة المستمرة والعلاجات الفيزيائية والنفسية للمصابين.

وتحاول المنظمة عدم إغفال الشق المنسي في قطاع غزة، أي الصحة النفسية للسكان الذين يعيشون في سجن كبير، وفق بسيسو. إذ تقدم المنظمة علاجاً نفسياً للأفراد والأسر. وتشير بسيسو إلى أن المنظمة تقدم برنامجاً أولياً عن الصحة النفسية لعدد من المتضررين جراء الحرب، يكون عبارة عن جلستين للأشخاص غير القادرين على التردد باستمرار إلى العيادات.