المفوضية العليا للاجئين تردّ على باسيل: لم نتبلغ رسمياً

وليد حسين
الجمعة   2018/06/08
أوقف باسيل طلبات الإقامة لمصلحة العاملين في مفوضية اللاجئين (ريشار سمور)

يبدو أن لبنان الرسمي بدأ مرحلة جديدة في "التطبيع" مع النظام السوري، بعدما كان الأمر قد اقتصر منذ نحو عام على محاولات قام بها بعض المسؤولين المقربين من النظام. ففي السابق شكّل موضوع عودة اللاجئين السوريين مادة للنزاع بين القوى السياسية. فبعضهم كان يصرّ على حلّ مسألة العودة عبر التفاوض مع الأمم المتحدة ووفق شروطها، بينما ذهبت القوى السياسية المقربة من النظام السوري إلى المطالبة بالتنسيق معه لبدء مرحلة العودة.

اليوم، رغم معاندة بعض الأفرقاء السياسيين، يبدو أن مقاربة أركان الدولة للملف السوري بدأت تأخذ اتجاهاً جديداً أُفتتح بمرسوم التجنيس الذي شمل بعض الأشخاص المقربين من النظام السوري، وأستُكمل بالرسالة التي وجهتها وزارة الخارجية اللبنانية، باسم الدولة اللبنانية، إلى مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان. وقد طلبت الخارجية من المفوضية أن "تبادر خلال مهلة محددة إلى تسليم لبنان خطة توضح الإجراءات التي ستتخذها لإطلاق مسار العودة"، لاسيما أن "الوضع في العديد من المناطق داخل سوريا بات يسمح بالعودة الآمنة والكريمة للنازحين".

أما جديد القرارات اللبنانية فتمثّل في بدء مرحلة جديدة في التعاطي مع الهيئة الأممية عبر اجراء لجأ إليه وزير الخارجية جبران باسيل، الجمعة في 8 حزيران 2018، بايقاف طلبات الإقامة لمصلحة العاملين في المفوضية.

لم تكن وزارة الخارجية تنتظر الجولة التي قامت بها المفوضية على مخيمات اللاجئين، للتأكّد من أن عودة نحو 3500 لاجئ أتت طوعية، لاسيما أن تهديدات باسيل للهيئة الأممية بدأت منذ نحو شهر، على أثر صدور بيان بروكسيل 2. لكن ما بادرت إليه المفوضية، من خلال القيام بدورها، عبر طرح بعض الأسئلة والمخاوف على هؤلاء اللاجئين، لاسيما أن عودتهم لا تتمّ بحماية أممية، كان بمثابة "قطرة المياه التي كسرت كأس" باسيل. فهل زيارة المفوضية للمخيمات كانت طبيعية وضرورية؟ وما هو رد المفوضية على مراجعات الدولة؟ وكيف سترد على الاجراءات التي أتخذها باسيل؟ وهل أصلاً مراجعات الدولة تسلك المسار القانوني الصحيح؟

أكّدت الدائرة الإعلامية في المفوضية، في تعليقها على أسئلة "المدن"، أنها "لم تتسلم بشكل رسمي الاجراءات التي اتخذها باسيل. بالتالي، تنتظر التبليغ لتبني على الشيء مقتضاه". وفي ما يتعلق بمراجعات الدولة، أكّدت المفوضية أنها "تحترم دائماً القرارات الفردية للاجئين بالعودة إلى ديارهم، ولا تعارض العودة التي تتم بناء على قرار الأفراد. وهي تحترم سياسة الحكومة اللبنانية المتمثلة في اعتبار أن الاندماج ليس خياراً للاجئين في لبنان، وهي لا تعمل عكس ذلك. وهدف المفوضية يتمثّل في إيجاد حلول مستدامة للاجئين خارج لبنان والعودة إلى الوطن بما يتماشى مع المعايير الدولية. وعندما يعبّر اللاجئون عن نية العودة إلى ديارهم، تحاول المفوضية متابعة تحضيراتهم".

وفي ما يتعلق بالمقابلات التي أجرتها مع اللاجئين، تعتبر المفوضية أن "إجراء المقابلات مع الذين يعتزمون العودة يساعد في متابعة وضعهم في سوريا. وهذا جزء من المسؤولية العالمية للمفوضية، لإيجاد حلول مستدامة. فالمفوضية هي منظمة إنسانية غير سياسية ولديها ولاية للحماية، والعمل على ايجاد الحلول، ودورها هو دعم الدول التي تستقبل اللاجئين وضمان احترام كرامتهم وسلامتهم".

أما الدكتور في القانون الدولي شفيق المصري فقد أكّد أن مطالبة الدولة المفوضية بمراجعة مقاربتها لموضوع عودة اللاجئين لا يسلك مساره القانوني الصحيح. فقد كان يجب على الدولة مراجعة الأمين العام للأمم المتحدة وليس المفوضية. فالأخيرة جهاز تنفيذي يقوم بتنفيذ القرارات الدولية، وتستطيع تجاهل الرد على المراجعات لكونها جهة تعمل على تطبيق القانون فحسب. لذا الاعتراض على المفوضية لا يؤدي إلى نتيجة. وفي حال أرادت الدولة تكثيف المراجعة عليها أن تعتمد قنوات أخرى غير المفوضية.

كما أن لبنان، وفق المصري، أخطأ في قبول تسجيل النازحين لدى المفوضية. إذ باتوا بعد التسجيل لاجئين. أي أنهم باتوا يتمتعون بحماية قانونية وبرعاية المفوضية، ووفق مقتضيات قانون اللجوء الصادر في العام 1951. والمفوضية هي الجهة المكلفة بحسن تطبيق هذا القانون، الذي يفرض أن تكون العودة طوعية. بمعنى، أنه على اللاجئ أن يشعر بأن لا ضغوطات تمارس عليه، وعلى المفوضية أن تتأكد من انتفاء أسباب الخوف أو القلق في أماكن العودة. بالتالي، عودة اللاجئين يجب أن تمرّ عبر المفوضية التي يجب عليها أن تتأكّد من سلامتهم، وبمعزل عن اعتراضات الدولة حتى لو كانت الأخيرة تعتقد أن شروط الحماية مبالغ فيها.